الاتحاد المغاربي والقمة العربية .. جدلية الفشل؟ 2/2
عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr
وكان لافتا أن مصر التي استقبلت رئيس الجزائر عبد المجيد تبون في زيارة أُخوة وعمل للقاهرة يومي24و25 الشهر الماضي (يناير) تلبية لدعوة من الرئيس عبد الفتاح السيسي، قد أصرّت على التنصيص بأن «الأمن القومي العربي كل لا يتجزأ، بما يقتضي التضافر والتضامن العربي لصونه، وتفعيل آليات العمل العربيالمشترك»، إضافة إلى الدعوة إلى «التنسيق خلال الفترة المقبلة لتفعيل آليات العمل العربي المشترك في إطار جامعة الدول العربية»…رسالة أخرى من القاهرة بعثتها عبر سفارتها من الرباط! في اليوم الذي حطت فيه طائرة الرئيس الجزائري في مطار القاهرة الدولي، صرح السفير المصري بأن موقف بلاده مع وحدة المغرب الترابية وموقفها من قضية الصحراء واضحٌ لا غبار عليه. وهو ما لقي رجع صدى سلبياً في المشهد السياسي والإعلامي الجزائري، من مواقع كثيرة.
توقيت القمة، الأول أو المنتظر، نقطة خلاف مسطرية وسياسية، فقد أعطى الرئيس السيسي للرئيس تبون ما جاء من أجله، أي الترحيب «باستضافة الجزائر القمة العربية»، وفي الوقت نفسه، كان الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، حسام زكي، قد أعلن أنّ القمة لا يمكن أن تعقد في شهر مارس. وقضية التوقيت خلافية، ففي وقت يشار فيه إلى أنّ الموعد سيكون بعد شهر رمضان، يؤكد المغرب أنّ موعد القمم منصوص عليه في الميثاق الخاص بالجامعة العربية ولا يمكن تغييره. وفي هذا، يشهر وزير خارجية المغرب نص الميثاق «المجلس هو أعلى سلطة فيجامعة الدول العربية، وينعقد على مستوى قادة الدول العربية، (ينعقد فيشهر مارس من كلّ عام). وتعقد جامعة الدول العربية بين الفينة والأخرى اجتماعات طارئة على مستوى القمة كلما دعت الحاجة لذلك»، فهل سيكون المخرج اجتماعا طارئا عوض قمة عادية؟
كيفما كان الحال، يبدو أنّ القمة المؤجلة لا تواجه فقط خلافاً حول التوقيت، بل ما هو أعمق من ذلك. ومايحرّك الجزائر، بالنسبة للمغاربة، ليس تأكيد نفسها قوة عربية قادرة على تحقيق الحد الأدنى من الجدّية والقوة فيالمساعدة على ترتيب البيت العربي، بل إثبات ريادة عربية وإقليمية فيمواجهة جارها الغربي، ما دام هذا هو صلب دبلوماسيتها في القارّة الإفريقية وفي غرب المتوسط وفي الأمم المتحدة.
ولم يسبق أن طال نزاع عربيعربي كما المغربي الجزائري، وصار يلقي بالظلال القاتمة أكثر من أي وقت مضى على المواقف العربية. وهنا نصل إلى رسالة دول مجلس التعاون كلها أو كل واحدة منها على حدة في هذا الصراع، كما حالها مجتمعةً في بيان مساندة المغرب في قضيته الترابية، أو حالها فردية كما هو حال قطر التي جدّدت دعمها للوحدة الترابية بشأن مغربية الصحراء، فالقوى الحقيقية فيالعالم العربي، الأكثر تماسكاً والأكبر بناء تتمركز فيالخليج العربياليوم، وأكبر تجمع عربي، على الرغم من بعض الخلافات في الملف الإيراني وقضايا اليمن، يتمثل في مجلس التعاون الخليجي.
ولعلّ المغرب كان حاضراً بشكل قوي فيالمصالحة الخليجية، من خلال موقفه النبيل مع قطر وإبقائه على علاقاته الواضحة والأخوية ببقية العواصم الخليجية أكثر من عواصم أخرى، منها الجزائرالتي ظلت مشلولة الدبلوماسية طوال سنوات الرئيس عبد العزيز بوتفليقة وسنوات الحراك، وتريد أن تستأنف هذا الدور العربي، بغير قليل الطموح المبالغ فيه، بهدف تحييد دور المغرب على الساحة العربية.
وختاماً، هناك جدلية بين الإصلاح في الداخل والإصلاح في الخارج، ويعرف مراقبون سياسيون جزائريون أنّ بلادهم ليست لها «أجندة إصلاح» واضحة، وتعيش بصعوبة فيكلّ المحافل الدولية، من مجلس الأمن إلى الاتحاد الإفريقي إلى جامعة الدول العربية… كما أنّ ما يخيف أن تكون الجدلية الوحيدة التي تربط بين الاتحاد المغاربي والقمة العربية هي جدلية الفشل، لا قدّر لله.
الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr - بتاريخ : 17/02/2022