الاتفاق المرحلي : ضربة معلم

عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr

هل يمكن أن نعزو الخاتمة الإيجابية للتفاوض والحوار بين وزارة التربية الوطنية والنقابات، إلى قوة التنسيق النقابي بين الهيئات الأكثر تمثيلية أم هي نتيجة حكمة وتبصر من لدن الوزير؟
في الواقع قد يكون من الاجدى أن نجعل من الإرادتين، والمَلَكتين: الحكمة والوحدة، القاعدة التي أوصلت الحوار، في ظرف قياسي على كل حال، إلى نتيجة ترضي الطرفين.
والملاحظات هي أن نتائج الحوار بخصوص مشاكل كانت تعتبر معضلات كبيرة، بلغة الصادق الرغيوي، ممثل النقابة الوطنية للتعليم (فدش)، هي نتائج ما كان لها أن تتحقق لولا تلاقي الطاقات الإيجابية.
فالأمر يتعلق بقرارات مصيرية ومطالب جوهرية منها بالأساس مراجعة النظام الأساسي الحالي لموظفي وزارة التربية الوطنية، وإحداث نظام أساسي محفز وموحد يشمل جميع فئات المنظومة التربوية في غضون سنة 2022.
علاوة على ذلك توصل الطرفان إلى تسوية الملفات المطلبية ذات الأولوية، من قبيل ملف أطر الإدارة التربوية، وملف المستشارين في التوجيه والتخطيط التربوي، وملف أساتذة التعليم الابتدائي والإعدادي المكلفين خارج سلكهم الأصلي، وملف أطر التدريس الحاصلين على شهادات عليا، وملف أطر التدريس الحاصلين على شهادة الدكتوراه…
هي نقط ودمل كانت تؤزم الوضع التعليمي في بلادنا، وعليه لا بد من الوقوف عند درجة العمل الوحدوي النقابي على خلق شروط النجاح في قضايا كانت تبدو مستعصية، وهنا لا بد أيضا من رفع القبعة للقيادات النقابية، كما للوزارة، التي ساعدت على تقوية المحاور المؤسساتي الممثل في هذه الهيئات.
ولطالما كان العجز عن ايجاد حلول مرضية مع المحاورين المؤسساتيين سببا في انفلات المبادرة من هذا المحاور وانتشارها في الشارع العام، وجعل القرار، بخصوصها، بيد معبرين غير مؤسساتيين ليست دوما وجيهة.
خيار تصليب المحاور النقابي الشرعي، ضربة معلم حقيقية، وخيار عميق، ربما أصبحنا في حاجة إليه في كل القطاعات بدون رهان قوة غير مبررة، كما يحدث في العدل، وتلك قصة أخرى…
النقط التي تمت جدولتها في المستقبل القريب، لا شك أنها ستعالج من النظرة نفسها والنضج نفسه،
وستكون قد وضعت أسسا جديدة لإخراج القطاع من اللحظة الثورية الدائمة المطلبية المستمرة إلى قضايا ذات بعد تربوي وأخرى »حوكمية«( من الحكامة).
لقد اختار بنموسى عنوان الثقة في تدبير العلاقات الملتهبة في المدرسة، والتي كان قراره تسقيف السن في التوظيف قد خلق مبررا آخر للقلق، ليس في الأوساط التعليمية التي تعد جزءا من المواطنين بل في الأسر والقطاعات الطلابية وخلافهما…
وفي اختيار الثقة أعتقد أنه قرر تفعيل شرط من شروط التوظيف الإيجابي لتوصيات اللجنة التي كان يرأسها، لجنة النموذج التنموي الجديد.
طبعا، لا يمكن أن نحمل الاتفاق المرحلي أكثر مما يحتمل، فهو كما يدل عليه اسمه مرحلي وجزئي ما زالت بعض عناصر التوتر في المدرسة الوطنية لم تدرج فيه، لكن من المحقق أن رسالته تتجاوز مرحلتها إلى عمقها في الظرف الراهن.
ومع كل التنسيب الإجباري في موضوع كهذا، فإن ثلاثية الوحدة والحكمة والثقة، بامكانها أن تمسح سحب القلق والغضب والنزاع، وتفسح المجال لأفق أفضل بالنسبة لقضية إشكالية اسمها التعليم في المغرب…

الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr - بتاريخ : 20/01/2022