الاستحالة في الدولة السادسة

عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr

خرج الرئيس الموريتاني، في تصريح صحفي يمهد به لرحيله عن سدة الرئاسة، يقول فيه بأن الدول القوية لا تسمح أو لن تسمح بدولة سادسة في منطقة المغرب الكبير …

وكان من الأجدى للرئيس الموريتاني أن يجنح إلى تبرير رفض الدولة السادسة في المغرب الكبير إلى حقائق التاريخ، وبداهة الانتماء، وإلى قوة الشرعية الترابية للمغرب ودعامات الجغرافيا في إقامة الدليل على الحق المغربي..
بيد أن تصريح الرئيس الموريتاني، هو بحد ذاته، احالة على استحالة، قد تتطلبها سلامة العالم، بالنسبة للعديد من العواصم التي لها رأي في هذه الكرة الأرضية، والتي تصنع القرار، كلما كانت هناك مدعاة لذلك..
وهذه الحقيقة، يعرفها الرئيس الموريتاني، كما تعرفها الكثير من العقول التي تصنع القرار في المنطقة المذكورة، كما تعرفها مواطن القرار الأممي.
بالنسبة للدول الكبرى، أو التي تكون لها كلمة حول استقرار العالم، في مناطق عديدة، هي في الوقت ذاته قبلة كل من له قضية، سلبا أو إيجابا..
والقضايا العادلة وأكثر من غيرها تكون موضوع باليه ديبلوماسي، ومجهودات وبناء علاقات داخل أروقة الدول الكبرى..
ومازال الحق، منذ تأسيس الأمم المتحدة يطلب القوة لمساندته
سواء قوة الاقناع
وقوة القضية
وقوة المصالح أيضا..
والمنطقة، ليست منطقة مهملة، يمكن ان توفر الدول الكبرى على نفسها تعب البحث فيها.
فلنا كل دول العالم الفوقي، في مجلس الأمن عواصم تهتم اهتماما عن كثب.. بكل تطوراتها، لا سيما وأن هذه المنطقة هي، في التوازنات الدولية، وأمام التحديات الكبرى – الارهاب، الهجرة، الجريمة المنظمة – صارت عمليا، هي الحدود الجديدة لدول كثيرة، ولقرارات،. كما هو حال أوروبا.
وعليه تبني الدول المعنية مصلحتها ومصلحة من يجاريها على استقرار المنطقة.
وبذلك تكون دولة سادسة عنصر لااستقرار، وارتباك جيواستراتيجي، وعنصر مساعد على كل الآفات التي سردناها أعلاه.
إنها بوابة ، بل عتبة لكل الانفجارات التي قد تعصف بالسلم والتوازنات..
إلى ذلك، فإن دولة سادسة رفضتها تقارير عديدة بمبعوثين خاصين مكلفين بملف الصحراء المغربية، ومن ذلك مإقالة بيتر فالسوم، عندما أعلن بكامل الوضوح ..
ففي تقريره الذي قُـدّم يوم الاثنين 21 أبريل 2008أي منذ قرابة 11 سنة، يوما بيوم، قال بيتر فان فالسيوم في مذكِّـرة إلى مجلس الأمن تتضمّـن ملاحظاته وتقديراته لتسوية النزاع، «إن استقلال الصحراء الغربية ليس خيارا واقعيا»، داعيا «الدول الخمس عشرة، أعضاء المجلس، إلى التوصية بمواصلة المُـفاوضات، مع الأخذ بالاعتبار الواقع السياسي والشرعية الدولية” وأن “الذي يهُـمّ هو التوصّـل إلى توافُـق بين هذين المبدأين».
وأوضح «لقد أحسَـست بالحاجة إلى إعادة التأكيد على هذه الخلاصة، المتمثِّـلة في أن استقلال الصحراء الغربية ليس هدفا قابلا للتحقيق، لأنه يبدو أن هذه الخُـلاصة قد تمّ حجْـبها خلال مُـفاوضات مانهاست، مع أن هذه الحقيقة التي تفرِض نفسها اليوم، كانت هي أساس مُـسلسل المفاوضات الجارية حاليا»، مشدِّدا على أنه يرفض «الفكرة التي مؤداها أن أخذ الواقع السياسي بعيْـن الاعتِـبار يشكِّـل تنازُلا أو استسلاما».
واليوم والمفاوضات تستأنف بجنيف، لا بد من استحضار لا واقعية الموقف المؤدي إلى فكرة دولة سادسة.. واعتبار أن الواقعية، كما يطلبها المغرب تقتضي النأي عن أي دولية وهمية تعطل الحل.
ولم يكن بيتر فالسوم وحده، بل هناك قيادات جزائرية نفسها، اعتبرت، بعد نهاية الخدمة أن الموضوع ليس ذا بال حقا..
ومن بينهم وزير الدفاع السابق خالد نزار الذي أعلن «معارضته «قيام دولة في الصحراء الغربية».
وقال نزار، في حديث نشرته «لا غازيت دوماروك» الصادرة في الدار البيضاء في مارس 2003، أن الجزائر “ليست في حاجة إلى دولة جديدة على حدودها» ..
ورفض خالد نزار فكرة تقسيم الإقليم التي كانت سبباً في تأزيم العلاقات المغربية – الجزائرية . وقال: «اننا بصدد البحث عن فضاء مغاربي. ولا نريد كما يقول بعضهم الاقتسام مع المغرب. لكننا نعتمد سياسة مصالحة»…
وعليه، فإن القناعات بلاجدوى دويلة جنوب المغرب، تكتمل في كل لحظات الوضوح.
ومن عناصر التجديد في الموقف الدولي ما حدث في العراق وفي اسبانيا:
في دولة الرافدين، رفضت الأمم المتحدة، التي تأسست على قاعدة تقرير المصير، ما أسفر عنه استفتاء استقلال كردستان..
وهي المرة الأولى التي لا تكتفي الأمم المتحدة بالامتناع عن الاشراف على الاستفتاء بل تدعو صراحة إلى رفض نتائجه !!.
وفي اسبانيا، الدولة المعنية بكل ما له علاقة بالموارد البشرية للاستفتاء، فقد رفضت الدولة المركزية ، وعلى رأسها الملك فيليب وباقي مكونات السياسة والسيادة استقلال إقليم كاطالوينا، وسيكون من الخزي السقراطي أن الدولة التي رفضت استفتاء في بلادها أن تقبل به في منطقة من مستعمراتها السابقة..
طبعا المغرب حسم الأمر
وحسم الموقف، لكنه يرى في قناعات من هذا القبيل عنصر ترجيح عقلاني للبحث في الصيغة المغربية المطروحة للنقاش أي الحكم الذاتي…

الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr - بتاريخ : 20/04/2019