التوزيع العادل للاختصاصات بين الجهة والدولة
عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr
كان في اختيار أكادير عاصمة للجهوية، رمزية مضمرة، تستقيها ولا شك من خطاب المسيرة الأخير،.
وقتها أعاد ملك البلاد الحديث عن قدرة الجهوية على خلق أفق جديد للسياسات الترابية والعمومية في المغرب، كما أعلن تحويل أكادير إلى صرة المغرب الجديد، وتغيير عاصمته «الجغرافية» ،بعد استرجاع بلادنا لثلثي أراضيها في الصحراء المغربية.
ما من شك أن هذا التساوق بين الرمزية والتوجه الترابي الجديد القادم، كان له معنى في اختيار المدينة.
وقد يكون أيضا لمركزية سوس العالمة في الوعي الوطني، السياسي منه والترابي والعلمي وما إلى ذلك..
ولربما كانت الندوة، الأولى من نوعها فرصة أولى لكي نتأمل حدود المملكة الجهوية التي نسعى لبنائها، بإرادة ملكية عميقة تذهب إلى حد تغيير طبيعة الدولة، كما نأمل دوما.
غير أن أكادير قد فتحت أمامنا مشهدا آخر، وعلمتنا أن أمام الجهوية المتقدمة في بلادنا، أهداف كبرى، منها على وجه الخصوص
– العدالة المجالية
– العدالة الاجتماعية عبر تقليص الفوارق الاجتماعية والمسهمة في حلها.
ولكي تكون الجهوية قادرة على رهانين بهذا الحجم، عادة ما يكونان أفقا لدول بكاملها، وبرنامجا لكل سياساتها العمومية، فإن الأمر يتوقف على درجة تحقيق درجة عالية من… العدالة في الاختصاصات.
بما يعني ذلك، توزيع حكيم للاختصاصات بين الدولة والجهات
بين القطاعات المركزية والجهات
وبين الجهات نفسها، عندما يتعلق الأمر بالاستفادة من تقدم الجهوية!
وقد كانت المناظرة، أمام دعوة ملكية إلى تقييم عملها، من جهة الاختصاصات ومن جهة التعاقدات الواجب تنزيلها بين الدولة والجهات..
وعليه،
– وفي باب التقييم: ما الذي مارسته الجهات من اختصاصاتها، وفي أي حدود؟
وكم هي الجهات التي عملت بالفعل على تفعيل بند النجاعة في التقييم لنصف سنة من الولاية الحالية؟
– وفي باب التعاقد اليوم، ما الذي يمكن تسطيره كمكتسبات الآن في تفعيل التعاقد بين الدولة والجهات وحدود العدالة في الاختصاصات، وتقوية أداء الجهات وتمكينها من القدرة الميدانية على ممارسة اختصاصاتها بالأساس، كما في تفعيل برامجها الجهوية؟
أمامنا واقع أساسي، وحجر الزاوية فيه، هو العمل الميداني والتنفيذ الفعلي للعقود البرامج بين الدولة والجهات..
وقد كان لافتا أنه لم يتم التوقيع على هذه العقود البرامج في آخر لحظة، بالرغم من أن الحديث عن هذا التوقيع كان ساريا، بل كان منطقيا أن يدور حديث من هذا القبيل في هذه المناسبة الكبرى، والتي لن نرى مثلها قبل سنتين تامتين!
وقد يمكن قراءة عدم التوقيع بنوع من التردد في مساعدة الجهات على تنفيذ برامجها التنموية، بمعنى آخر جعل تنفيذ البرنامج الجهوي للتنمية pdr غير قابل أو على الأقل صعب التنفيذ في غياب التزامات القطاعات الحكومية ببعض بنوده، كالطرق والنقل المدرسي والفوارق والتصنيع الخ..
يمكن القول مع خلاصات المناظرة أن» التوقيع على الإطار التوجيهي لتفعيل ممارسة اختصاصات الجهة بين أعضاء من الحكومة والجهات الاثنتي عشرة بالمملكة، شكل إحدى أهم لحظات الجلسة الافتتاحية لهذه المناظرة. ويهدف هذا الإطار التوجيهي إلى العمل بمخرجات الدراسة المتعلقة بتدقيق وتفصيل الاختصاصات، ذاتية كانت أو مشتركة، وبالتالي تسريع وتيرة ممارسة الجهة لهذه الاختصاصات وانخراط كل الأطراف في عملية تنزيلها وفق خصوصيات كل جهة والإمكانيات المالية والبشرية المتاحة».
لكن لا أحد ينكر الطابع «الرمزي» لهذه الخطوة، لاعتبارين أساسيين :
– أولا هذا التوقيع ليست له أي آثار قانونية، بالمعنى الذي يحدد الاختصاصات والتوقيت بنقلها إلى الجهات المعنية، أي الدليل العملي والزمني لفعل ذلك.
– ثانيا: يبدو أن التوقيع كان بمنزع التحريض الإيجابي على استلهام المبادئ العامة المحفزة في مضامين الدراسة..
وهو نوع من التحسيس، أكثر منه خطة عمل أو أسلوب عمل modus operandi بمخرجات قانونية وإدارية وبشرية …..
الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr - بتاريخ : 24/12/2019