الجنرال الذي «شنق روحه»!!

عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr
الخروج الأخير لرئيس أركان الجيش الجزائري سعيد شنقريحة، يوم الخميس الأخير بمقر أركان الجيش الوطني الشعبي عند استقباله «واين القاسم »، الممثل الخاص للأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة في مالي، يستوجب ملاحظات أولية..
المناسبة شرط، كما يقول العقلاء، المنزهون عن العبث، لكن السيد شنقريحة، لا يبدو أنه منهم، فهو اغتنم لقاء حول مشكلة في الساحل، ليتحدث عن وسواس جزائري محض، لا يمكن أن يكون عتبة للحل في بلاد الجهاديين والانقلابات والصراع المسلح.
وقد اعتبر أن المدخل لكل ذلك، هو إقحام موضوع الصحراء المغربية في اللقاء بلغة عدائية مناهضة لا علاقة لها بمهام المبعوث الأممي.
ومن الواضح أن المبعوث الأممي سيسأل نفسه: وما دخل البعثة في قضية مغايرة تماما عن موضوع جدول أعمال الأمم المتحدة في مالي؟
وقد عكس حقيقة الدور الذي يلعبه، كقائد عسكري، بحيث أنه قام بدور ديبلوماسي يقوم به عادة وزراء الخارجية أو رؤساء الدول، وكشف الأولوية في التراتبية المؤسساتية، ولمن الدور المركزي والمسؤول عن القرارات الفعلية في اتخاذ القرار.
غير أن أهم سياق يمكن فيه مناقشة هذا الخروج، هو أن اللقاء، يأتي بعد انسحاب فرنسا من المنطقة و» تكليف «الجيش الجزائري بمهام الجيش الفرنسي، وقد سبق لنا أن أشرنا إلى اللقاء الذي تم بين المسؤولين الفرنسيين وشنقريحة الذي كشفته الصحافة الفرنسية نفسها.
وقد كانت «جون افريك» قد كشفت عن اللقاء، في قصاصة «سكوب»، شبيهة بالقصاصة التي نقلت خبر نزول زعيم الانفصاليين الغالي إبراهيم بن بطوش بمطار لـ«وغرونيو» بإسبانيا قصد الاستشفاء، بهوية مزورة، كما هو معروف، في سياق زمكاني يدعو إلى التأمل:
فالزمان كان زيارته للمشاركة في فعاليات الندوة التاسعة للأمن الدولي، يومي 23 و24 يونيو بموسكو، والمكان هو فدرالية روسيا.
فقد توجه إلى موسكو لكي يكذب اصطفافه في المنظومة الروسية للدفاع.
وكان من اللافت ثانيا أن البيان كان طويلا عريضا، ولكنه اكتفى باللغة الإنشائية في النفي والعموميات.
واستند، كما هو الحال دوما، إلى ثوابت الخطاب الرسمي وخطاب المؤامرة، حيث أن البيان أكد أن «وزارة الدفاع الوطني تُكذّب قطعيا هذه الافتراءات التي جاءت بها هذه المجلة المعروفة بتوجهاتها التي تخدم جهات معادية للجزائر، وتؤكد أن هذه الأخبار الكاذبة ما هي إلا محاولة يائسة تهدف للتأثير على الرأي العام، خاصة في المناسبات والمحطات الوطنية الحاسمة التي تشهدها بلادنا«!!!!.
ولم يستطع أن يكذب ما كتبته يومية «لوموند» في السياق ذاته، في ملف ثقيل حول الدور الإقليمي، الذي تطمح الجزائر أن تلعبه… والتعاون مع فرنسا فيه.
وهو الدور الذي يبدو أنه تعزز بمنح الجيش الجزائري الضوء الأخضر للعمل خارج الحدود.
وكانت المهام الخارجية للجيش قد تمت حديثا المصادقة عليها في الدستور الجديد لأول مرة في تاريخ الدولة، التي اعتبرت عدم التدخل ( الرسمي والظاهر ) في مهام عسكرية خارج حدودها عقيدة ثابتة.
وقد كسرت هاته العقيدة، من أجل التدخل في الساحل، ومالي كعتبة لهذا التدخل.
والواضح من كلمة الجنرال شنقريحة أن مهمة ودور الجزائر الجديد، ليس هو حل معضلة مالي بل توجيهه ضد المغرب.
بل اغتنام هذا الدور، في قيادة عملية صريحة لمناهضة المغرب…
الواضح أن سعيد شنقريحة، الذي يمثل صلب النظام العسكري، شنق روحه من قديم بعقدة المغرب، فلم يتحدث عن أي معضلة في ذهنه سوى ما يعتبرها قضية الصحراء، وفي الوقت الذي كان الجميع يسائل النظام حول العجز في إطفاء لهيب الحرائق، نجد أنه يعد بإشعال الحرائق في المناطق الساحلية والمغاربية…
الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr - بتاريخ : 16/08/2021