الجنرال «تبوقريحة» في متاهاته..!

عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr
البلاغ الذي أصدرته الرئاسة الجزائرية حول ادعاء قتل المغرب لثلاثة مواطنين، ليس بلاغا بل هو أول إطلاق لنار لحرب في عقل الجنرالات المجانين..
والرئاسة الجزائرية، تعتبر العملية «اعتداء من الجيش المغربي»، خلال رحلة ربط بين نواكشوط في موريتانيا وورقلة في الجنوب الشرقي للجزائر، مع التهديد بأن «الاعتداء» لن يمر دون عقاب.
والغريب أن الاتهام سبق … إعلانها التحقيق في الموضوع !!
فالبيان يقول إن السلطات الجزائرية «اتخذت على الفور التدابير اللازمة للتحقيق حول هذا العمل المقيت وكشف ملابساته» !..
ومع ذلك هناك بعض الملاحظات لا بد منها :
-البلاغ لا يختلف عن سابقيه، من التدبيجات العسكرية لدولة الدبابات، مع تدقيق بسيط، هو أن الذي اتهم المغرب بإحراق القبايل وما خلفته من عشرات القتلى، تكون تهمته لنا ب3 قتلى أقل حدة بنسبة كبيرة!
-البلاغ يقول إن مدنيين قتلوا في بير لحلو وهي منطقة محكومة باتفاقيات عسكرية…بالقرب من الحدود الموريتانية وشرق الجدار الرملي، كيف إذن دفعوا بمدنيين إلى هناك؟
الأنكى من ذلك، هو أن الدولة الحاضنة لإرهاب الانفصاليين، تفرض تعتيما كبيرا على المنطقة التي كانت موضع تقرير الأمين العام للأمم المتحدة الأخير، والذي عرضه على أنظار العالم ومجلس الأمن..
وقد ورد في الفقرات 28/29/30/ ما يفيد طبيعة الوضع في شرق الجدار الرملي، وقال تقرير غوتيريش: «واجهت البعثة (يقصد المينورسو) عقبات كبيرة قيدت حريتها في التنقل. وأبلغ منسق جبهة البوليساريو البعثة في رسالته المؤرخة 1 فبراير بأنه «حرصا على أمن أفراد البعثة وسلامتهم» ثمة «أسباب معقولة للاعتقاد بأن تسيير دوريات برية تظل مهمة محفوفة بمخاطر شديدة وهي بالتالي غير مستصوبة». وقد جرى تأكيد الموقف ذاته في رسالة وجهها منسق هيئة الأركان العامة للقوات العسكرية لجبهة البوليساريو إلى قائد قوة البعثة في 1 يونيو. ونتيجة لذلك، لم تتمكن البعثة من القيام بدوريات برية تتجاوز دائرة نصف قطرها 20 كيلومترا من كل موقع من مواقع أفرقة البعثة شرق الجدار الرملي، أو أي طلعة استطلاعية بطائرات الهليكوبتر. وتعذّر أيضا تسيير دوريات برية داخل وحدات جبهة البوليساريو، وطُلب إبقاؤها على بُعد 200 متر منها على الأقل. وقد سُمح برحلات إعادة التموين بواسطة طائرات الهليكوبتر إلى مواقع الأفرقة على فترات منتظمة نسبيا، نحو مرتين في الشهر، رهنا بالحصول على موافقة مسبقة من جبهة البوليساريو قبل كل رحلة. ولم يُسمح بأي قوافل برية لأغراض الدعم اللوجيستي والصيانة منذ 13 نونبر 2020. وقد خفّضت البعثة عدد المراقبين العسكريين في مواقع الأفرقة التابعة لها شرق الجدار الرملي بنسبة 30 في المائة. وحتى 31 غشت 2021، لم تتمكن قيادة قوة البعثة من إقامة اتصال مباشر مع قيادة القوات المسلحة التابعة لجبهة البوليساريو، وأجريت جميع الاتصالات كتابةً فقط.
واحتج ممثلي الخاص للصحراء الغربية وقائد قوة البعثة مرارا وتكرارا على هذه القيود. وفي العديد من الرسائل الخطية، بررت جبهة البوليساريو هذه التدابير باعتبارها ضرورية لضمان سلامة وأمن أفراد البعثة في ظل استمرار «حالة الحرب».
هذا المقتطف المسهب من التقرير يبين الوضع هناك:فكيف يتعذر تحرك بعثة المينورسو وتتحرك «قوافل التجار» بكل أريحية؟
لعلهم يريدون توهيم العالم بأن المغرب يرد على الشطحات العسكرية للانفصاليين، أو يودون تقديم المنطقة، للمبعوث الخاص كما لو أنها تعيش لهيب الحرب بالأسلحة المتطورة.
-المغرب لا مشكلة له مع الشعب الجزائري والمغاربة خلف ملكهم …لن يأتيه شر من عندنا.وإذا أرادت العسكرتارية الحرب، فالمغرب لا يريدها…
أول تعليق يرد إلى الذهن هو أن:
فاتح نونبر الذي بنت عليه العسكرتارية سردية الحرب، لاعلاقة له بثورة التحرير الجزائرية المجيدة التي تسيء إليها يوميا، بل يتعلق الأمر في التقدير الغالب بأول يوم لبداية مهمة المبعوث الخاص دي ميستورا.. والسعي نحو إفشال هذه المهمة .
تبين ذلك من البلاغات التي أعقبت القرار الأخير لمجلس الأمن؛
الانفصاليون والديبلوماسيون الجزائريون كلهم رأوا فيه سببا للفشل الأممي، وسعوا إلى ذلك
تارة بإعلان الانسحاب من أية موائد مستديرة سيقوم بها،
وتارة أخرى بإعلان الحرب
وتارات كثيرة بإعلان رفض العملية السياسية برمتها..
هنا يتضح المراد من هذا التزامن المخزي، بين مقتل ثلاثة مواطنين وفاتح نونبر..
صدأ دماغ الجنرال، كما في رواية «لا أحد يكاتب الكولونيل» لغارسيا ماركيز، للبحث عن شيء ما يشعل الحرب:
المخدرات
العشب في الملعب
الحرائق في جبال الأوراس
الجراد، الهزيمة في مجلس الأمن، السحب في أجواء غائمة، النفط، الغاز..
الجنرال انهزم في الحرب الحقيقية، وكان أسيرا، ومعزولا ومنكسرا،
كل النياشين والأوسمة لم تنسه ذل الأسر..
لا يملك الجنرال نَفَس الجندي الذي يعرف الإقرار بالهزيمة
يريد أن يعيد ساعة الرمل في حرب جرت منذ خمسين عاما..
آااه من حرب، لا يجد من يضعها قيد التنفيذ، وآه من سلام يثقل صدره..
الجنرال لا يحب الدمى التي لا تطلق النار، الدمى المكومة في الفنادق وفي أروقة القنصليات والسفارات.. يريد دمى تطلق النار
وأرانب يشنون المعارك..
الجنرال أغلق الأبواب على شعبه ووضعه رهن عقدته.. ويريد أن يوغر صدره على عدوه الجار
يرقن في جيناته المعرضة للعزلة، شيفرة الحرب الضرورية..
يريد الجنرال أن يهددنا بالحرب
ونرد عليه بالاستراتيجية
يريدها قتلا ودمارا
ونريدها فكرا وفنا..
الحرب منذ ياو تسو تحكمها خمسة عناصر:
أولها القانون الأخلاقي .. ويعني الانسجام بين الحاكم والمحكوم، وهو غير موجود بتاتا في سيرة الجنرالات الشرقيين، بل تبين كل الاستحقاقات الدالة على نسبة الثقة المتبادلة، عجزا حقيقيا في هذا الانسجام..
والمناخ، وهو لا يسعف في منطقة يتحكم فيها العالم وله دوره فيها، والقائد العام… واااه من شنقريحة العام ومن تبون العام.. بقية العناصر لا دخل لها في عقدة الثنائي«تبو-قريحة».
الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr - بتاريخ : 05/11/2021