الحكومة تدبر ملف الأضاحي بطريقة تتحدى كل قوانين الاقتصاد والسوق!

عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr
تعطينا الحكومة درسا في الغرابة وهي تدبر مناسبة عيد الأضحى العظيم، وتثبت بلا مجال للشك بأنها قادرة على اتخاذ خطوات تقطع مع كل ما راكمته البشرية وعلماء الاقتصاد وأهل المنطق من معارف في مجال ضبط الأسواق ومواجهة مناسبة تتكرر في البلاد منذ 12 قرْنا!!
أولا، تقول الحكومة على لسان وزارتها في الفلاحة إن العرض الوطني من الأضاحي بمناسبة عيد الأضحى يقدر بـ7.8 ملايين رأس، ضمنها 6.3 ملايين رأس من الأغنام و1.5 مليون من الماعز.
وهو رقم يفوق الطلب، الذي يقدر بـ 5,6 ملايين رأس، ضمنه 5,1 ملايين رأس من الأغنام و500.000 رأس من الماعز، وبحساب بسيط فإن الفارق بينهما يقدر بـ2 مليون رأس…
ثانيا: تعرف الأثمنة في كل أسواق المملكة التهابا فاق ما سبقه، وارتفعت الأسعار بشكل غير مسبوق وتجاوزت القدرات الشرائية للمواطنين من الفئات الوسطى والوسطى الدنيا والأسر محدودة الدخل والهشة…
ثالثا: كانت الحكومة قد قررت استيراد مليون رأس من الأغنام من الخارج، وتقديم دعم مادي بلغ 500 درهم (حوالي 50 دولارا) على كل رأس إلى جانب إعفاءات ضريبية على القيمة المضافة.
السوال الأول: أي منطق اقتصادي يسمح لحكومة بلاد يوجد فيها فائض من الأغنام ( نتحدث عن مليوني رأس) بالاستيراد من الخارج ؟
هل سبق في تاريخ الاقتصاد الدولي وتدبير الأسواق أن قامت دولة ما باستيراد المادة التي يوجد لديها فيها فائض؟
السؤال الثاني: إذا كان ذلك غير مبرر ولا تعليل اقتصادي واستهلاكي له، هل الأرقام صحيحة فعلا، وأيهما أصح من الآخر، رقم العرض الذي يفوق الطلب أم رقم الاستيراد؟
السؤال الثالث: كيف تكون الأسعار مرتفعة، والحال أن أبجديات قانون العرض والطلب تقول إن السعر ينخفض إجباريا عندما يكون العرض أكبر من الطلب، والعكس صحيح، كيف يحدث في بلادنا وحدها أن يفوق العرض الطلب بنسبة تقارب 50٪ ومع ذلك فالأسعار ملتهبة؟
السؤال الرابع: ما الذي يجعل الحكومة في بلاد فلاحية (ياحسرتاه) تلجأ إلى الاستيراد في هذه الظروف، إذا كان ذلك لن يغير من حقيقة ارتفاع الأسعار ومن طبيعة الاستهلاك؟ وهو سؤال يتفرع عنه آخر أكثر استنكارا: هل كانت هناك ضرورة لتقديم مساعدات مالية لعملية استيراد لم تحجم ارتفاع الأسعار ولا قللت من لهيبها؟
والحقيقة أن قوسا يفرض نفسه، هو قوس يحيلنا على ما وقع في تذاكر المونديال حيث كانت التذاكر الخارجة عن السوق وسيلة إثراء وسمسرة واغتناء مرحلي …
إن الأمر شبيه بصفقة أكثر منه قرار تدبيري يروم خدمة الناس، علما أن مما يزيد في طابع الشبهة هو أن العدد المقترح استيراده ( هو بدوره فائض) ، والذي وصل منه، حوالي 200 ألف رأس ، يمثل عشر … الفائض من رؤوس الأغنام !!!
وفي أي قانون اقتصادي منطقي يمكن أن تدفع الحكومة للخواص دعما ماليا عن استيراد لن يغيروا بسببه معادلة العرض والطلب لأنها أصلا لصالح العرض!!
هي أسئلة تكشف عمقا سديميا رهيبا وهاوية تجعل البعض يلوي ذراع الدولة والمجتمع،معا، من أجل تسمين الثروة المالية !
الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr - بتاريخ : 28/06/2023