الدرجة الصفر في الوجود..

عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr
هي لحظة، لا تتعرف علينا فيها البلاغات السعيدة،
وسط هذا الوباء الكئيب، توزع الكآبة بعدل غير مسبوق..
ونهب في كل مرة إلى رفع المعنويات، المتهدلة كسراويل أكبر من قياساتنا.
معنويات حزينة حقا.
لا تتعرف البسمة على شفاهنا المتعبة وراء الكمامات.
ولأننا لم نوالم بين الفرح والنهار، أصبحت الساعات
وسط التعب الوبائي،
تخرج ديدان رؤوسها من مسام الأحياء…
تك تك تك تك…
نسينا الأنهار
فلم يأتنا لا ربيع ولا صيف
وفضلنا أن نختار الحياة في حدها الأدنى
بفرط تأجيل الحياة كلها..
تتعبنا كثافة الأمل
كما تتعبنا خفة العادة..
تكبر المخاوف دفعة واحدة
كغابة
كدغل بعيد في أطراف الجدول..
يتعب المغاربة كلهم من الوباء،
يعصرون ما تبقى فيهم من ترياق ضده…
وكل جماعة فرد
وكل فردِ فردٌ مضاعف بظلاله المرتعشة في دواخله..
يعتريه الخوف على الحياة ..
من الحياة
والخوف عليها من القُبَل
والخوف على الحياة من الهواء
والخوف على الحياة من الحرية..
وكأن الخوف رصيدنا الوحيد،
مثل ذلك البشري الذي وجد نفسه أمام المجهول،
وكان عليه أن يعطيه اسما
وهو يرتعد منه قبل تسميته..
كالإنسان، الذي صار عاقلا بفعل قدرته على الخوف فقط
كالذي ارتعد من الرعد
وكـ»السابيينزsapiens« الذي انخطف من البرق
والذي اختفى في مغاراته خوفا من سقوط السماء عليه..
»المورال« الجماعي، في منحى هبوط غير سار
مثل أغنية «الكورال«
لا نلتقي لكي نقلص من حظوظ الوباء في العثور علينا..
ونحن في الواقع نقلص حظوظ الحياة…
ونكون حيث يجب ألا نكون!
الكمامات التي اعتدناها، كتحول فطري تقريبا،
من كائنات سافرة الوجوه
إلى كائنات تفضل الحياة بلا وجه
حياة بملامحها المعتادة..
كل يوم يعدنا بالبكاء،
والأدعية الحزينة
ونطبطب على روحنا:ستبكين طويلا علينا
ستبكين طويلا في أحضان الأمهات
والزوجات والأبناء والصديقات،
قبل أن تشرق في ثغرك كوة ضوء..
وسيأتي جيل، لا يدري بأنه قادم نحو الاتجاه الخطأ
بعد أن أضعنا عادات كثيرة كبشرية مرتعشة،
بمعنويات هابطة للغاية
نتأبطها مثل علبة الخوف.
سعداء بالحد الأدنى من الوجود..لا نأبه للصبح
أو للنهار
إن كان سيأتي كعاداته من الجهة نفسها
للشمس..فنحن لن نودعه
ولن نأبه لليل، عندما سيمر..
سنكون قد دخلنا بيوتنا مع أطفالنا
الذين لم يلعبوا منذ مدة مع طائرات الورق..
لا نأبه للتاريخ بدوره،
الذي طرد البروليتاريا من الأزقة
والمعامل المغلقة…
وأسقط توزيع الطبقات من جدول الأعمال،
كتفاح طري..
يااااه، كم ارتاحت الأرض عندما وضعنا كمامة!
الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr - بتاريخ : 05/02/2021