الدولة، المدرسة والأسرة

عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr

كيف يفهم أمزازي جدلية التربية والدستور!!

أولا، وبدون تفاصيل أولية:
كل المغاربة الذين يلجأون إلى التعليم العمومي أو الخصوصي يعتبرون أن علاقتهم مع المدرسة، هي أولا وقبل كل شيء، علاقة مع الدولة!
ويكفي أن نعرف أن المدرسة العمومية، في التداول العام، هي »مدرسة ديال الدولة، «مدرسة المخزن حتى! والموقف من التعليم أي من المدرسة، باللجوء إلى الخصوصي، هو أيضا موقف من الدولة في تعليمها ومدرستها ومن خلالهما.. وحكم غير مغلف على فشلها في المدرسة العمومية.
والموقف من التعليم العمومي ليس موقفا بروليتاريا.. إنه حكم طبقة متوسطة، مثابرة وغالبا عقلانية أو متنورة دينيا، وصارمة في أخلاق مواطنتها …تلك التي نريد تقنين التاريخ والسوسيولوجيا لكي تسعفنا بها.
ومن ذلك، كما كتبنا البارحة، إجبارية التربية والتعليم: كما يتضح من دوائر تدخل الدولة في الأصل، أي في التوجيه، وبرامج التكوين وتهيئة النضج التلاميذي والتغذية في الداخليات والأحياء، والبدلات وطريقة اللباس، والتأطير السياسي للمدرسة، وقيمها.
الجميع يقر بأن التعليم – مع الدولة في حياتها الطبيعية – لم تنفع فيه كل الأضواء… التي سُلِّطت عليه منذ كتب محمد عابد الجابري كتابه عن مشكلة التعليم…
وبدون الحاجة إلى »الكلام الكبير« كما يتم اتهامنا به، فعندما تقدم الوزارة، أي صوت الدولة في هذا القطاع، خيارا مبنيا على إعطاء الاختيار للعائلات، فهي في الواقع لم تقدم في الأصل عرضا مبنيا على سوابق في الطمأنينة وفي المعرفة والثبات في الموقف: فالثابت في الوزارة هو عدم الاستقرار في الرأي، منذ بداية الوضعية التي أنجبتها الفيروسات ..
لنتذكر مواقفها حول »لا سنة بيضاء« ولكن كل الامتحانات معطلة باستثناء الباكالوريا..
هناك ثابت يتكرر يتجلى في المعالجة النسبية، الجزئية..
فما هو مطروح، بتعريف مباشر، هو أن الدولة تسلم بأن إرادة الآباء والأمهات وأولياء التلاميذ… تعلو على واجب الدولة!
وبذلك، يصير الجيد، في سلم الأفضليات السيوسيو تربوية، هو ما أريده وأحبه كرب أو ربة أسرة، والوزارة، مشكورة تساعدنا، باسم الدولة، على تحويل رغباتنا الشخصية إلى قانون ووضع اعتباري تربوي!
والتعليل موجود: التشاركية!
كما لو أننا بالفعل استنفدنا مهام الدولة التمثيلية، وتبقت لنا العرائض التي لم يجف حبرها بعد، لتوسيع فعالية الدولة حفظ الله ذراعها الحكومي!
في أكبر وأقسى وأعصى قضية، نشاهد الدولة في الطريق العام ترفع إبهامها تطلب… «لوطوسطوب»!
لنفترض سيدتي الوزارة أن الأولياء تناقضت إرادتهم، جذريا:بمعنى أن ما يريدونه يمكن أن يتناقض ويتواجه مع ما يريده الآخرون: المربون والدولة، أو أن ما يريده ولي ما يتناقض مع ولي آخر، فأي نسبة تحدد العتبة الممكنة للحل: ما يتم نقاشه في قانون الأحزاب، التي باسمها تتحدث الحكومة عن التدبير الديموقراطي للدولة أو ما يسكت عنه المقاطعون وغير المهتمين بسلوك الدولة في القطاع؟
الوزير، في حالة من هذا القبيل، يضرب «الطابلة««، بوجدانه أولا ثم بحرقته ثانيا ثم باسم دستورية الحق في التعليم ثالثا.
ولكي يتم هذا، يجب أن يكون قد عاش وجدانيا، الاحتجاج والغضب العموميين في المدرسة الوطنية، وذلك يسمح له بأن يطالب بالدعم وبتغيير الأولويات بناء على مركزية المدرسة، والتركيز على تأهيل النسيج والبنيات التعليمية.
والمرافعة من أجل أن تمتلك الوزارة والمدرسة القدرة على حجز الفضاءات العمومية القريبة من المدارس، أي كل دور الثقافة ودور الشباب والمسارح والفضاءات التنشيطية العاطلة اليوم عن أي نشاط من طبيعة بنائها، لكي يمكنه تحويلها إلى مدارس وفضاءات تعليمية…
والتمويل يضرب الطاولة من أجل أن يدرج وزير المالية ضريبة على الثروة وترشيد الإنفاق العام، ومنه العمومي والحكومي، وتقليص نفقات التزيين والتجهيز والتبرج الدولتي… ويغضب عند الإنفاق المستفز، ولو كان من شركائه في الحكومة، والتبذير،
والفاهم يفعهم……
أليس هذا درس من دروس الجائحة «؟
ومن باب السجال لا غير، قرأت تدخله في البرلمان، وقد جاء فيه
أن النمط التربوي المقترح يضمن هذا المبدأ ( تكافؤ الفرص)، إذ يعود للأسرة القرار في اختيار الصيغة التربوية..أي جدلية هذه التي تجعل اختيار الحضوري أو البعد، تلقائيا، ضامنا لتكافؤ الفرص؟
إنه يقول لنا: اختر، وابنك له نفس الفرص التي لجارك، في الطبقة الميسورة أعلاه!
هو الذي يقول إن هناك أسرا عاملة وأسرا لا تملك حواسيب ومع ذلك تملك الخيار بأن تقدر على تكافؤ الفرص !!
هناك نوع من «الظنز العكري» في ما يقوله، هل الذي لا يملك حواسيب يمكنه أن يختار التعليم عن بعد يا رجل؟؟؟
رجل الدولة والتربية والتاريخ، و……ليسي ديكارت!
لو أنك احترمت هذا الشعب فقط وعبرت عن عجزك، كنا سنقبل كما قبلنا الجائحة، ولو أن الجوائح السياسية أكبر كما تدري يا وزيرنا المتكافئ والمكتفي ..
وغدا سنتكلم عن حقائق التعليم عن بعد……

الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr - بتاريخ : 28/08/2020