الرئيس الجزائري: إسبانيا قوة مديرة للصحراء رغما عن أنفها 2/2

عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr
«يعرفها» أكثر من نفسها…!
وهذا الوضع لا ينطبق على إسبانيا في علاقتها مع الصحراء المغربية..
3 ـ في أصل الحكاية: علاقات إسبانيا مع الأقاليم الجنوبية المغربية تضبطها اتفاقية مدريد الثلاثية التي تم توقيعها في 14 نونبر 1975 ..
ومن مضامين الاتفاق التي لايجهلها إلا جاهل، الإقرار بـ «وضع حد لمسؤولياتها وسلطاتها كقوة إدارية على الأراضي المذكورة»،
ومن امتدادها، الرسالة التي وجهتها مدريد، عبر ممثلها الدائم، إلى الأمم المتحدة في فبراير 1976 تخبر فيها الأمين العام السابق للأمم المتحدة وقتها أنها «وضعت حدا نهائيا لتواجدها في المنطقة، وبالتالي فهي معفية من أية مسؤولية ذات طابع دولي في إدارة المنطقة المعنية».. وذلك ابتداء من 26 فبراير من نفس السنة..وأوضحت بأنها أنهت «المشاركة في الإدارة المؤقتة».. الوثيقة الأممية رقم (A/31/56-S/11997).
المثير للشفقة أن الرجل لا يعرف بأن مدريد لم تعد القوة المديرة للإقليم منذ فبراير 1976، بل أقرت رسميا إنهاء الوجود الإسباني على الأراضي نهائيا قبل 28 فبراير 1976…
هل يجهل رئيس دولة تنفق ملايير الدولارات سنويا على مناهضة قضية ترابية لدولة جارة، كل هذه المعطيات؟
هل الرئيس الذي لا يفلت فرصة سياسية أو إعلامية بدون أن يقدم رواياته التاريخية جاهل إلى هذا الحد، أمْ أن لا أحد حيَّن معلوماته أو ساعده على قراءة الوثائق الخاصة بالتراب الذي يريد أن ينتزعه من المغرب باسم وهمٍ اسمُه الجمهورية الصحراوية..؟!
الجدار الأخير الذي يريد الرئيس عبد المجيد تبون الاتكاء به، هو جدار التاريخ، ويبدو أن هذا التاريخ وقف عند 1976، في الزمن البومديني غير المأسوف عليه، الذي يمَجِّده عبد المجيد تبون صباح مساء، ويجعل منه قاعدة أصولية في تاريخ شمال إفريقيا!
وهذا الجدار هارٍ، متآكل وآيل للسقوط مع أول هبة حقيقة!
4 ـ إذا كان عبد المجيد تبون لا يعرف، فإن الحكومة الإسبانية تعرف، وقد سنحت لها الفرصة مرتين للتذكير بهذه الوقائع، والتي استعار فيها عبد المجيد تبون وانفصالييه أفواه بعض أرانب السباق الراديكاليين، لطرحها في البرلمان الإسباني..
كان ذلك في الاربعاء 20 أكتوبر 2021. وهو تاريخ جد حديث، كان على ذاكرة عبد المجيد تبون أن تحتفظ به، يومها وقف وزير خارجية إسبانيا، ذاك الذي أعطى لعبد المجيد تبون درسا في اللغة الديبلوماسية وحقائق الجوار، ليرد على سؤال للنائب الاسباني أيتور استيبان Aitor Esteban عن الحزب الوطني الباسكي يخص «القوة المديرة»، وكان جوابه واضحا كالتالي:» إسبانيا لم تعد قوة مديرة في الصحراء»!
كما ردت الحكومة نفس الرد، في رسالة جوابية عن أسئلة لحزب سيودادانوسCiudadanos، وكان ذلك في شهر فبراير من نفس السنة! ولعل الاختيار. لم يكن صدفة، باعتبار. أنه نفس الشهر الذي وجهت فيه إسبانيا رسالتها الى الأمم المتحدة واضعة حد لمسؤوليتها في الصحراء..
4 ـ أقحم الرئيس عبد المجيد تبون الأمم المتحدة، كطرف في التشديد على دور إسبانيا كقوة مديرة.
غير أن العودة إلى طبيعة مهام هذه «القوة» كما سردناه أعلاه تبين حقائق لا يخفيها سوى الحقد وحده، لهذا غابت عن عبد المجيد تبون:
=ـ لا يرد اسم إسبانيا ضمن لائحة الأسماء الموجودة لدى الأمم المتحدة والخاصة بالأقاليم غير المستقلة، في نظر الأمم المتحدة!
ـ إسبانيا لا تقدم أية معطيات أو تقرير أو أخبار من أي نوع كان لهيئات الأمم المتحدة المكلفة بالملف، سواء مجلس الأمن أو الجمعية العامة أو الأمانة العامة للأمم المتحدة، كما ينص على ذلك تعريف القوة المدنية من طرف القانون الدولي ووثائق الأمم المتحدة..
بل إن الهيئات المخول لها ذلك هي بعثة المينورسو باعتبارها المصدر الرئيسي للمعلومات، أو المبعوثين الخاصين الشخصيين للأمين العام الذين يتقدمون بإحاطات علما،كما حدث يوم 20 أبريل الماضي..!
ـ إسبانيا لا وجود لها فوق التراب المغربي، ولا تساعد الساكنة على تدبير شؤونهم أو مساندتهم في تطلعاتهم السياسية..
هذا ليس درسا للرئيس الجزائري في محو الجهل الأممي، حاشا، هو تذكير لأن الذكرى تنفع الذين يحبون الحقيقة،أما الذين يحقدون عليها لأنها في صف المغرب، فلا عزاء لهم..
ونهاية الكلام إن إسبانيا ليست قوة مديرة، والأمم المتحدة تعرف ذلك، وإسبانيا تعرف ذلك والصحراويون يعرفون ذلك.. والرئيس تبون لا يريد الاعتراف بذلك!
الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr - بتاريخ : 28/04/2022