الزلزال: الذي تبقى من الكارثة تجيب عنه السياسة ! (1)

عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr

على بعد أيام قليلة من الذكرى الأولى للزلزال الرهيب الذي ضرب منطقة الأطلس، ليلة الجمعة 8 شتنبر2023، وكان أحد الكوارث الأكثر قسوة ودمارا، من حيث العدد الهائل من الضحايا والشهداء ومن الخسائر، وأيضا للامتداد المكاني لهاته الكارثة، حيث أصيبت ستة أقاليم في قلب المغرب الجبلي …
لقد تابعنا الفاعلية والنجاعة التي حرك بها ملك البلاد مؤسسات «الدولة الأمة»، في زمن صعب، وفي ظروف قياسية، حيث تركزت القيم السامية …
ولسنا في حاجة إلى خبرة طويلة النفس في السوسيولوجيا السياسية لكي نطرح القضايا العميقة التي كشف عنها تدبير الزلزال، في لحظته، بكل القوة والفعالية، ثم في قراءة التدبير البعدي وتنفيذ الخطة التي وضعها ملك البلاد.
نحن في حاجة إلى متابعة المعيش اليومي لكي ننتج أسئلة، تبدو غاية في «التعالم»، ولكنها في عمقها ذات صلة بتدبير مخلفات الزلزال بعد سنة.
ـ أول الأسئلة سيكون: من بين 2930 دوارا، كم من دوار أو وحدة سكنية مثله، عادت إلى حياتها الطبيعية؟
+لا توجد أرقام قاطعة وحاسمة في الجواب…
– ومن بين 674 59 منزلا تعرض للتدمير الكلي أو الجزئي، كم هي نسبة المنازل التي تم إعدادها مجددا للسكن ؟
+ حسب تصريح رسمي لرئيس الحكومة، الوضع لا يزيد عن ألف أسرة تمكنت من إعادة بناء سقف مسكنها!
ـ كم هي الأجوبة التي تم تقديمها، عمليا وفي الميدان، لكل ما تم تسجيله في مجال الاختلالات، في البناء والطرق والزراعة ؟
+ ليست هناك معطيات دقيقة، تقدمت بها الجهات المسؤولة، سواء في ما بعد ندوات اللجنة المكلفة برئاسة رئيس الحكومة أو على المستويات المحلية؟
وعلى ذكر هذا البعد الذي أثرناه: ما هي طبيعة العلاقة بين التدبير من فوق، الذي أثبت جدارته لحظة الزلزال والزمن المباشر بعده، وبين التدبير المحلي والجهوي والإقليمي؟
لم نعد في حاجة إلى التذكير بعناوين النجاح المغربي في تدبير الزلزال في بداية شتنبر من السنة الماضية:
لقد رأينا درسا عالي القيمة في السيادة الوطنية، وما يحملها من قيم الأنفة والاعتماد على الذات والندية إلخ…
وقد رأينا قيم التضامن في أحلى حللها وأحلى تعابيرها، من أعلى هرم الدولة إلى صاحب الدراجة وصاحبة الدقيق.. والخاتم ؟
لقد تابعنا المرونة العليا للمؤسسات في تحركها في الزمن المناسب، وقد تابعنا، بإعجاب، المجتمع المدني في كل مستوياته (بما فيه المجتمع المدني البورجوازي، كأحد مقومات النيوليبيرالية المغربية) !
ولكن ما الذي لم نعلن عنه من اكتشافات عراها الزلزال، وما زالت مستمرة؟
أولا: هل يمكن أن نتحدث بنفس الثقة والطمأنينة عن فعالية التدبير المستمر في الزمن، بنفس القدر الذي تحدثنا به عن التدبير في لحظته وأوانه، بقيادة ملك البلاد؟
يبدو أن الزمن لم يكن في صالح السلطات الحكومية والجهوية والمحلية لإثبات جدارتها في هذا الباب، بل يمكن القول إن هناك تفاوتا كبيرا في معرفة متطلبات الكارثة، إن لم نقل عودة الروتين والتعامل البيروقراطي المعتاد في فهم حقائق الواقع القروي والجبلي منه على وجه الخصوص..
لقد تابعنا السرعة، مع الامتثال للوضع الاعتباري للملك، دستوريا وديموقراطيا ودينيا، في متابعة الوضع، مع إخبار الرأي العام الوطني بما يقوم به ( ثلاثة بلاغات للديوان الملكي( أيام 9 و14 و20 شتنبر )، مع التعبئة لكل صلاحياته الدستورية في دستور 2011، وما تراكم من لدن الدولة المغربية التي يرأسها في مجال تدبير الكوارث، وتحرك ملك المغرب ورئيس الدولة فيه ورئيس الأركان العامة وأمير المؤمنين، كما أنه هو نفسه سمح للدستور بالتعبير عن قوته وعن نفسه، من خلال إتاحة الفعل لرئيس الحكومة الذي يوجد على رأس مؤسسة دستورية بصلاحيات دستورية واضحة …( يتبع)

الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr - بتاريخ : 05/09/2024

التعليقات مغلقة.