الصوت الحاسم وجعجعات الحروب الدونكيشوطية!

عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr
شدني تعبير وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، وهو يشيد بـ «الصوت الحاسم» لجلالة الملك محمد السادس في تعزيز السلام في الشرق الأوسط وتحقيق مستقبل «آمن ومزدهر» للإسرائيليين والفلسطينيين!
فالتعبير لا يخلو من أسلوبية جذابة ولا من تحفيز على الانتباه إلى فرادته في سياق اعتدناه مغايرا. نحن قد اعتدنا الحديث عن «الدور» الحاسم أو المفصلي أو المؤثر… وقلما يكون هناك حديث عن الصوت الحاسم في قضية مثل قضية فلسطين وتحرير فلسطين والدفاع عن دولة فلسطين. لا سيما، إذا كان الحديث يدور في وقت يرتفع فيه صوت المدافع وأزيز الطائرات والصواريخ، ويتعالى صوت الصراخ والآلام …صوت المجانين والعسكريين، صوت الحرب بكل تنويعاته وطبقاته، صوت تنشر على حباله الشعوب مآسيها وأغانيها الحربية..
والصوت الحاسم، هو صوت الحقيقة، الذي يجب أن يكون له من يستمعون لحكمته وينصتون لما فيه من صراحة ولو كانت جارحة، لا أن يميل السامعون إلى الأصوات التي تطربهم، في المآسي كما في ليالي الحنين، وفي زمن عربي طويل، لطالما جعل الصوت، اللغة المقعرة والفاقعة، البطل الوحيد في المشهد السياسي العربي… لهذا أول ما يفعله الصوت الحاسم هو تحرير اللغة من طوباوياتها وحنينها المفعم الذي يخبئ الهزائم المريرة إلى زمن لاحق.
عشنا مع أصوات صادقة ورفيعة ونابعة من الأمانة التاريخية كما هو حال صوت عبد الناصر، واكتشفنا من بعد تاريخ قصير بأن الصوت وحده لا يحسم المعركة، لا بد له من حكمة الديبلوماسية، والتجرد الأخلاقي وعدم الزج بالشهداء في موازين القوة من طرف عواصم كثيرة، عكس كما يفعل المغرب وشعب المغرب وملك المغرب حقا!
وقد عشنا في القمة العربية الأخيرة بالجزائر اللعب بالشهداء والقضية ولم نسمع لهم من بعد …ركزا!!
والصوت الحاسم تسمعه في الغالب الأرامل والأيتام والثكالى لهذا يصدقونه ويدركون صدقه…
كما يصيخ السمع إليه العاقِلون، الذين يحبون المستقبل، عن واقعية وعن إدراك عميق بالشرط الإنساني..
والصوت الحاسم يسير في اتجاه الذين يسقطون شهداء وإليهم يتوجه ملك المغرب في كل لحظة، وكما يتجه إلى الذين يشغلون الراجمات والصواريخ والرصاص المنصهر..
الصوت الحاسم لا يدعي بأنه يتحدث باسم الطرفين ولا بأكثرهم ألما وأملا، الصوت الحاسم هو الذي يتحدث باسم مصلحتيهما وإن لم يرضهما!
وهناك حاجة قوية إلى الصوت الحاسم، حاجة كي تسمعه أمريكا أولا، هي التي شعرت بذبذباته وقدرته حق قدره وتعرفت عليه من بين كل الطنين والجعجعة وقرقعة الأسلحة، وكي تعمل على أن يصل إلى من هم أقرب إليها، وتساعد على أن يكون له الأثر الذي تراه.
والصوت الحاسم يجب أن ينصت إليه الفلسطينيون، لوقف المجازر في حقهم والدمار الشامل، وكي يكون لمقاومة الحلم من أجل دولة مستقلة معنى.
الصوت الحاسم هو الذي يدعو اليوم قبل الغد إلى وقف إطلاق النار في الحرب بين إسرائيل وغزة.ويتشبث بالحل النهائي والمطلق في إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف!..
الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr - بتاريخ : 17/05/2023