الصيد البحري: رسائل واضحة وأخرى مشفرة بين الرباط وبروكسيل
عبد الحميد جماهري
من المتوقع أن يكون، الاثنين 17 يوليوز، يوم انتهاء تاريخ البروتوكول التطبيقي الخاص باتفاقية الصيد البحري التي تربط بين المغرب والاتحاد الأوروبي.
وفي الوقت الذي حاولت فيه الأطراف التي يغيضها موقع المغرب في شراكته المتميزة مع الاتحاد الأوروبي، أن تعلن الويل والثبور وتضخيم هذا التاريخ (بالرغم من كونه مسألة بروتوكولية،) وتغالي في آثار القرار الصادر عن المحكمة الأوروبية بهذا الخصوص، ظل المغرب يلتزم المواقف الرشيدة والناضجة إزاء المسألة. وفي تزامن لا يخفى على أحد خرجت الديبلوماسية المغربية، عن صمتها، وقدمت على لسان ناصر بوريطة، السياق الجديد ـ القديم لهذه الاتفاقية، وفي الوقت نفسه خرج الأوروبيون، في بلاغ مشترك مع المغاربة، يقدمون فيه تقييمهم وتقديرهم لسياق النقاش حول اتفاقية الصيد البحري…
هناك تزامنات لا تخفى على التحليل، كما أن هناك سياقات تستوجب الوقوف عند تحليل التطورات الجديدة…
أولا، كان الخروج المغربي متزامنا ومتساوقا مع اجتماع الرباط الثالث لدول الواجهة الأفرو ـ أطلسية.
وهو الاجتماع الذي حضرته 21دولة منها 15 دولة على مستوى وزراء الخارجية، وهذا التزامن يأخذ كل مداه إذا ما نحن استحضرنا أن البحر، وهو هنا الأطلسي، موجود في قلب الاستراتيجيات المشتركة التي يسعى المغرب إلى هيكلتها وترسيم وجودها عبر هذه البنية الجديدة التي تشتغل على الاقتصاد الأزرق، بكل تفرعاته .
وهو قد أعلن ذلك بوضوح عند القول إن المملكة بلورت استراتيجية وطنية للصيد البحري «أليوتيس»، ووضعت رؤية مخصصة لتطوير القطاع، تأخذ في الاعتبار تطلعات الفاعلين وتقتضي الملاءمة في إطار التفاعل مع الشركاء.
ثانيا، تعمد الوزير المغربي أن يطرح مستويين لمستويات تقييم الاتفاقية
-1ا لمستوى المغربي الخالص، وهو إطار يرتبط بتطوير هذه الشراكات والاتفاقيات على ضوء ما يربحه المغرب، وهنا نشير إلى أن الاتفاقية برمتها في الواقع لفائدة الأوروبيين، وأن المغرب صار من حقه أن يطالب بقيمة إضافية.. «المغرب يأمل في إقامة شراكات أكثر تقدما، حيث تكون القيمة المضافة المغربية أقوى».
2 – المستوى المشترك مع الأوروبيين، على حد قوله، ولعل الخروج المغربي، الذي ذكرناه، كان على المستويين معا..بحيث أن بوريطة ذكرهما معا، وبالنسبة للإطار الثاني، جرى في الأسبوع نفسه اجتماع في بروكسيل بين السلطات المغربية ونظيراتها الأوروبية، في إطار لجنة مشتركة في مجال الصيد البحري، وذلك بهدف إجراء تقييم مشترك لهذه السنوات الأربع.
وهو ما يحيلنا إلى تقييم المشترك بين الطرفين، وقد جاء البلاغ ليعبرعنه، ويساير ما ذهب إليه المغرب من أن «الحوار والتعاون مع الشركاء الأوروبيين دائمان». وقد خلص المشترك إلى نفس المعنى بحيث لا تنفصل الاتفاقية عن الشراكة برمتها، وهو تحصين جماعي للاتفاقية بعيدا عن ضغوطات ورهانات أعداء الطرفين، وتم ذلك من خلال التاكيد أن «العلاقات مع المغرب في مجال الصيد البحري تندرج في إطار شراكة شاملة تعود بالنفع على الطرفين، مما يجعل من المغرب والاتحاد الأوروبي شريكين استراتيجيين خدمة للاستقرار والتنمية والازدهار في المنطقة».
في الواقع يثبت ما أراده المغرب بأن تكون هذه الشراكة، بكل تفرعاتها، موضوع دفاع مشترك وليس كما لو كان المغرب الرابح الوحيد.
كما أن الاحتمال الذي يمنح المغرب الحق في إعادة النظر في الاتفاقية، جملة وتفصيلا، لم يعد يذكر، بل إنه بالرغم من مردوديته المادية المقلصة، قد أصبح موضوع تحليل مشترك تم الاتفاق على ضرورة تطويره، ثم إن مجموع الدول التي تستفيد منه، كلها، لديها تقريبا مواقف متقدمة من الحق المغربي الترابي.
كما أن المناوشات القضائية اتضح الآن حجمها من حيث تأثيرها في جوهر العلاقة بين الطرفين…
ولنا عودة للموضوع يوم الاثنين القادم!
الكاتب : عبد الحميد جماهري - بتاريخ : 15/07/2023