العالم يكتشف: كلنا بشر،كلنا متساوون!

عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr

يبدو الشعار»كلنا بشر كلنا متساوون»«، الذي اختارته الأمم المتحدة عنوانها العام لتخليد اليوم العالمي لحقوق الإنسان، بنكهة تثير التأمل..
يعطينا الانطباع بأن البشرية في ألفيتها الثالثة ما زالت مضطرة إلى إعادة التذكير ببداهتها الوجودية.
وأنها مجبرة، بعد وجود طويل في الزمان وفي الإقامة فوق الأرض، على الاحتماء بأبجديات الوجود البشري في مواطن الحضارة.
الواضح أن الشعار يعيد طرح البداية من خلال حجر الزاوية في البناء الأممي لحقوق الإنسان منذ 1948 وإطلاق الإعلان الشهير، في ذكراه 73.
وهو مبدأ» المساواة،« والحاضر من خلال المادة الأولى، التي نصت على أنه: يولد جميع الناس أحرارًا ومتساوين في الكرامة والحقوق. وهم قد وهبوا العقل والوجدان وعليهم أن يعاملوا بعضهم بعضاً بروح الإخاء».
لعل السؤال اليوم هو: في وجه من يرفع الشعار ؟ ولمن تدق أجراسه؟
في الواقع، كل الذين ينتهكون مبدأ المساواة يقدمون أنفسهم بأنهم جنودها الكبار:
فالذي يحرم الناس من نفس الحقوق باسم الدين أو باسم الطبقة أو باسم الهوية، يعتبر نفسه مدافعا عن مساواة تترجمها زاوية نظره، والذي يعتبر نفسه من جذع بشري متفوق، يعتبر بأن تلك هي طبيعة الأشياء ويُسوِّغ ذلك بكل المعتقدات، من الدينية إلى العرقية إلى الوطنية والقومية…
فلا أحد يعلن بأنه يتصرف إزاء البشر بما هو ليس فيهم، أي إنسانيتهم…
لا أحد يلعن نفسه عندما يفاجئها توسوس له بالتفوق على آخرين هم أقل جدارة منه في العيش أو في العدل أو في التعليم أو في الوجود حتى…
لا أحد يعري عن وجهه البشع، كما في زمن الفاشية المباشرة والنازية السافرة، ليقول إنه يرى البشرية فيه لا في غيره.
لكن الشعار يقر، مع ذلك، بوجود من يعتبر البشر غير متساوين في نظرهم الإنساني الوجودي…
وهو أمر يحيلنا، من جهة الجدل، إلى الإقرار بأنه في حقيقة الواقع، لا يمكن أن تبنى المساواة إلا… بالاعتراف بالاختلاف!
فالعديد من مظاهر الفاشية الفكرية أو السياسية أو الثقافية أو العرقية تنطلق من عدم الاعتراف بالاختلاف بين البشرية، ذلك الاختلاف الذي يؤمِّن مساواتهم في الشرط الإنساني العام.
الشرط الإنساني، الذي يجعلهم سكان الأرض وسكان الإنسانية الموحدين في قيمتها وفي بداهتها، إلا أن اللامساواة تكمن، بشكل جارح، في مواطن عديدة، في الأسرة حينا، وفي الفقر وفي العدل حينا، وفي الظلم أيضا!
يقول الإعلان عن مبدأ المساواة إن العقد البشري ما بعد الحرب العالمية الثانية جاء لضمان »حقوقنا بدون أيّ تمييز على أساس الجنسية أو مكان الإقامة أو الجنس أو الأصل القومي أو العرقي أو الدين أو اللغة أو أي وضع آخر…
غير أن الشعار بحد ذاته، بعد سبعين سنة، دليل على أن البشرية لا تنظر في نفس المرآة وتقيم فوق أراض مختلفة، وحتى ولو كانت تحت نفس السماء، فإنها لا ترى أفكارها ووجهها بنفس الضوء…
العالم يكتشف: كلنا بشر، كلنا متساوون !لأن العالم يقع تحت طائلة الطبقية والتفاوت واللاعدل والقوة التي تصنع الفرق… إلخ.
في بلادي، لسنا كلنا متساوين،
لا المغربي يساوي المغربي،
ولا المغربية تساوي المغربية،
ولا المغربي يساوي المغربية،
حقا وعدلا وعملا وحصانة…
هناك بؤر كثيرة في القوانين بالرغم من كل ما تقدم، منذ اختار الملك أن يجعل من رهانات المساواة وتغيير قدر المرأة المغربية حصانا حضاريا يتيح للمغرب أن يستفيد من نصف قدرته البشرية.
للشعار راهنيته الكبرى، مع وجود نزوعات لا تتردد في التعبير عن نفسها بتعطيل هذا الطموح الجارف في أوساط مغاربة يسعون إلى إعمال مبادئ المساواة في العدل وفي الحقوق السياسية وفي الثروة الوطنية…

الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr - بتاريخ : 11/12/2021