الفلاح الإفريقي ممنون للعرش!

عبد الحميد جماهري

اختارت الغابون أكبر وأطول وأهم شارع في عاصمتها ليبروفيل لإطلاق اسم الحسن الثاني، رحمة الله عليه، وهو إلى جانب ذلك الأسرع الذي يقود إلى مطار العاصمة «ليون- امبا» ومن المنصات الكبرى للتبادل الدولي، وفي الشارع وتسميته تلخيص للعلاقات وطبيعتها بين البلدين.
مرة قال مسؤول غابوني، لعله وزير الخارجية، إن متانة وعمق وجدية العلاقات الثنائية بين المغرب والغابون ليست في حاجة إلى دليل.
وهو لا شك قد استحضر تاريخا ثنائيا منذ أن أقام البلدان علاقة ديبلوماسية في 1972.
وقد شكلت هذه العلاقة التي تجاوزت الطابع الموضوعي، إلى الحميمية بين قادة البلدين، عنونا بارزا لما يجب أن تكون عليه العلاقات الجنوب جنوب، والتعاون بين إفريقي.
ولعل شهر فبراير، هو شهر الزيارات الملكية، إذا أضفنا إلى زيارة هذا العام زيارات تمت في الشهر الثاني من السنة في 2005 و2006، ثم تواليها بعد ذلك من طرف جلالة الملك محمد السادس.
وهي زيارات أصبحت عادة ديبلوماسية كما هي عادة شخصية لمحمد السادس وللرئيس علي بانغو الإبن..
هو ورش شاسع، استطاع أن يتخطى الكثير من القلاقل في إفريقيا، ولعلها العلاقة الثنائية، من بين علاقات قليلة التي صمدت ، بالرغم من التقلبات التي عصفت بالعالم ووصلت إسقاطاتها إلى القارة السمراء.
على المستوى الدولي هناك انسجام استراتيجي خارق، يخص العمل من أجل السلام والأمن، وتسابق في وجهات النظر.. ولا يمر عام بدون أن تكون هناك زيارات واتفاقيات (2010 أيام بانغو الأب ثم 2014 و2015 مع بانغو الابن)، على مستوى العلاقات الاقتصادية هناك اضطراد يجعل الغابون يحظى بقرابة 15 ٪ من استثمارات المغرب الفلاحية، وكما تشكفهبة الألفي طن المقدمة إلى الفلاحين الصغار من دولة الغابون، في مستهل السنة الجارية، جزء من كميات هائلة، ستبلغ عند متم 2023 ما يناهز 4 ملايين طن، توزع على دول إفريقيا.. وتشكل حسب المعطيات المتوفرة من لدن المكتب الشريف للفوسفاط ربع إنتاج المغرب المتوقع في 2023، بما يضمن 80٪ من حاجيات الفلاحين في القارة، والنتيجة تقوية مناعة ومردودية 44 مليون فلاح إفريقي في 35 دولة..
هذه المعطيات الرقمية ليست اعتباطا استراتيجيا أو استثمارا براغماتية في الأزمة الغذائية، إنها في المحصلة العامة تطبيق مغربي سيادي لما وضعه المغرب في خطته التي قدمها إلى قمة المناخ 22، والتي اشتهرت في أدبيات الفلاحين بخطة تكفي الفلاحة في إفريقيا مع التحولات التي تعصف بمناخها وبغذائها وطاقتها وشعوبها.
وهوما يمكن أن نُجْمله في تدبير الانتقالات الأربعة الكبرى في القارة ومرافقتها ، أي الانتقال الطاقي والغذائي والمناخي والديموغرافي..عبر تأمين الغذاء للشعوب الإفريقية بالنسبة للمكتب الشريف للفوسفاط، هي أول مبادراته في إطار الخطة الجديدة للاستثمار الأخضر، التي ستكلف البلاد 130 مليار درهم (13 مليار دولار)، يوظف المغرب فيها 70 ٪ من الاحتياط العالمي، وهو بذلك سيكون في مقدمة الدول التي تؤمن الاكتفاء الغذائي للعديد من الدول ( المكتب يوجد في 16 دولة إفريقية وجودا ماديا مستمرا ( ويضمن الأسمدة من خلال معملين كبيرين في إثيوبيا ونيجيريا بما يقدر ب5 ملايير دولار تقريبا..
نحن أمام علاقات استطاعت أن ترتقى فوق منطق قيم الربح، إلى ما يمكن اعتباره تميزا أخلاقيا يحرك المغرب إزاء القارة وإزاء صديق عريق..
اليوم، باستعارة اسم ريمي لوفو « الفلاح المغربي المدافع عن العرش» يمكن القول إن الفلاح الإفريقي ممنون للعرش العلوي، لما سبق تقديمه من معطيات وغيرها كثير.. ولعل المغرب لم يعد في حاجة إلى دليل للحديث عن التزامه بمصالح القارة، التي سماها الملك محمد السادس بالعائلة المؤسساتية..

الكاتب : عبد الحميد جماهري - بتاريخ : 17/02/2023