اللقاحات: سلالة جديدة من الأسئلة

عبد الحميد جماهري

لعلها المرة الأولى التي تجد فيها البشرية جمعاء نفسها تشعر بنفس الخوف من نفس الشيء، في نفس الوقت.كل الساعات ضبطت عقاربها على توقيت الفيروس، الذي يتجدد ويتمدد. ولهذا التشابه في الفجيعة، ما يجعل القاعدة المعتمدة في تقييم السياسات الصحية، شبه مشتركة.
لن يقول أي كان، لنا ظروفنا ولهم ظروفهم،
لنا خصوصياتنا التي تعفينا من المقارنة.
المشترك البشري اليوم ، كما يمكن الإقرار بذلك، هو التواضع أمام هول المصاب.…
كبريات العواصم تتألم، وتلجأ إلى نفس الوسيلة التي تختارها العواصم الصغيرة..
وحسن التقدير، أصبح القاسم المشترك الأكثر انتشارا اليوم، بين الدول..على قاعدة الأكثر حزما في فرملة الحياة الطبيعية!
الرهانات الجيواستراتيجية اتخذت طابعا صحيا، وصارت الدول تتنافس في الحصول على اللقاحات..
كل هذه المعطيات وغيرها، من آثار مدمرة للنسيج الاجتماعي والاقتصادي لكل البلدان، بدرجات متفاوتة وبطيئة، لا تعفي بلادنا من سؤال التلقيح المناسب في الوقت المناسب..
فقد انضاف إلى ما سبق، سلالة جديدة، واتضح أن المغرب يأخذ مخاطرها بجدية، من خلال إطلاق حملة الكشف عنها
وسط مئات الأشخاص..
غير أن المخاوف تتضاعف: فبالنسبة للكثيرين، مازال الفيروس في صيغته المستجدة الأولى ملغزا، ولم يكشف عن كل الأسئلة التي تدور حوله..
واللقاحات متعثرة في بلادنا، بالرغم من أننا كنا دخلنا السباق في الوقت المناسب، إن لم نقل أننا كنا قد سبقنا..
لقد تضاعف الخوف:

الأول، أولا: لأن السلالة الجديدة ما زالت بكامل لغزها، وهي طفرة جديدة لا أحد يعرف قدرتها الوبائية على إلحاق الضرر بنا.
ثانيا، إن اللقاحات صار أمامها سؤال جديد، على الأقل مازال الخلاف حوله بين: هل نعجز أمام السلالة الجديدة أم لا
نتأثر؟..
ولن يختلف مغربيان حول أن ظهور طفرات في بلادنا، سيعقد الأمر أكثر مما هو معقد، بسبب عدم الإحاطة الشاملة بالفيروس الأصلي.
سؤال اللوجيستيك بالنسبة لبلادنا التي راكمت تجربة جيدة في الحملات الوطنية التلقيحية، سؤال ضروري: لماذا لم نستطع الحصول، لحد الساعة على مواد التلقيح ورغم أننا قمنا بتمثيل الحملة، منذ أسبوعين على الأقل؟
لقد راودنا الأمل في أن نكون أول دولة عربية، على الأقل تحصل على اللقاح، أو تحصل على الأقل على جواب متى يكون، وهذا ما لم يتحقق بعد.
وفي كل الدوائر، وفي كل الجلسات والحلقات التي تجمع المغاربة، صار السؤال الأول هو : امتى اللقاح، امتى التلقيح، ولماذا لم نبدأ لحد الساعة، مع أننا صرحنا بأن دجنبر سيكون شهر الانطلاقة؟
في الأماكن التي تطرح فيها الديموقراطية أسئلة الناس،
لا أحد اهتم بالسؤال هذا: التوقيت والتفاصيل الأخرى، المتعلقة بالاستراتيجية التنفيذية ، كم من المسنين لدينا وكم من مسؤولي الجبهات المتقدمة،يجب أن يستيفدوا من التلقيح في الظرف الزمني الأول ؟
لدينا أرقام عامة كشفتها النسخة الأولى لاستراتيجية التلقيح كما أعلنتها الوزارة؟
لكن ماذا عن السقف الزمني الشامل، الذي يستوجبه الفعل الميداني، وهل هذا التأخير، سيكون على حساب الفعالية ؟
إن سلالة جديدة من الأسئلة، تضاف إلى سابقاتها، وتزيد من تعقد الوضع في البلاد..
في ظرف غير مسبوق بتاتا بالنسبة لبلادنا…

الكاتب : عبد الحميد جماهري - بتاريخ : 13/01/2021

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *