المبعوث الشخصي لغوتيريس: عنوان جديد للتخبط الجزائري؟

عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr

اختاروزير الشؤون الخارجية الجزائري صبري بوقادوم زيارة جنوب افريقيا، التوأم القاري في مناهضة حق المغرب، ولقاء نظيرته ناليدي باندور، لمناقشة تطورات قضيتنا الوطنية.
وأصدر الطرفان بيانا أكدا فيه، على الدعم «الكامل» لتعيين فوري لمبعوث شخصي للأمين العام للأمم المتحدة?
والواضح أن اسم المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة في قضية الصحراء المغربية، صار موضوع لخبطة ديبلوماسية جزائرية – انفصالية، تبين أن الجارة الشرقية لم تسلّم بعد، بوجود منعطف في الملف.
وبالرغم من أن جنوب إفريقيا، لم تحقق شيئا يذكر لموقفها، وهي ترأس مجلس الأمن الدولي لشهر دجنبر، فقد رمى رئيس الديبلوماسية الشرقية، وراء هذه الزيارة إلى تفعيل رئاسته للاتحاد الإفريقي، والعودة إلى الموضوع من بوابة
التوتر وإسكات البنادق..
ومنصب المبعوث الشخصي للأمين العام الذي ظل شاغرا منذ استقلال الألماني كوهلر في ماي 2019 موضوع مواقف متضاربة من الأطراف المتشنجة..
من جهة، هناك اشتراط التعجيل بتعيينه، ومن جهة أخرى تبخيس دوره وتقزيمه، والدفع بسقف أعلى من طرف الانفصاليين لاستئناف المسلسل السياسي.
وقبل متابعة تطورات موقف الجزائوتوابعها، لابد من التذكير بأن غيابه لم يمنع الأمين العام من تقريره السنوي، في أكتوبر 2020لأنه لن يحدث.
بعد ذلك وإبانه، كان هناك «باليه» من الرسائل الصادرة عن أعلى السلطات الجزائرية، والتي كانت تفتح الطرق لرسائل أخرى من طرف قيادة البوليساريو.
نفس الرسالة بتوقيع أول وتوقيع ثان..
ومن علامات التخبط، أن رسائل الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون وابراهيم الغالي إلى الأمين العام تناولت تارة الدعوة إلى تعجيل التعيين،
وتارة أخرى، يتم فيها وضع شروط نهائية لمهمته.. بما يفيد «يجب تعيين المبعوث الذي سيرسم حدود الدولة الوهمية»
وعملت الآلة الدعائية، من جهة غير رسمية، على تسويق أسماء بعينها ، تكشف عن «الكاستينغ» الذي تم تقديمه.
وفي كل مرحلة كانت أسماء الجزائر والانفصاليين تروج، لم تبق بدون رد من طرف الأمانة العامة، للأمم المتحدة التي كانت تحيل على «عميلة انتقاء متواصلة لم تنته بعد».
سبق للناطق الرسمي باسم الأمين العام للأمم المتحدة، أن وضح أن «مسلسل اختيار المبعوث الشخصي إلى الصحراء، أمر جارٍ، وأن الأمين العام سيعين المبعوث الشخصي بمجرد انتهاء هذا المسلسل».
وزاد التخبط عندما راج تعيين وزير الخارجية الروماني الأسبق، بيتري رومان، وصعدت الجزائر وحلفاءها
ومحظيتها من الهجوم على الأمم المتحدة بوسائل معهودة، بدعوى أن الشخص المعني شارك في نسختي 2015 و2018 من منتدى كرانس مونتانا في مدينة الداخلة.. التي تعرف تطورات هامة.
ومع أن الرجل معروف بحنكته الدبلوماسية واطلاعه على حقائق المنطقة وعلى حيثيات ملفالصحراء..
ومن مظاهر التخبط، المثير لغير قليل من السخرية، أن ما يشكل عقدة ديبلوماسية تستوجب سفر وزير خارجية الجزائر إلى بريتوريا، ويفرض على ابراهيم غالي توجيه الرسائل والتهديدات، لا يراه الناطق الرسمي سوى مسألة بروتوكولية تواصلية.
فهذا الشخص، واسمه سلمى الداف، الذي يتكلم بلسان الوهم في تندوف، رد على سؤال أوردته وكالة الأنباء الجزائرية،حول إمكانية استئناف المفاوضات في غياب مبعوث أممي، فقال إن وجود هذا الأخير «ليس ضرورياً لاستئناف المحادثات»، كونه يبقى مجرد «وسيط» في مسألة التسوية.
واعتقد بأنهم يقصون من التغطية ويسقطون منها هذا الجواب..
وسيغيب قليلا بعد أن تحمل الوزير الجزائري عناء السفر، لكي يستخرج من صديقته الجنوب افريقية بلاغا حول هذا الوسيط المستصغر!
والواضح أن كل النقط ذات الصلة بالقضية الوطنية، لم تربح فيها الجزائر أي نقطة متقدمة.
فنحن نذكر المواقف من القرارات الأممية الأخيرة، الصادرة منذ عامين متواليين عن مجلس الأمن، لا تتوقف عند المبعوث الشخصي، بل تتعداه إلى ما هو في جوهر القضية. ومن ذلك إقبار الأطروحات المتهالكة ذات النفس العتيق، من قبل الاستفتاء و تقرير المصير، والتفاوض الثنائي، إلى منظمة جديدة صار المغاربة يعرفون تفاصيلها، تماما كما هو حال المتتبعين للشأن الترابي الوطني..
وفي جزء من تاريخ القضية الوطنية، لم يكن المبعوثان الخاصان، سوى بوابة لتمرير الأطروحات الجزائرية.
لقد تابعنا المبعوثين و رأينا أقنعتهم تقسط الواحد تلو الآخر،
واهمهم خريجي الإدارة الأمريكية، كما هو حال كريستوفر روس، وجيمس بيكر، ومساعده في الفترة الأولى من الملف مستشار الأمن القومي سابقا، جون بولتون..
لعل الجارة الشرقية تمني النفس بعودة أحد المبعوثين الذين يخربون ما تحقق، أن يسعون إلى تعطيل التطورات عن طريق شخص يخرج من قبعة السحر، الجماعات التي تمولها الجزائر لفائدة الضغط واللوبيينغ…

الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr - بتاريخ : 14/01/2021