المغرب، إسبانيا: تذهب لايا، ويبقى المشكل؟

عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr
تحققت التوقعات وتم إعفاء وزيرة خارجية إسبانيا، وتم ماكتبناه في ال23 من يونيو الماضي بأن اسمين يروجان لتعويضها في المهام الخارجية، وكان من بينهما السفير الإسباني في باريس خوسي مانويل ألباريس.
والواضح أن إعفاء وزيرة الخارجية الإسبانية التي صار وجهها رمزا للأزمة مع المغرب، من مهامها، خطوة جيدة في الاتجاه الصحيح، ونهاية الهروب إلى الأمام الذي مورس طوال الأزمة.
المغرب سيقبل بالرسالة، ولا شك، ويعطيها حجمها، وسيبني ذلك على معطيات موضوعية، تستحضر مصلحته ومصلحة جاره الذي اجتهد كثيرا في بنائها معه.
وقبل ذلك، المغرب يدرك أن الإعفاء رسالة داخلية في إسبانيا:
فهي نتيجة شبه منطقية لحصيلة بئيسة في المجال الديبلوماسي، وفي الحالة المغربية، فقد خلفت وراءها أزمة غير مسبوقة، اللهم إلا إذا استثنينا أزمة جزيرة ليلى…
السيدة لايا غونزاليس ارتبط اسمها بقضية أزمة الثقة والتنسيق مع الخصوم التاريخيين للمغرب، وارتبط اسمها بلغة التعالي وتنشيط الحنين الاستعماري ضد البلاد، كما ارتبط اسمها بتوقيع اتفاقية الغاز، والتي تحيلنا على مصلحة اقتصادية أكثر من مصلحة سياسية، كما أنها اعتبرتها ثمنا ومقابلا لقاء الشراكة الاستراتيجية التي دخلتها إسبانيا مع المغرب، وبناها البلدان خلال عقدين من الزمن….
رسالة إعفائها ذهبت للمعارضة الإسبانية التي طالبت برأسها بسبب فشلها في حل معضلات أساسية في الديبلوماسية، ومنها فشلها، كما ذكرت مصادر إعلامية متطابقة، في رفع رسم الجمارك عن المنتجات الإسبانية، التي وضعها الرئيس الأمريكي السابق ترامب، وفشلها، في ماعرف ب”كولوار بايدن والثلاثين ثانية إلا ثانية واحدة..”
هذا الجيش الذي تم توريطه في قضية المدعو غالي بن بطوش.
هذا الجيش الذي لم يتردد في صعق الوزيرة وحرق مراكبها بالاعتراف أنها منعت قواته من التحقق من وثائق سفر الغالي.. وبالرغم من أن حليفتها التي هددت المغرب، مارغاريتا روبلس، وزيرة الدفاع، حافظت على منصبها في الحكومة، فإن التي تولت المنازعات والأكاذيب وغطت على دخول الانفصالي الغالي كانت هي لايا غونزاليس…
في اختيار خلفها أيضا موضوع رسالة للعودة إلى السلاسة في العلاقات .. فقد وقع الاختيار على لويس أرباليس، الذي سبق له أن كان سفيرا في باريس، كما كان المستشار الدولي لرئيس الحكومة بيدرو سانشيز، وهو من العارفين بأركان الاتحاد الأوروبي، الذي شغل فيه منصب الأمين العام للشؤون الدولية.
وسنرى إن كان سيعيد التقاليد الديبلوماسية إلى مجراها، بوضع الرباط كأول محطة له في الحياة الجديدة، كما سنرى إلى أي حد كان اختياره طريقة في بناء الثقة الديبلوماسية من جديد بالمعطيات التي كشفتها الأزمة.
والجوهر في الأزمة يتعلق بموقف مدريد من وحدة المغرب الترابية، وتحديد سلوك واضح إزاء خصومه..أي أن السؤال الذي طرحه المغرب: ماذا تريد مدريد؟؟؟
مازال قائما…
والتعيين الجديد سيخلق الشروط الثنائية الممكنة للجواب عن السؤال ولو تدريجيا، ولن يضع نهاية للأزمة أو يعيد الثقة التي تكسرت!
الواضح أن تقاطع الداخل والخارج في إعفاء لايا غونزاليس، هو بحد ذاته زاوية للقراءة، أي الفشل في تدبير الديبلوماسية الإسبانية في لحظة تحول قوية في غرب المتوسط، وفشلها في إقناع الداخل بسياساتها، بالرغم من وقوف الجميع إلى جانب إسبانيا في واقعة البرلمان الأوروبي.
ننتبه إلى أن إسبانيا تقدمت نوعا ما على الجبهة القضائية، ومتابعة الانفصالي ولو أنه خارج ترابها، وعلى جبهة الانفتاح الذي وقع في ما يخص توريط ضباط في تصرفات لايا التي غطت على دخول ابن بطوش، مطالب، تعد تجاوبا، نسبيا وجزئيا مع مطالب المغرب التي سبق أن عبر عنها، سواء في بلاغ الخارجية أو في تصريحات السفيرة أو في ما طالب به مدير الديبلوماسية فواد يزوغ بخصوص التحقيق وكشف نتائجه.
لكن سؤال الأسئلة، هو ما الذي ستستنتجه إسبانيا من أزمتها، وما هو التحول المطلوب منها إحداثه لكي تستقيم العلاقة مع الرباط، والدخول في المنطق الجيواستراتيجي الجديد، وتحديد طموحاتها في المنطقة، بشكل لا يجعل من نسف طموحات المغرب هو جوهر مواقفها؟
الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr - بتاريخ : 12/07/2021