المنافسة‮: ‬ماذا لو بدأنا التحليل من تشكيلة اللجنة المكلفة نفسها؟ -4-

عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr

4 – بنك المغرب: شراكة الدستور ، وتوجسات السياسة

قد يكون اسم عبد اللطيف جواهري الأكثر تداولا من بين الأسماء، في قضية تحرير أسعار المحروقات، وتداعيات ذلك على صحة المالية العمومية والمالية الفردية للمغاربة.
فوالي بنك المغرب، لم تمر تصريحاته بهذا الخصوص، بدون أن تتلقفها وسائل الإعلام، وكذا الفاعلين المعنيين، بكثير من الصدى…
وقد يبدو أن البعد السجالي للمناضل الطلابي السابق في الاتحاد الوطني لطلبة المغرب-نائب رئيس “أوطم” – ليس وحده ما يسوغ هذا الحضور، إذ أنه قد يعتبر بأن مهام بنك المغرب، ذات الصلة بالموضوع، لا تتوقف عند استقرار الأسعار، بقدر ما تتعداها، منذ إصلاح القانون المنظم لها.
وهو يتولى في نطاق الصلاحيات المسندة إليه بظهير شريف مهمة “المساهمة في تحقيق الأهداف الاقتصادية والاجتماعية التي تحددها الحكومة “.
وهو معني بأبعاد قرار تحرير الأسعار، وتنفيذه وتبعاته على المهمة الاجتماعية المفترضة لقرار مثل هذا..
وهو مخول أيضا بأن يضع التوصيف المتعلق بالجانب المرتبط بتسقيف الأسعار وحمال المستهلك، وتأثير كل ذلك على المغاربة من زاوية انعكاس تغيرات الأسعار دوليا على مستوياته داخليا…
وقد سبق له، في أكتوبر 2018، خلال لقاء “المالية العمومية”، أن أطلق تصريحات مثيرة، – هناك من اعتبرها فضيحة – حول الأسعار المرتفعة للمحروقات بالمغرب.
وقتها قال والي بنك المغرب إنه: “ليس هناك أي استفادة للمواطن المغربي من الانهيار الكبير لأسعار النفط عالمياً، ولا يستفيد منها سوى شركات توزيع المحروقات”.
واتهم الجواهري شركات توزيع المحروقات والحكومة بشكل مباشر، بالتورط في إغناء شركات توزيع المحروقات من على ظهر المواطن الذي لايزال يشتري المحروقات بنفس السعر حينما كان البرميل يتجاوز 140 دولاراً.
ورفعت تصريحاته الحرج على كثير من الأصوات، ومن بينها أصوات لمهنيي النقل، الذين اتهموا «شركات توزيع المحروقات وأصحاب محطات الوقود، بعدم تخفيض أسعار الوقود بالشكل المطلوب، أي بالمستوى الذي تراجعت به في الأسواق الدولية»، العديد من اصواتهم حذرت «من عدم احترام الفاعلين في القطاع قواعد السوق وتعطيل آليات المنافسة».
غير أن وقع هذه التصريحات القوية لوالي بنك المغرب، يبدو أنها أثارت نقعا! كان من تداعياته أن الجواهري صرح من بعدها بأنه لا «يريد مواجهة مع شركات المحروقات.. ما يدخلوا فيا.. ما ندخل فيهم«.
ونقلت عنه منابر صحفية متعددة قوله إنه « يفضل الابتعاد عن هذا الموضوع وعدم التعليق عليه مخافة ردود فعل شركات المحروقات»، بل توجه إلى صحافيين في ندوة صحفية حول الموضوع مطالبا بألا « يقحموه في السياسة «.
وفي هذه العبارة /الرجاء، ما يشبه الإعلان بأن الأمر دخل بالفعل في التباس السياسة وتوجساتها، ولم يعد موضوع وضوح مالي وتنظيمي فقط!
شراكة أخرى، علاوة على الشراكة الدستورية العامة إذا شئنا القول، تربط البنك مع مجلس المنافسة، وهي اتفاقية التعاون التي تم توقيعها في يناير 2020، وأعلن الطرفان أنه بموجب هذه الاتفاقية، ستتخذ المؤسستان كل الإجراءات الرامية إلى تحسين ومواكبة الفاعلين البنكيين بهدف ضمان «الامتثال لأفضل المعايير والممارسات التنافسية«.
واستندت اتفاقية التعاون بين المؤسستين، إلى «كل من القانون المتعلق بمؤسسات الائتمان والهيئات المعتبرة في حكمها (القانون البنكي )، والقانون المتعلق بمجلس المنافسة ، اللذين ينصان على إرساء علاقة تعاون وثيق بين بنك المغرب بصفته السلطة المكلفة بتنظيم القطاع البنكي، ومجلس المنافسة الذي يملك صلاحية مراقبة وتقنين المنافسة على مستوى جميع القطاعات«.
وهذا معطى آخر يجعلهما على خط واحد بخصوص تأمين التعاون والتحكيم في قطاع المال والأعمال والمحروقات..
لاشك، ختاما، أن عبد اللطيف الجواهري يستشعر، بعد نصف قرن ، جزءًا من الحرارة التي طبعت مروره في قيادة الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، أو هذا ما هو مسموح لنا بأن نستعيده معه، من خلال الشهادة التي قدمها عن تلك الفترة، ضمن مواد كتاب نادر وقوي، بادر إليه مركز ابن سعيد آيت يدر للأبحاث والدراسات، في شهادات حول “أوطم” وحول محمد الحلوي، ففيها يقول الجواهري: «كان للسنوات التي أمضيتها ضمن الاتحاد وقع خاص في حياتي الشخصية والمهنية ما أزال أستشعره بعد مضي كل هذه العقود.»..
إشارة حنين قد تسعف في اختيار الموقف من مجريات التنافس والمنافسة وأرباح الزفت والبترول…

الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr - بتاريخ : 13/08/2020