المنافسة‮: ‬ماذا لو بدأنا التحليل من تشكيلة اللجنة المكلفة نفسها؟ -3-

عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr

-3 المجلس الأعلى للحسابات: بعيدا عن النص، قريبا من الواقع

كان رئيس المجلس الأعلى للحسابات رابع شخصية في ترتيب أعضاء اللجنة المكلفة بالنظر في تقرير مجلس المنافسة.
وهو رابع شخصية تترأس مؤسسة دستورية، للنظر في وضعية داخلية لمؤسسة دستورية أخرى موضوع تنازع داخلي…
وهو أيضا رئيس مؤسسة دستورية، منصوص عليها في الفصـل147، الذي ينص على أن »المجلس الأعلى للحسابات هو الهيئة العليا لمراقبة المالية العمومية بالمملكة، ويضمن الدستور استقلاله.
ويمارس المجلس الأعلى للحسابات مهمة تدعيم وحماية مبادئ وقيم الحكامة الجيدة والشفافية والمحاسبة، بالنسبة للدولة والأجهزة العمومية«.
يمكن أن تكون للمهام الأخيرة، وظيفة المدخل للمتابعة والتتبع في قضية المجلس وقراره..
وبعيدا عن النص قريبا من الواقع، يروج في الأوساط السياسية، منذ شهر يونيو الماضي، أن المجلس الأعلى للحسابات أنجز تقريرا عن وضعية قطاع المحروقات، وصفته كثير من المصادر السياسية والإعلامية بأنه صادم، وينتظر الرأي العام إصدار هذا التقرير وتعميمه، للاطلاع على تفاصيل الموضوع بلغة لا تميل إلى الخشب ولا تتوارى وراء البلاغة الملتبسة للتوازنات السياسية.
وسبق للمجلس الأعلى أن تناول القطاع بدرجة أولى، في تقرير قدمه لمجلس النواب، وكان إدريس جطو وقضاته قد حذّروا فيه »من ضعف المخزون الاحتياطي الخاص بالمنتجات البترولية«، مسجلين في الوقت ذاته وجود “نقص هيكلي مقارنة مع المستوى القانوني المحدد في 60 يوما من الاستهلاك بالنسبة إلى المنتجات المكررة، لدى الموزعين”.
وقال المجلس، ضمن تقريره السنوي برسم الأوضاع عام 2015، إن المخزون قد وصل، في كثير من الحالات داخل السنة نفسها، إلى مستويات حرجة لا تتعدى 10 أيام من الاستهلاك بالنسبة إلى بعض الشهور، ومما أثاره المجلس كون المقتضيات القانونية المتعلقة باستعمال المخزون الاحتياطي، الذي يخضع لترخيص القطاع الوزاري الوصي، والمراقبة والعقوبات المنصوص عليها في حالة عدم تكوين المخزون، أصبحت غير مطبقة…
وفي تقرير مماثل، عاد إدريس جطو في أبريل 2017، إلى النقطة المعتمة الخاصة بالسوق والتخزين وغير ذلك مما له علاقة بسير قطاع المحروقات ودق من جديد ناقوس الخطر بشأن الاختلالات الكبيرة التي يشهدها المخزون الاحتياطي للمنتجات البترولية والتساهل في القوانين المؤطرة للقطاع ما بعد تحريره..
وفي سياق مغاير رفض المجلس النظر في خلاصات التقرير الذي أعدته اللجنة البرلمانية الاستطلاعية حول المحروقات، التي سبقت الإشارة إليها، والتي هزت خلاصاتها القطاع، لاسيما ما يتعلق بالأرباح الناجمة عن التحرير….
وكان التسويغ النظري في الدفع بعدم الاختصاص هو أن المجلس لا يتابع الأوضاع العملية والمالية للشركات الخاصة، ومنها شركات المحروقات وتجمعاتها.
وهو ما يطرح طبيعة تفكيره في التحكيم المطلوب منه في تقديم وضعية مجلس المنافسة.
فهو من اختصاصه» مهمة تدعيم وحماية مبادئ وقيم الحكامة الجيدة والشفافية والمحاسبة، بالنسبة للدولة والأجهزة العمومية«، كما أشرنا في بداية المقال، ومن جهة أخرى لا علاقة له، قانونا، بسير الشركات موضوع العقاب الصادر عن مجلس المنافسة، وفي الوقت ذاته، ثالثا، أعلن عن اختلالات كبيرة في القطاع وفي هوامش الربح وفي تدبير المراقبة والتتبع…

الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr - بتاريخ : 12/08/2020