النزاهة ضرورية كمسألة مزاج عام كذلك..

عبد الحميد جماهري
تفتح القرارات الصادرة عن القضاء والخاصة ببعض وجوه »النخبة« السياسية والتدبيرية شهية العموم من أجل أن تنطلق في بلادنا عملية »تطبيق» العقاب المسؤول والقانوني في حق كل من ثبت في حقه الذنب. ويتابع الناس في المراحل الأخيرة، بتفاوت واضح، حسب الحالات والمواقع ومكانة المتابع، بشعور حاسم، أخبار محاكمة المسؤولين البرلمانيين والجماعيين الذين تلطخت أرواحهم قبل أياديهم بملفات غير سليمة، وكذا حالة ملفات أسماء وفرق عمل كاملة الأعضاء في قضايا تدليس مالي واقتصادي على الدولة، كما هو حال الملفات التي أحالها وزير الصحة أيت طالب على القضاء.. ويأتي سقوط أربعة أسماء من الأسماء المركزية في المشهد الانتخابي والمؤسسات في بلادنا، تم إعلان فوزهم في الانتخابات السابقة في الحسيمة، بسبب أخطاء انتخابية، ورقةً ضروريةً في مشهد ظل مثار قلق، و مناسبة مستحبة تعيد للذين يؤمنون بالقانون والمرافعات الذكية فيه وقوة الشيء المقضي به الأمل في الجدوى الديموقراطية..في قضايا ذات الصلة بالخطأ الانتخابي .
ومرد شعور الارتياح في تقدير العبد الفقير لربه هو أن الناس ترى أن المؤسسات المعنية تترك لقانون الجاذبية فعاليته، في سقوط التفاح الذي يجب أن يسقط، وبدون مساعدة من أي كان للرؤوس الآيلة للسقوط.
والرؤوس الآيلة للسقوط يكون من المفيد للمزاج العام والراحة النفسية للديموقراطية أن تخضع لقانون نيوتن بخصوص سقوط ما يجب أن يسقط ! بدون اللجوء إلى دعامات سياسية وأخرى «نهبوية «»تتباكى على شهرة النخب التي» تمرمدها« النزعة الانتقامية الشعبية !
لا يوجد قطاع من قطاعات المسؤولية الجماعية، لا يملك المسؤولون عنه ملفات لدى المجلس الأعلى للحسابات، ولا يوجد أيضا من التداخل بين الأنواع وحالات التنافي ما يجب أن يخضع للمساءلة وتفعيل المبدأ البسيط القاضي بأن يكون الجميع سواسية أمام القانون.
و أعترف،بل أدافع على أنه ليس كل شيء أسود في البلاد، ولكن لا بد أن نملك النظارات المناسبة لكي نرى ما علق بأثوابنا من نقط سوداء مهما صغرت.
وأكاد ابتسم وأنا أكتب «مهما صغرت»، ولكنها طريقة تفاؤلية في القول بأن حاجة المزاج العام المغربي إلى عملية تنظيف ولو صغيرة صارت ضرورة يستوجبها تنشيط عضلات الأمل وعضلات التفاؤل.. بالـ»ضوباج «القانوني المباح !
يقول المرافع الضالع في الدستورانية إن مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة صار مبدءا دستوريا، وتم تفعيله غير ما مرة في سياقات مختلفة مجالياوتدبيريا وحكوميا، وكان ملك البلاد هو من سهر على تطبيقه وتفعيله بما يتجاوب مع أفق انتظار. مغربي، خلقته الحالة المثيرة للتدبير العام أو الأخطاء التي وقعت في المسارات الخاصة بالمسؤولية الحكومية وغير الحكومية.
وهو ما يجب أن يمثل النموذج الذي تعمل به المؤسسات.
هناك حدود مؤسساتية يحترمها أول من يحترمها ضامن السيرالدستوري للمؤسسات والضامن الدستوري لوحدة التراب والأمة.. ووحدة القانون المتوازن بين السلط والمؤسسات..
هذه الحاجة التي يجتهد البليغ قانونيا في التعبير عنها بكلمات اصطلاحية معروفة، تحفظ لنفسها غير قليل من الغموض الضروري، بالنسبة للعموم، وسرعان ما تصبح واضحة وبسيطة وذات شعبية أكبر عندما تجد تجسيدها في ملفات واضحة وتجارب واضحة وعمليات واضحة..
كان من الممكن أن نكتفي بما صدر عن المجلس الدستوري في قضية المرافعة التي وضعها المرشح والمناضل والبرلماني الأخ عبد الحق امغار، وصاغها بقوتها القانونية والبلاغية الأستاذ الحسين العياشي، المناضل الاتحادي العامل بنشاط مخلص، ولكن القضية فيها، بالنسبة لأهلنا في الحسيمة وفي عموم التراب الوطني، ما له علاقة بضرورة رش المناخ العام ببعض العطور التي تفتح النفس، وهذه قضية مهمة في الحياة العامة، التي توجد عليها الشعوب في ما بعد كورونا، وفي تزامن مع الحرب، وفي ترقب ما قد يفعله جدري القرود، مما تركته الأوبئة والحروب…
الحسيمة، لأسباب يعرفها الجميع، في حاجة إلى قرار مثل القرار الذي صدر، وإلى تدقيق في المرافعات وفي تصحيح الأخطاء مهما صغرت، وفي المختبر الديموقراطي، في أعالي الريف يمكن تفعيل جزء من التنشيط الضروري للديموقراطية….
لعل أهم مظهر من الديموقراطية، ينفع كثيرا عموم الناس، هو العدالة الفعالة: الضريبية، والقانونية والقضائية والعدالة … السياسية. وفي كل مرة تنتصر العدالة يتحسن مزاج المواطنين وتتحسن بيئة الأعمال وبيئة الناس، وضحكتهم، وتزداد قناعاتهم بأن الوطن يليق بتربية الأمل…
الكاتب : عبد الحميد جماهري - بتاريخ : 23/05/2022