انهض يا ماديبا، لقد أصيبوا بالجنون!

عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr
جنوب إفريقيا: دولة متهمة بالتزوير واستعماله!
لطالما استندت جنوب افريقيا على «كتلة أخلاقي» ، اكتسبها مناضلوها، من المعركة الطويلة ضد الابرتهايد.
بالرغم من أن ما فعلته جنوب إفريقيا، من بعد هو التنكر للاحتضان المغربي، الذي أقر به الزعيم الخالد نيلسون مانديلا في مذكراته ( طريق طويل نحو الحرية، التي قدر لهذا العبد الفقير إلى رحمة ربه أن يترجمه فور صدوره منتصفَ تسعينيات القرن الماضي)، فإن الدولة سرعان ما قلبت لنا ظهر المجن وانحازت، بلا شروط إلى المحور المناهض لبلادنا.
ولم نكن نتصور أبدا أن دولة، ستسعى إلى أن تكون عضوا باسم افريقيا في مجلس الأمن، وستستند إلى تاريخ طويل من الصراع من أجل حقائق الواقع التي أنكرها «البويرز» العنصريون يمكنها أن تلجأ إلى التزييف،
وأنها، حتى وهي تعار ضنا في حقنا، فسوف تصارعنا بفروسية تليق بدول إفريقيا كاريزمية.
ما الذي حدث؟
لقد بعث السفير الممثل الدائم لجنوب إفريقيا – التي كانت تتولى وقتها رئاسة مجلس الأمن ، وتتولى إلى حد الآن رئاسة الاتحاد الإفريقي – في 29 دجنبر 2020 إلى الأمين العام للأمم المتحدة، رسالة عما أسماه «قرارات الدورة الاستثنائية الرابعة عشرة لقمة الاتحاد الإفريقي، بشأن موضوع +إسكات البنادق+، بينها قرار بشأن قضية الصحراء»!
ويستفاد من هذه الرسالة، أن القمة المذكورة كانت» مخصصة حصريا لقضية الصحراء المغربية» في تضليل واضح يخفي 56 فقرة في القرار حول مواضيع أخرى، وأن القضية الوطنية هي الفقرة 57…!
وهي فقرة تختلف تماما عما قدمتها رسالة ممثل جنوب إفريقيا.
ومن تحايل الدول الكبرى، يتبين أنها أرادت تضليل الرأي العام، كما لو أننا ما زلنا في العصر الحجري، بأن إفريقيا لا حديث لها سوى عن .. الصحراء!!!!
وغيبت قضايا جوهرية في الحياة العامة للقارة وقضاياها الرئيسة من قبيل قمة التبادل الحر..
نحن إذن أمام تزوير فاضح، وغريب وملغز، إذا ما استحضرنا تصريحات رئيس الدولة الخصم نفسه… في وقت انعقاد القمة الاستثنائية.
وقد شرح المغرب في رسالة لعمر هلال، حيثيات القضية بتفصيل ممل، لا سيما القرار
القرار 693، الذي اعتمدته القمة الإفريقية في نواكشوط (1-2 يوليوز 2018)، والذي «أقر بوضوح أن قضية الصحراء المغربية هي مسؤولية حصرية للأمم المتحدة، مبرزا أن هذا القرار أنشأ آلية الترويكا للاتحاد الإفريقي، والتي يقتصر دورها على «تقديم دعم فعال للجهود التي تقودها الأمم المتحدة».
لقد راهن خصوم المغرب على القمة التي عقدت في ظروف متزامنة مع تطهير الكركرات، بهدف:
– أولا، معاقبة المغرب على ما فعله في الكركرات من عمليات أعادت الاعتبار للسلم والأمن في ممر حيوي يهم إفريقيا كلها.
– ثانيا، تدخل عاجل في المنطقة لإجبار المغرب على التراجع عن المنطقة، التي أصبح فيها هو عربون السلام والاستقرار.
– ثالثا، طرد المغرب من الاتحاد الإفريقي، كما روجت آليات البروباغندا وقتها!
فلم يحصل أي شيء مما طالبوا به، أو لمحوا إليه أوعبأوا بشأنه أنصارهم.
والغريب الملغز هو أن الذين دافعوا عن شرعية قرارات الاتحاد الإفريقي، هم الجنوب الإفريقيون.
وقتها عممت وكالة «لاماب» قصاصة تخبرنا كيف «تبرأ رئيس جنوب إفريقيا والرئيس الحالي للاتحاد الإفريقي سيريل رامافوزا، من انفصاليي البوليساريو، مؤكدا وجاهة القرار 693 الصادر عن القمة الإفريقية، التي انعقدت في يوليوز 2018 في نواكشوط بموريتانيا».
وجنوب إفريقيا، هي نفسها التي فاجأتنا «إيجابيا لمّا رفضت أن تناقش موضوع الكركرات، وما يخص مطالب الخصوم الدائمين للمغرب، على مستوى السفراء والوزراء».
فالأمر يعني تفسيرا واضحا وتأويلا معقولا للقرار المذكور أعلاه، يجعل القضايا ذات الصلة، لا تناقَش إلا على مستوى رؤساء الدول،وبذلك ضاعت فرصة كبيرة من بين أيديهم للّعب والتّملص والتحايُل على الأفارقة وممثليهم في مستوى السفراء والوزراء..
لكن الدولة نفسها أعادت لنا مخاوفنا، لما ذكرتنا بأن الانفصاليين ودولتهم الوهمية مدينون للنصب والاحتيال في دخولهم المنظمة الإفريقية الطيبة الذكر في ثمانينيات القرن الماضي .. وأن دولة جنوب افريقيا تريد أن تعيد نفس السيناريو، وهذه المرة من أجل إحياء الوهم دوليا، والاحتيال والتزوير على المجتمع الدولي برمته..
وبالعودة إلى القرار، توجب أن نذكر بمحتوياته الأساسية ومضامينه، لنفهم معنى الاحتيال باسمه:
فالقرار، يدعو إلى تنشيط عمل الترويكا / الثلاثية الإفريقية على مستوى الاتحاد الإفريقي، وتشجيع مجلس السلم والأمن على مستوى رؤساء الدول، لتقديم الدعم للأمم المتحدة في قضية الصحراء المغربية ككل .فهو، لم يخص موضوع الكركرات، كما تروج لذلك الآليات الدعائية الانفصالية، بل أعاد التأكيد على ما تم الاتفاق عليه مسبقا..
وإذن، وبالعودة إلى تفاصيل الموضوع نشير إلى ما يلي:
– عندما صدر القرار 693 ، تعالت صيحات الانتصار، من طرف الخصوم، واعتبروا التنصيص على آلية الثلاثية انتصاراً لهم، وتقدموا-أيضا- في تقاسم المسؤولية بين الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي في الموضوع إلى آخره.. واليوم، يشعرون بغير قليل من الضيق والحسرة، من نهاية هذا الوهم، يفرحون لأقل من ذلك،أي بالدعوة إلى «إعادة تنشيط آلية الترويكا»، فقنعوا من الخبزة باسمها!.
بتلخيص أولى، نرى أن الخسارة كانت على مستوى التشبث بالقرار الصادر عن قمة نواكشوط، وأنه دعا إلى عمل مجلس الأمن والسلم على مستوى رؤساء الدول، ثم تشجيع ،وليس تكليفا أو مساندة مباشرة له، على تقديم ما يمكن أن يقترحه مجلس الأمن والسلم في الاتحاد الافريقي،لدعم جهود الأمم المتحدة. وبذلك لم يحصل أي تغير كما يدعي الخصوم الذين سارعوا إلى القول بأنه «عادت القضية مجددا لأجندة مجلس السلم والأمن الإفريقي «.
وخلاصة القول، أن القمة لم تطرح في جدول أعمالها ماحصل في الكركرات، كما أراد الممثلون المدافعون عن البوليساريو وراعيته، كما لم تغير من اختصاص الاتحاد الإفريقي في شأن الصحراء المغربية.
الذي يحصل أمام أنظارالعالم ، أن الدولة التي مارست إرهابها عند قطع الطريق على سفينة مغربية وحجزها، القضية المعروفة عالميا، تذكرنا بأن الطبع يغلب التطبع، وأن الجنون يتطلب استيقاظ مانديلا، ماديبا، لأنه على الأقل عندما كان يلتزم بتصريح ما أو اتفاق ما أو موقف، كيف ما كانت سلبيته، يحافظ على « كلمته»، ولا يتلاعب بأخلاق المسؤولية ، كما يفعل الذين تحركوا على إيقاع السعار الجزائري منذ إقرار سيادة المغرب على صحرائه من طرف أمريكا، ومنذ المؤتمر الدولي لدعم الحكم الذاتي، والذي حضره الكثير من الدول الإفريقية، وفي الوقت الذي بدأ فيه الحديث عن تغيير في القوانين الاتحادية الإفريقية، لطرد صنيعة الجزائر، وتدمير المحور الذي يربطها ببريتوريا..
الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr - بتاريخ : 23/01/2021