برافو omdh : الكرة في ملعب البرلمان والحكومة في قضية المطرودين من الجزائر
عبد الحميد جماهري
عملت المنظمة المغربية لحقوق الإنسان على تحيين النظر في ملف المغاربة المطرودين من الجزائر، وجعلته عنوانا حقوقيا من عناوين المرحلة الحالية، ونقطة على جدول أعمال المرحلة القادمة…
والواضح أن الـ47 سنة التي مضت على تلك المأساة الديسمبرية القاسية، لم تضمد جرح الذين طردوا من حيث كانوا، ولا أسقطتْ بالتقادم مأساتهم ولا أن الزمن الذي مر عليها أعفى الحاكم الجزائري، الأمس واليوم، من سؤال الضمير والشرط اللاإنساني الذي تمت فيه عملية الترحيل.
لقد وضعت المنظمة المغربية لحقوق الإنسان مدخلا مغربيا لهذه المهمة، وذلك عبر دعوة ذكية لفتح الملف، من باب .. البرلمان المغربي.
لهذا جاءت النقطة العاشرة في بلاغ المنظمة داعية إلى «التسريع بتشكيل اللجنة النيابية لتقصي الحقائق حول ملف المواطنين المغاربة المطرودين من الجزائر سنة 1975 لممارسة مهامها في البحث والتقصي، وإنصاف الضحايا، وفق مبادئ القانون الدولي…
نحن نعلم أن اللجن التي تشكلت إلى حد الساعة شملت مواضيع ذات طبيعة داخلية، من البكالوريا إلى أحداث اكديم ازيك بالعيون 2010مرورا بأحداث إضراب فاس والمخدرات95 والقرض العقاري والسياحي 2000 وسيدي افني 2008 ! وهي المرة الأولى التي نكون أمام مطلب له علاقة بدولة أخرى…
ومن الواضح أن اللجنة لتي طالبت بها المنظمة المغربية، تتطلب مسطرة خاصة، أيا كانت الجهة التي تبادر إلى تشكيلها، لأن الأمر يتعلق بجمع معلومات ذات علاقة بوقائع تتقاطع فيها العديد من الأبعاد، الدفاع الوطني والأمن الخارجي للبلاد إضافة إلى العلاقة مع دولة شقيقة صارت ….أجنبية عنا!
هذه مسطرة للجنة غير مسبوقة، حسب علم الفقير لنور ربه، مما قد يستوجب قبول رئيس الحكومة تسليم الوثائق المطلوبة والسماح للأشخاص المعنيين بالإدلاء بشهاداتهم، أو له أن يعترض .. وفي كلتا الحالتين ستتحدد الإرادة السياسية في مأساةٍ إنسانية لا غبار عليها!
ومن الواضح الذي لا يحتاج إلى مرافعة حقوقية حماسية، أن اللجنة ضرورية لاعتبارات إنسانية أولا تهم العدالة، والتي لم يتردد المغرب في أن يطبقها على نفسه في أدق تفاصيلها وقصصها ألما وقسوة.
وهي إلى ذلك ضرورة سياسية وأخلاقية، لأن الدولة المعنية بالطرد «تستهين « بآلام هؤلاء الناس، بل تصل بها الوقاحة إلى درجة أنها تستصغر معاناتهم ووضعهم الاعتباري في الجزائر ( المدعو عمار بلاني تحدث عنهم كـ«خمّاسة» في الأراضي الفلاحية الجزائرية …).
لقد ظل المغرب المؤسساتي يعالج هذا الوضع كمعضلة داخلية، والحال أنها تهم شرطا لا إنسانيا لأزيد من 45 ألف عائلة، شُرد أفرادها تبعا لهستيريا سياسية لنظام عجز عن الرد عن المسيرة الخضراء…
لقد طالبت المنظمة بإنصاف الضحايا وفقا للقانون الدولي، وهو وضع له معاييره، ومشترطاته ومساره وأعرافه، ويتطلب معرفة دقيقة لنقل هذه المأساة …إلى المحفل الدولي بناء على قاعدة العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية للأجانب. وهو وضع في الحقيقة قاصر عن الإحاطة بالوضع الخاص للمغاربة الذين كانوا في الجزائر حيث اعتبروا مواطنين من طرف إخوانهم الجزائريين…
لعل دعوة المنظمة، ختاما، قد تكون تحولا متقدما في الاتجاه الصحيح في قضية إنسانية وسياسية لا مثيل لها، اللهم إلا في تاريخ الاضطهاد والفاشية..وتستوجب التفاعل مع هذا المطلب لرفع كل الاحترازات، التي تقف في وجه تحميل نظام العسكر مسؤوليته الدولية!
الكاتب : عبد الحميد جماهري - بتاريخ : 06/06/2022