«بروباغاندا» الشك العالي..!

عبد الحميد جماهري
نرفض التشكيك التركي في النجاعة الأمنية المغربية…
لا علاقة ظاهريا بين قناة تي.آر.تي التركية وبين الشأن الداخلي المغربي، خصوصا عندما يتعلق الأمر بالمجال الأمني.
لكن الظاهرأن هذا التسليم المنطقي، لا يفيد في فهم ما قامت به قناة تي آر تي الرسمية، عبر موقعها في الانترنيت.
فهي قد دست العسل الإعلامي-فيما يبدو- في السم السياسي، وشككت في العمليات الأمنية ذات الصلة بالإرهاب، وبدأت تبحث عمن تقيم به الدليل على أن التفكيكات كلها مسرحية!
كذا..
لنُعِد كتابة القصة..
منذ ثلاثة أيام، نشر الموقع مقالا في زاوية قضايا، عنونته بـ «المغرب والخلايا الإرهابية”.. حقيقة أم مبالغات حكومية»؟”، وهو – بحد ذاته – مدخل يكشف أن الواقفين على القناة، اتخذوا زاوية للمعالجة، تعتبر أن السؤال في قضايا قائمة كافٍ لكي يدخلها، وقد وضعت نفس المسافة، في تساؤل لا يخلو من استنكار، من الحقيقة التي تكشفها الأجهزة الأمنية والأوضاع القريبة منا، وبين الشك وكشف الطابع الغالب والمبالغ في الفعالية الأمنية..
ربما كانت القناة تنتظر أن تنجح الخلايا في تفجيراتها وهجوماتها، لكي تعلن بأن الحقيقة ليست مبالغة حكومية..
وربما كان الفشل هو ما يجب أن يقوم دليلا على الحقيقة وليس المسرحية..
وربما، أن الأتراك الذين يفتخرون بأنهم ينزلون أطنان المتفجرات على من يسمونهم أعداء في شمال العراق و سوريا” أو على الحدود مع الجيران، هو الأسلوب المقنع وحده في التبرير..
غير أن الذي بنت القناة عليه قناعاتها هو اسم واحد لا غير..
فالقناة التي رفعت شعارا لها، بأنها «لن تكون للدعاية التركية وإنما ستتناول القضايا السياسية المشتركة بين تركيا والعالم العربي»، بحثت عن معتقل سابق في قضية الإرهاب،يدعى محمد حاجب، ويقيم بألمانيا،. اقتطعت من فيديوله عبر صفحته على فيسبوك، جملة يقول فيها بأن «العائلات والجيران، كلهم مُجمعون عبر تصريحات للصحفيين، على أن المعتقلين هم ضحايا لا علاقة لهم – لا من قريب ولا من بعيد – بهذه الشبكات، لكن السلطة مستمرة في هذه المسرحية»،
ويقول – كذلك – بأن رجال الأمن أطلقوا الرصاص في بيت أحد المعتقلين شهر شتنبر الماضي، رغم أنه كان نائماً لحظة اعتقاله، وذلك في محاولة إقناع الشعب، رغم أنهم يعرفون أن الشعب لا تنطلي عليه هذه الحيل».
الغريب في قناة تي آرتي التي تقوم – منذ سنوات – بإعادة هيكلة نفسها، منذ أن تولى في 2015 توران كشلاكجي إدارة المحطة ..لم يسأل المستبصر الألماني كيف عرف أن المعتقل كان نائما عندما تم إطلاق الرصاص؟
ألا يفترض فيه أن يكون حاضرا على الأقل، أوأنه يملك كاميرا تسجل نومه، وهو يراقبه من ألمانيا،.
الحقيقة، أن الأسيرالمعني بالتنبيه، هو أحد أخطر المتطرفين، سبق له أن اعتُقل في 2004 و2006، وكان يتجول بسلاحه الأبيض..
والخلية، تعتبر من أخطر الخلايا التي فككها «البسيج»، وذات نزوعات انتحارية واضحة…
تقول القناة كذلك: «هذه العمليات الشهرية كثيراً ما أثارت جدلاً واسعاً على منصات التواصل الاجتماعي، وطفت ?بشكل واضح- تعليقات مشككة تصف «التدخلات الأمنية» بـ «المسرحية».
وهي المرة الأولى في تاريخ تعريف الإعلام، التي يكون فيها تصريح لمعتقل سابق «سجلوا أنه معتقل سابق في قضية إرهاب ترك بلاده، وسافر إلى ألمانيا» لكي يصبح جدلا واسعا.وهي المرة الأولى التي يكون لنا فيها جدل واسع …بصوت واحد؟..
أليس هذا ما يسمى في الدراماتولوجيا، المسرح الفردي؟
نعرف أن التعريف الممنوح لكل منصات الويكبيديا، يقول بأن «قناة تي آرتي العربية، قناة فضائية ضمن مؤسسة الإذاعة والتلفزيون التركية »تي آر تي». وهي أول محطة تركية ناطقة بالعربية، تم افتتاحها بموجب قرار حكومة حزب العدالة والتنمية، لتدعيم التواصل الثقافي والأخوي بين تركيا والعالم العربي بداية شهر أبريل 2010. وهي تابعة للهيئة العامة لإذاعة وتلفزيون تركيا».
ومن هنا يصعب أن نقتصر
في توصيف القصور الإعلامي بأسباب مهنية أو بسوء تملك أخلاقيات المهنة.
لا بد أن للأمرعلاقة بما بين تركيا والمغرب، في مناطق عديدة من الحياة الدولية.
هل تريد تركيا أن تشوش على مغرب أعاد النظر في اتفاقية التبادل الحرمعها؟
وهي تعتبر أن سيادته الاقتصادية ليست من حقه أمام دولة العثمانيين الجديدة؟
هل تنزعج من أن العمليات الأمنية الحادة، التي حظيت بتنويه كل مخابرات العالم، ومكنت المغرب من أن يصبح الرئيس الثاني للمنتدى الدولي لمحاربة الإرهاب، قد تمس قطاعاتها الدعائية، وأدرعها السلفية، التي اكتشفناها، وهي تنتقل من سوريا إلى ليبيا، في المحور العثماني الجديد؟
أم هناك ما يغضب في المغرب، الذي يسعى إلى حماية نفسه، وحماية جيرانه في أحايين كثيرة من تنقلات الأسلحة والإرهاب، وتركيا، موجودة في قفص الاتهام.
ويكفي أن نستعيد الأخبار للسنين الأخيرة فقط، عندما تناقلت وسائل الإعلام، غربية وعربية كيف أن أنقرة دعمت الجماعات الإسلامية في ليبيا بالأسلحة، رغم الحظر الدولي المفروض على طرابلس، وفي دجنبر 2018، عندما تم ضبط شحنة أسلحة قادمة من تركيا، في »ميناء الخمس «بالقرب من طرابلس، وتحتوي على 3000 مسدس صناعة تركية وأسلحة وذخيرة أخرى.
وفي فبراير 2019، صودرت شحنة أسلحة تركية في الميناء نفسه، وشملت تسع مركبات هجومية مدرعة من طراز تويوتا سييرا ليون ودبابات تركية الصنع.
وكلها كانت موجهة إلى الجماعة الليبية المقاتلة، التي شكلت في بداية الألفية الحاضنة الإرهابية للجماعة المغربية المقاتلة، التي تبنت عمليات الدار البيضاء في مارس 2003…
وليست الصدفة وحدها، التي جعلت أعضاء الخلية، التي تم تفكيكها في العاشر من شتنبر بطنجة، كانت تنوي العمل بنفس الطريقة التي عملت بها خلايا 2003.
ولعل التشابه لا يقف عند هذا الحد، بالنسبة للجانب الأمني نفسه، حيث كان مدير الفرقة الوطنية التي حققت في مارس 2003، هو نفسه الخيام الذي يتولى إدارة »البسيج» الذي فكك العملية، بحضور رئيسه الحموشي..
لسنا بصدد التهويل، ولا ليّ دراع الحقيقة، لكن على الإعلام الرسمي التركي أن يحترم سيادة استعصت على كل الأبواب العالية في تاريخ الدنيا القديم والجديد..
قد لا نشاطر الإعلام الغربي وبعض الإعلام العربي، تشككه في محاربة أنقرة للإرهاب، ونحن نذكر? بالفعل- أن بلادها كانت عرضة للعمليات القاتلة، لا سيما في ظروف الحرب على سوريا والعراق وغيرها..
وتركيا، التي فتحت أكثر من جبهة (في سوريا وليبيا والمتوسط وأذربيجان مؤخرا..) تعرف أن جبهة أخرى مع المغرب ليست سياسة فاعلة.. وتركيا، في كل الوصلات السياسية، هي أحد المراكز الإجبارية للمرورإلى تنظيم الدولة الإسلامية، وكما أن جزءا من المقاتلين المغاربة في هذه التنظيمات أقاموا بها بنيات تنسيقية« للضغط على بلادنا.
الأهم من ذلك، أن الأجهزة الأمنية لمحاربة الإرهاب والخلايا الترهيبية، تحظى بتقدير كبير في البلاد، سواء من لدن الطبقة السياسية أو المواطنين، الذين يعرفون أن جزءا من أمنهم وسلامتهم، بل وحياتهم وحياة بلادهم، يدينون به إلى» البسيج «ونظرائه.. والمطلوب، أن التعاون الدولي المناهض للإرهاب، يفرض على تركيا التعاون مع المغرب في هذا الباب..
وتركيا، تعرف أكثر من غيرها ، ضرورة أن يتولى المغرب، استباقيا الدفاع عن نفسه، هي التي رحّلت مغاربة اعتقلتهم فوق ترابها، ولم يتحدث الإعلام المغربي عن أي «مسرحية» تركية في هذا الباب، بالرغم من اطلاعه على تعدد الحروب ضد الأكراد وتنظيماتهم السياسية أو ضد الفصائل المناهضة لأنقرة وسط الإسلام القتالي، بسبب اختياراتها وتحالفاتها من داخل هذا المستنقع.…
أخيرا، يجب أن تحمي الحكومة سمعة الأجهزة، بل وتحرص على أن تجعل من ذلك شرطا للتعاون، كما حدث مع فرنسا إبان اعتقدت باريز أن المغرب محمية ما..
نحن نعرف، كما سبق أعلاه أن تي آر تي، وهي أول محطة تركية ناطقة بالعربية، تم افتتاحها بموجب قرار حكومة حزب العدالة والتنمية، لتدعيم التواصل الثقافي والأخوي بين تركيا والعالم العربي بداية شهر أبريل 2010».. ونريد بالفعل، من الدكتور العثماني أن يتحدث باسم المؤسسات المغربية للدفاع عن الأمن المغربي، فهو اليوم أحد أقوى أدوات الدفاع عن موقع المغرب في خارطة العالم،وفي التعاون الدولي..
الكاتب : عبد الحميد جماهري - بتاريخ : 26/10/2020