بيدرو سانشيز والمغرب

عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr
اعتبر بيدرو سانشيز، في لقاء مع النواب الإسبانيين، بأن الواقع والوقائع يؤكدان الأهمية الاستراتيجية للمغرب، بالنسبة لإسبانيا والاتحاد الأوروبي على حد سواء. وتحدث رئيس الحكومة الإسبانية، في معرض مناقشة عرفها برلمان بلاده، عن جودة العلاقات المغربية الإسبانية ووصفها بالممتازة. وقال أيضا إن من « مصلحتنا الحفاظ على أحسن العلاقات ليس فقط إسبانيا بل الاتحاد الأوروبي «… وشدد على أنه سيدافع دوما عن علاقات جيدة مع المغرب…
وبذلك يعطي المسؤول الحكومي والسياسي الأول في إسبانيا المعنى للسياسة الناضجة، والتي تغتنم الأزمات، لتخرج منها وتطور وعيا يتجاوزها إلى ما هو أفضل.
إسبانيا سانشيز خاصمت المغرب، بوجه مكشوف، ولجأت إلى البرلمان الأوروبي، تطلب درعا قاريا لموقفها، وتصالحت مع المغرب بوجه مكشوف…
بنفس الوجه المكشوف، قدمت القراءة السياسية المطلوبة للأوضاع في عالم ما بعد كورونا وما بعد الحرب الروسية وما بعد الاعتراف الأمريكي بسيادة المغرب على صحرائه …
سانشيز اليوم يجتمع فيه ما لم يجتمع في غيره، لا من مسؤولي بلاده ولا من مسؤولي القارة العجوز.
فهو زعيم الاشتراكيين ورئيس حزبهم، وهو زعيم الاشتراكيين في العالم منذ تم انتخابه رئيسا للأممية الاشتراكية في الشهر الأخير من العام الماضي، وهو رئيس الاتحاد الأوروبي، بعد أن تسلم المشعل من ماكرون، الذي لم يترك أي أثر على رأس هذا الاتحاد الذي يردد دونما كلل بأنه جاء ليُحييه ويعيد ترميم أوروبا المتآكلة..
وهو إلى جانب ذلك، رئيس الحكومة الإسبانية التي احتضنت القمة العسكرية الكبيرة لدول حلف الناتو!
وعلى تراب عاصمتها التقت القيادات العسكرية في أقوى تحالف عسكري تقوده أمريكا منذ نهاية الحرب الباردة..
وفي تراب مدريد جددت العائلة الأطلسية الحربية وثيقتها التوجيهية الاستراتيجية، وفيها قراءة جديدة للعالم..
بيدرو سانشيز الذي يعيش إحدى لحظات توهجه الكبرى، يتكلم باحترام شديد عن المغرب ويدفع أوروبا نحو المزيد من تقوية العلاقة مع المغرب..
ولعله كان في ذلك يرد بدهاء على الذين جروا البرلمان الأوروبي نحو توتير العلاقة مع الجار الجنوبي لأوروبا، وفطن إلى اللعبة التي كانت تريد له أن يخلق مناخا سلبيا، هو رئيس الاتحاد الأوروبي المقبل على تدبير هذه العلاقة المتميزة مع المغرب…
وهو رئيس الحكومة الذي سيحل بالمغرب في فاتح فبراير القادم من أجل اجتماع اللجنة المشتركة ذات المستوى العالي.. وقد تقاسم معه الملك فيليبي نفس الانتظار من هذه القمة، بعد أن كان قد تقاسم معه الموقف من حل الأزمة الثنائية وما ترتبت عنها من مواقف إسبانية بخصوص حقوق المغرب الوطنية والترابية..
ولعل صديق المغرب وصديق الاشتراكيين المغاربة يدرك بأن بعضا من المواقف داخل القارة كانت تضغط عليه هو بالذات والتحديد، وليس المغرب لوحده، وهو ما يعطينا فكرة عن ما يجب أن يبلوره المغرب من مواقف، بخصوص ما أعلن عنه البرلمان المغربي من إعادة تقدير الموقف مع برلمان أوروبا وإعادة النظر في العلاقة مع مؤسسة القارة التشريعية…
لقد أنتجت الأزمة قفزة هائلة في التعاون السياسي والاقتصادي، وربحت المنطقة ثنائيا يسعى إلى الاستقرار ونزع فتيل التوترات، كما قدم البلدان معا نموذجا لما يجب أن تكون عليه سياسة الجوار، وما يمكن أن تربحه دول أوروبا، جماعيا أو فرديا، من علاقات ناضجة مع المغرب.
وصار للبلدين خارطة طريق واضحة، تعمل حسب منظومة أخلاقية واضحة، قوامها الالتزام والوضوح والمنفعة المتبادلة والتعامل الصريح ندا لند، بدون استعلائية ولا استعمارية متحذلقة..
وأمامنا، منذ لقاء جلالة الملك والرئيس بيدرو حول مائدة الإفطار وما تلاها من بيانات تأسيسية، طريق سياسي سيار لا ضباب يلفه، ولا مطبات تزعج السير فيه.
الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr - بتاريخ : 27/01/2023