تبنؤات سنغالية صائبة للعبد الفقير لرحمة ربه!

عبد الحميد جماهري
في البداية كتب العبد الفقير لرحمة ربه ، في يوم27 مارس الماضي ولم تمض سوى ايام قليلة على انتخاب الرئيس الجديد لبلاد العم سنغور أن »الرئيس الجديد ليس زعيم حزبه، بل أن عرابه هو الذي تولى زمام الأمور، وسيكون عليه أن يعينه في منصب الوزير الأول وبالتالي أن يتولى السلطة الحقيقية حسب المحللين…«
وهوما حدث بالفعل في ثاني ابريل من نفس السنة حيث عين الرئيس السنغالي، باسيرو ديوماي فاي، ، عثمان سونكو وزيرا أول، حسب ما جاء في مرسوم تلاه الأمين العام للرئاسة ونقل على التلفزيون الوطني السنغالي. وجاء تعيين سونكو (49 سنة) في هذا المنصب، ساعات قليلة بعد حفل أداء اليمين الدستورية وتنصيب الرئيس الجديد المنتخب…
عرابه كان قد رسم السياسة السينغالية الخارجية وقد كتب العبد الفقير لرحمة ربه :» قال عرابه إن السياسة الخارجية تتشبث بأربعة شركاء: الأمريكان والفرنسيون والسعوديون والمغاربة!
وقد احترم المغرب الاستحقاقات، وتابع بـ«صمت ديموقراطي» مجريات الأحداث، وقد كان لافتا بالفعل أن الرباط، التي من المتوقع أن تستقبل في القادم من الأيام الرئيس المنتهية ولايته ماكي سال من أجل فتح مؤسسة للبحث والدراسة.
وهو ذكر بثوابت بلاده، حيث قال إن العلاقة مع المغرب لا تتأثر بالمنتخب في قصر الرئاسة، وأنها تتجاوز الانتصارات الانتخابية إلى كونها علاقة دول محكومة بالثوابت العليا.
هناك مبدأ عام وهو أن الديموقراطيات تلتقي، وسرعان ما تجد إيقاعها مهما كان التغيير. وكون المغرب يحترم سيادة الشعب من خلال التصويت، فهو يعرف بأن التراكم المؤسساتي الذي تراكم لدى السنغال يحتفظ بقواعد تتجاوز الانتخابات الحزبية.
ولعل ذلك ما يستشف من تصريحه الأول بعد ظهور النتيجة حيث طمأن باسيرو ديوماي فاي شركاء بلاده »المحترمين بأنها ستظل الحليف الآمن والموثوق به».. مضيفا في خطاب متلفز: «أود أن أقول للمجتمع الدولي ولشركائنا الثنائيين والمتعددي الأطراف إن السنغال ستحتفظ بمكانتها دائما، وستظل البلد الصديق والحليف الآمن والموثوق به لأي شريك سينخرط معنا في تعاون شريف ومحترم ومثمر للطرفين».
في المرحلة الثانية كتب الفقير لرحمة ربه :»لا ننسى أن هذا الرئيس الذي يدعو إلى تغيير جذري، يعانق المغرب في جوهر المبادرة الملكية، لأن التوجه الإفريقي المعلن للرئيس الجديد.. يلتقي مع التوجه المغربي في هذا المجال، بل يمكن أن نقول إن «النزعة الإفريقية اليسارية» للرئيس تجد في تاريخ المغرب التقدمي ( مجموعة الدار البيضاء في الستينيات ) ثم الإحياء العملي لهذا التوجه التقدمي القاري.. مناسبة وشراكة فعلية«..
ولا يمكن للعبد الفقير لرحمة ربه إلا أن يكون سعيدا وهو يقرأ البلاغ المشترك بين المملكة المغربية وجمهورية السنغال وحديثه عن »العلاقات الاستراتيجية المتفردة التي تجمعهما وبعمق الروابط التاريخية الفريدة القائمة بين شعبيهما« ولا سيما التاكيد »على الإرادة المشتركة لجعل الشراكة الاستراتيجية المغربية – السنغالية نموذجا استثنائيا للتعاون الإفريقي، يستند على قيم التضامن والتبادل والثقة والتقاسم«.
في المرة الثالثة كتب الفقير الى رحمة ربه في مارس نفسه ما حمله الحضور الملكي ، عبر روابط عديدة يمتزج فيه الشخصي بالرمزي بالديبلوماسي المؤسساتي من دفعات قوية للعلاقة من خلال القول إن » للمغاربة اهتمام خاص للغاية بمجريات الحياة السياسية السنغالية. بل لهم انشغال يكاد يكون عائليا بما يعرفه هذا البلد الإفريقي الصديق. ويشعرون وكأن الأفارقة في السنغال إخوة لهم بالوكالة الأسرية، إخوة من صميم الروح التجارية كما من صميم الصداقة الحديثة بين بلدين اختارا مبكرا دورا للتعددية السياسية في بناء الاستقلال. للمغاربة أيضا تقدير لمواقف هذا البلد الرزين والقوي، والذي لم يختر ملك البلاد سواه لتوجيه خطاب إلى شعبه وأمته بمناسبة وطنية مصيرية هي مناسبة عيد المسيرة..
وحده ذلك الخطاب يكفي لتلخيص هذا الانشغال المغربي والاعتزاز بالسنغال.. ولا يجاريه في الواقع سوى احترام سيادة بلاد ناضجة قادرة على حماية مسارها الديموقراطي باعتزاز وسلاسة وطمأنينة.. في انتظار انتقال اقتصادي يقودها إلى مصطبة الدول المنتجة للنفط والغاز، والدخول في دينامية غرب الإسلامي بكل قوة وعنفوان « ،هو الخطاب نفسه الذي كان في قمة التحرك الملكي والذي اشادت به الديبلوماسية السينغالية بالاشادة »، بالتقدم الكبير الذي تم إحرازه في إطار هذه الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، والتي تعكسها أساسا الزيارات المتواترة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، لدكار، وإطلاق العديد من المشاريع في مختلف القطاعات من قبيل البنيات التحتية والصيد البحري والإسكان والصحة والفلاحة والتنمية البشرية«.
الحمد لله…!
الكاتب : عبد الحميد جماهري - بتاريخ : 28/05/2024