تعويم الدرهم : الأمل لا يليق برنامجا اقتصاديا 1/2

عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr
البؤساء لايعرفون الدرهم، لكنهم يؤمنون به.. كما يؤمن الفيزيائي بالكهرباء حتى ولو لم يكن يراها.
الصعقة هي أكبر حجة على وجود الكهرباء والدرهم!
وعندما يتحدث أصحاب القرار عن تعويم الدرهم، يجد المواطنون المغاربة القدرة على السخرية من هذه العملية التي تستفز مخيالهم، أكثر مما تستحث فضولهم:فالسخرية دليل آخر على أن شيئا ما قارص ينتظرهم…
عندما تخرج الدولة الدرهم من البنوك، يسارع المغاربة به إلى الحمام..!
فهم بفعل العادة والعيش، يعرفون أنه .. مريض..
الحمام، في غالبية الحالات الشعبية للمرض، يضاهي المصحات «الكلينيك» للشفاء من نزلة البرد
من تخشب المفاصل
من الوعكات العظامية
من الكسر
وهو قسم الإنعاش أيضا بالنسبة للمصاب بضيق التنفس..! ما وراء التفكه، والإجابة بالمزاح، يقيم قسط كبير من التخوف والتوجس الذي تعبر عنه حالات الآراء المتضاربة:
مهمة أية حكومة هي الطمأنة، والحكومة عندما اتخذت القرار، تريد التطمين بأن القرار يخدم الاقتصاد الوطني..
غير أن المراقبين، حتى من كبار الاقتصاديين ومؤسسات التفكير العميق في مصير البلدان، يرون أن التطمين لا يضمن التأمين ..
أولا: عندما تكون الحكومة في موقف الدفاع عن قرار التعويم، وتعداد الحجج والمبررات، فذلك عادة لا يكون عنصر طمأنة حتى ولو هي تريد ذلك..
القرارات التي تكون عادة مقبولة ومرحبا بها، تجد الترحيب وأفق الانتظار معها من قبل حتى اتخاذها..
ثانيا: يفترض القرار فك الارتباط بينه وبين حزمة القرارات السابقة عليه، ومنها القرارات التي كانت المراكز المالية الدولية هي صاحبة اليد الطولى فيها.
طبعا سيادية القرار، بما هو قرار مؤشر عليه من طرف السلطات المالية المغربية ثابتة، بقدر ما هو ثابت أن البنك الدولي مثلا، لا يمكنه أن يصدر مرسوما بذلك….
ثالثا: الحكومة تدافع عن القرار، باعتبار أنه يخضع في تعليل نفسه، للأمل في الدفع بالتنافسية، والقدرة على المواجهة وتبويء البلاد الصدارة كدولة صاعدة، غير أن «الأسس» الاقتصادية الوطنية التي تحصن عادة التعويم، ومن ورائه التنافسية، لا يمكنها أن تسمح بتحميل الأمل مالا يجب أن يكون برنامجا أو خطة اقتصادية..
لتحصين الدرهم لا بد من تصحيح العجز التجاري، ولا يمكن أن نصححه إلا باقتصاد قوي، وهنا ندخل الحلقة المفرغة، لا بد من اقتصاد قوي لكي نستطيع تعويم الدرهم لنصل الى اقتصاد قوي!!
والحال أن العجز التجاري، لا يمكن أن نعالجه ونحن نصدر أقل مما نستورد. ثم ونحن لا نملك من العملة الصعبة ما يكفينا لتغطية مدى زمني طويل لأن المخزون مختل.
مازالت مستورداتنا، بالرغم من وجود منتوج وطني مثيل لها، تأكل من عملتنا الصعبة : نصدر الفواكه والحوامض ونستورد العصير بالعملة الصعبة
ننتج الحليب
ونستورد الأجبان
ونعتمد على النسيج ونحن لا نملك ما يكفي من قطنه وآلاته، فتسبقنا الدول الأخرى الى السوق، كما يفعل تاجر ماهر يعرف مزاج الزبناء..
رابعا: كل من تابع التفسيرات والحجج المقدمة ، من طرف مركز القرار في مالية البلاد، سيلاحظ أن اللائحة جد طويلة في ملتمسات الدفاع، لكن الغائب فيها هو الشرط الاجتماعي: لا حديث عن القدرة الشرائية، ولا عن تأثير ذلك على قفة المواطن ذي الدخل المحدود، ولا للتأثير المباشر على الوضع المتأزم حاليا، والذي تزداد مظاهره قوة من جهة الى أخرى..
الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr - بتاريخ : 20/01/2018