ثلاث رافعات للنجاح الخارجي…

عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr

ونحن على مشارف دخول سياسي، يُنتظر الكثير منه، ومن قراراته، يتفاعل في الساحة الدولية، حضور المغرب من زوايا مختلفة، كل ينابيعها تصب في نهر واحد، هو الدفاع عن مواقع المغرب لإسماع صوته، وأيضا يحضر كنقطة تحريك الرهاب الذي يسكن خصومه.
وإذا كان من الواضح أنه يصعب فصل الاندفاعة المغربية، خارجيا عن الشؤون الداخلية، بشكل عام، فإن ما يتفاعل دوليا يغذي الروح الإيجابية، والوطنية المساعدة على التفاؤل في الفعل.
ومن اللحظات القوية أنه:
-1 في آسيا حاليا، يعقد ابتداء من اليوم مؤتمر تيكاد 7، بمدينة يوكوهاما اليابانية، وهو المؤتمر الذي يعرف مشاركة مسؤولين كبار من اليابان وإفريقيا، بينهم المغرب..(اقرأ التفاصيل في ص3)، وينكب أكثر من 4500 مشارك بينهم قادة دول ورؤساء حكومات ووزراء من إفريقيا، ومسؤولي وممثلي منظمات وهيئات دولية وإقليمية، والقطاع الخاص ومنظمات غير حكومية وخبراء، على دراسة كيفية استغلال الإمكانات والمؤهلات الكبرى التي تتمتع بها إفريقيا لتوظيفها في تحقيق تنمية القارة بدعم من الشركاء الدوليين، وكذا مناقشة العوائق التي تحد من تحقيق أهداف التنمية المستدامة، لا سيما ما يتعلق بإشكالات الأمن والاستقرار بإفريقيا.
لقد سبق أن كانت إحدى اللقاءات السابقة لمحاولة منع الوفد المغربي من الدخول إلى الاجتماع الوزاري، الذي انعقد على هامش المؤتمر الدولي لطوكيو حول تنمية إفريقيا (تيكاد)، والذي احتضنته مدينة مابوتو بالموزمبيق، وكان ذلك وقتها محط سجال وأخذ ورد اعتبرته الجهات المناوئة للمغرب بمثابة انتصار لتمثيلية الوهم الانفصالي.
وقتها حاولت الموزمبيق، التي تدعم جبهة ما يسمى بالبوليساريو، إدخال وفد “الجمهورية الصحراوية الوهمية” للقاعة من أجل المشاركة في الاجتماع…
وكان لافتا، هذه المرة، أن المغرب الذي أصر في السابق على خوض”معركة”، تكاد تكون جسدية للحضور والتأثير، أخرج اليابان المنظمة من التباس الدعوة والحضور.
وفي ذلك تحدث المدير العام لمديرية الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بوزارة الشؤون الخارجية اليابانية، السفير كاتسوهيكو تكاهاشي، يوم الأحد بطوكيو، وبذلك يرفع اللبس عن طبيعة الحضور الذي تشتغل معه اليابان البلد المضيف، وهو يضم من بين من يضم الأمم المتحدة، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، ومفوضية الاتحاد الإفريقي والبنك الدولي…
وما زال التواجد في الاتحاد الإفريقي، هو مبرر حضور وَاهٍ وممسوح لدولة الوهم بتندوف، وهوما يجب اعتبار موقف اليابان مقدمة لحسمه في المستقبل.
-2 في بانكوك بالتايلاند، طالب رئيس مجلس النواب، الحبيب المالكي، أول أمس الاثنين، في أشغال الدورة الـ 40 للجمعية العامة البرلمانية لرابطة دول جنوب شرق آسيا (تضم عشر دول)، بشكل رسمي، بمنح المغرب وضع عضو ملاحظ داخل هذه الهيئة.(اقرأ تفاصيل الموضوع في صفحة 2).
وعلاوة على ما يشكله الحضور المغربي من علامات تميز قوية، عن نشاط وحيوية الديبلوماسية البرلمانية، والتفعيل النشط والمنتج لمؤسسة رئاسة البرلمان في هذا الباب، فإن الخطوة التي أقدمت عليها المؤسسة التشريعية، مسنودة ولا شك بقوة الصوت المغربي راهنا، ونموذجه في ما يقدمه عن قوته المؤسساتية ومشاريعه الحضارية التي تضمن استقراره ونموذجيته في قوس الزلازل والصراعات وتفكك الدول والمجتمعات.. .وفي التشبيك البرلماني الدولي، الذي انخرط فيه المغرب، وكما قال ذلك رئيس مجلس النواب، في كلمته الافتتاحية، فلا ينقصنا سوى آسيا.
وقد لا نجانب الصواب إذا اعتبرنا أن التنويع الاستراتيجي للشراكات مع قارات العالم، الذي سنه ملك البلاد، هو المنطلق القوي الذي تسير عليه مبادرات المؤسسة التشريعية، كتعبيرعن تعددية مكونات الأمة، ووحدتها في آن واحد في الدفاع عن المصلحة الوطنية.
-3 وفي سجل آخر، كان لمقالة “وول ستريت جورنال” حول الصحراء، أثر القنبلة التي زعزعت كيان الأوهام، الممتد في السرابيات.
وحسب اليومية فإن الأمريكيين أعلنوا بوضوح أن بلادهم لا تدعم مخططا يهدف إلى إنشاء دولة جديدة في إفريقيا…
بعد المقال الذي تضمن جوهره قناعة الولايات المتحدة باستحالة قيام دولة سادسة في المغرب الكبير، أخرجت يد الساحر الديبلوماسي المناهض للمغرب كاتبا لم يعلن عن اسمه ليرد في نفس الجريدة عن موقف مهزوز، نسبته الأوساط الانفصالية إلى من يسمى ممثل الجبهة في أستراليا.
الواضح أن الإنفصاليين ردوا، عن مقال لم يكتبه مغربي، ولا نسب مهنيا إلى مصادر مغربية بقدر ما يتعلق بموقف مزلزل للإدارة الأمريكية، التي تعد المكلفة بملف الصحراء المغربية، وكاتبة مقرراته وقراراته الأممية.
بعد ذلك كان الحوار مع زعيم البوليزاريو الغالي، على قناة الحرة (وتلك قصة أخرى ليس موضوع الرد عليها)، محاولة تصعيد فاشلة بالتهديد بالحرب!
بطبيعة الحال، هو لم يهدد أمريكا، التي كانت مواقفها موضوع خروجهم الإعلامي، بل يهدد المغرب، ويهدد فرنسا، ويبخس مجلس الأمن، الذي كان قراره الأخير دلو ماء تاريخي على رأسه، بالصيغة التي لم تجعله يصدر ولو بلاغا تعقيبيا، واعتبر الأمر كارثة.
والموضوع الذي كان وراء خروجه، أي أخبار أن أمريكا لا تضع في حساب المستقبل قيام دولته الوهمية، لم يقل شيئا!!!!!
وهذا لوحده كاف للدليل عن الموقع الذي توجد فيه الوضعية، كما تضع المغرب، حقا وحقيقة، في موقع الدولة التي تتحرك في العالم بأريحية المدافع عن الحق وأيضا بأريحية الكيان الحقيقي، الذي لا يعيش في ظلال الحقائب المناوئة للحق.
هذه المحطات التي سردناها، هي قواعد أساسية في بناء الراهن السياسي للبلاد، وهي تتقدم على الجبهات الديبلوماسية والترابية، ولا يمكنها أن تغفل الشرط الإيجابي هذا في بناء اللحظة السياسية الوشيكة…

الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr - بتاريخ : 28/08/2019