ثلاث عواصم أخرى للمونديال 2030!

عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr

شاءت الأجندة المعلنة لوزير الداخلية عبد الوافي لفتيت أن يعقد ثلاثة اجتماعات في ثلاث مدن وعواصم، بذاتها، وشاءت الأجندة أن يكون المحور الهام للقاءات التعبوية للتخطيط والعمل، هو الاستعداد للمونديال، وأن يبدأ بالرباط، العاصمة الإدارية للمملكة ثم ينتقل إلى العاصمة الروحية للمملكة وهي فاس، ثم العاصمة الاقتصادية للمملكة وهي الدار البيضاء.
يبدو من ظاهر التوصيف أن السيد الوزير اختار هاته المدن لما يجمعها من تاريخ تليد وعمق حضاري ووزن اقتصادي وروحي وسياسي. وليس هناك ما يمكن أن يفرج عن الأسارير ويفرح الأعماق أكثر من أن تكون هاته العواصم الشامخة موضوع عناية خاصة حتى تكون في مستوى لحظة لا تقل قوة اقتصاديا ولا معنى حضاريا ولا رمزية سياسيا، من قَبيل الموعد العالمي الكروي، حيث يكون المغرب حاضنة حضارية للقاء دولي صارت تقاس به قيمة الدول والأنظمة في الحكامة والتطور والتدبير والمردودية .. إلخ.
ولو كان الأمر يتعلق بما ألفناه من أمثلة في القياس، لكنا سنقول إن الحكمة تدعونا أن نرى ثلاثة أرباع الكأس وقد امتلأت بهذه الخطوات الحكيمة والرزينة والقوية وما سواها من الكلام الجميل، الذي لا يطلبه السيد الوزير وعماله وولاته ولا نحن نجيده ولا نرتضيه .. غير أن الربع المتبقي، للأسف، فارغ فراغ فؤاد أم موسى. وهو أقدر على إثارة الانتباه لما في هاته العواصم.
فالرباط، كانت قد عرفت قبل اجتماع السيد لفتيت حالة شلل طويلة، كشفت في النهاية حدود السياسة المدينية وقدرة نخبتها على مسايرة الوضع الاعتباري للعاصمة بالأحرى التفكير في آفاق أوسع تجعلها في قلب الحدث الكروي القادم.
أما الدار البيضاء فهي تعيش على واقع فضيحة سياسية وتدبيرية انتخابية شلت المجال الإقليمي وألقت بظلال من الريبة والتوجس وعدم الثقة على النخبة المنتخبة، كما حشرت النخبة المسيرة في زاوية ضيقة تحت طائلة سياط المواطنين وتتبعهم الانتقادي…
بالرغم من القيمة التسويقية لمدينة مثل الدار البيضاء فقد اتضحت حدود النخبة المنتخبة وما زالت التداعيات تتناسل، منها فرار رئيس مقاطعة وتنحية آخر وعطل في تدبير الكيان والهياكل المنظمة للعمل الجماعي، وما إلى ذلك، الشيء الذي جعل الأنظار تتجه بشكل كبير إلى الوالي لعله يصلح لتدبير هذا التراجع الخطير في النخبة المحلية.أما فاس فقد أضحى من المنطقي أن تعقد الاجتماعات الجماعية في الزنازين عوض المجالس!.
إن ما هو موضوع معاينة هو أن السلطة الترابية، التي تشتغل بإيقاع متفوق بوضوح في الرؤية، هي التي يكون عليها في المسار الاقتراعي أن ترافق وتساير النخبة هاته، وتكون عند المنبع وعند المصب، ولعل الذي يطرح نفسه بإلحاح أمر مزدوج الدلالة، وهو كيف يجب أن يتم وضع قواعد اللعب، التي تمنح البلاد أفضل قدراتها المحلية وكفاءاتها التدبيرية على مستوى التمثيل الشعبي، وكذلك كيف يجب أن تتم مباشرة الإصلاحات السياسية، والتقنية منها في توفير أفضل الشروط لهذا التمثيل الشعبي في الانتخابات القادمة؟.
فنحن على بعد ثلاث سنوات من الانتخابات القادمة، وبعدها سيكون الفاصل الزمني عن المونديال أقل منه اليوم، أي ثلاث سنوات وبعض الغبار، وسيكون قد تم ما يجب أن يتم، والزحام في التوقيت لن يسمح بالهدر في الزمن السياسي الذي تم من قبل..
لقد انضافت إلى السلطة الترابية مهام جديدة، هي تدبير هذه الأغلبيات، التي تعطي الانطباع بأنها متحكمة في التدبير والحقيقة أنها متحكمة في المؤسسات بدون نجاعة، وصارت أغلبها بما فيها العواصم تحتاج إلى مبادرات السلطة الترابية لتدارك الخصاص أو التأهيل لما يستجد من رهانات..
هي ملاحظة. ندرك بأن الوزارة الوصية، (ومعها المواطنون) تدرك ما هو أكثر منها وأشد وطأة … والله من وراء القصد!

الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr - بتاريخ : 10/07/2024

التعليقات مغلقة.