جربي أيتها البلاد.. جربي أن تنهزمي أمام سيليا..

عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr

جربي أيتها البلاد، جربي أن تنهزمي أمام سيليا … وأمام نوال وأمام فاطمة.. جربي، رومانسية الهزيمة أمام الريفيات الجميلات.. فبعض هزيمتك أمامهن مفيد لقلبك ومفيد لدورة دمك.. انحني، بتؤدة، وبأصابعك الرطبة التي تهدهد العاصفة.. وتضرعي للمؤنث الرفيع فيك: هو ذا يا الهي مؤنثك العظيم: الريفيات والريفيات هن الجميلات.. أدميتهن وزرعتُ في جراحهن اسم كل النساء من سيليا إلى .. سيليا مرورا  بنوال وفاطمة..
لم تكن سيليا لكي تنتهي في الحريم السياسي، للمتبضعات من سوق السياسة أو حريم التلفزيون القابع في ألبوم العائلات المتراخية.. لهذا فاجأتها الحرية وهي غاضبة وهي تغني وفاجأتها وهي تتغزل في الوطن على مرأى منا  ومن هم.. وكأنها هي والوطن على موعد في أغنية!
جربي أن تنهزمي أيتها البلاد أمام جيش النسوة الحالمات بين قبلة الأبناء والخجل..  بين أغنية تفرح  ونشيد لا يتأجل.. ولم تكن نوال لكي تقيم في دورها  وتظل تنتظر أن يسعفها الحاضر بقليل من الوقت لكي تتفرغ لنفسها وأولادها ولهذا خرجت إلى الشارع العام.. تعلم الحياةَ كيف تتذكر اسمها إلى مالا نهاية.. الريفيات هن الجميلات، كان الشارع سيصوب الأغنية من جديد … بعد شارع وبعد مظاهرتين .. سيفرغن للورد والأطفال  وقصص تخسيس الوزن والتشحيم العاطفي أمام التلفزيون الآن.. هن متفرغات للحياة الأخرى تلك التي تعلم الحياة  للأحياء الذين يعبرون بلا انتباه إلى ما فيها من أنوثة.. ويعلمن النار درسا في الحب والحب درسا في النار ويصنعن من الصوت ملابس دافئة للكرامة ومن الغمام أحذية للحلم المسافر إلى أمته في موج الأبيض المتوسط.. هنا يقمن بدور الأمومة للحياة.. وسيعدن إلى الأولاد بعد ريف جميل! لو تنهزمي أمام سيليا وأمام نوال ستزهرين أفضل وسيزداد جمالك أكثر وسيصير نبضك أحلى انهزمي أمام سيليا، تلك طريقتك الوحيدة في أن تصيري أجمل! لا تملك نوال بنعيسي الوقت الكافي لتعريف الحياة البسيطة، سوى بما تملكه من قدرة على التحمل.. وعلى إدهاشنا وهي تحمل حريتها وتتوجه إلى أقرب مخفر شرطة.. أنا هنا لكي أعطي الريف كل أيامي وكل ساعاتي وكل حريتي.. وهي هنا أيها الريف جاهزة وناضجة لكي تحمل ألمك  مشموما من الغضب.. لن تفكر في شيء آخر، ولا في الورود إلا وهي في ساحة المعركة: هنا تنبت ورود طارئة، تليق بامرأة على عجل تريد العودة إلي الأبناء، ستعود بعد أن تكون قد أعادت للبلاد صوابها الذي فقدته في غفلة السياسة.. ينتظرها الأولاد في البيت ليحدثونها عن أحلام صغيرة وكان عليها أن تنفق الوقت في توجيه المستقبل إلى منبعه  بكلمات فقط كلمات متراصة على ضفاف الشهامة… في عيد الميلاد القادم ستضاعف الشموع وتضاعف الحلوى، وما لم تنتبه إليه من قبل وهي تقود الكرامة إلى ثديها الريفي.. هي تعرف …. أن الأبناء سيكبرون بنقص واضح في البلاد إذا لم تجنبهم جنونها الآن.. انهزمي أمام نوال أيتها البلاد انهزمي أمام سيليا وانهزمي أمام فاطمة ولا تحتاري طويلا لماذا اختارتهن الحرية في يوم ساخن؟
نشر بموقع بسمة 2017.06.13

الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr - بتاريخ : 16/06/2017