حقيقة ما حصل في اجتماع مجلس السلم والأمن للاتحاد الإفريقي

عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr
وكالة الأنباء الجزائرية تسقط مهنيا في فخ عدوانيتها وتعتمد بلاغا ..لم يصدر!
لا شك أن الذين قرأوا متابعة وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية لاجتماع مجلس الأمن والسلم في الاتحاد الإفريقي، المنعقد يومي الثلاثاء والأربعاء، قد تفاجؤوا بما ورد فيه من قرارات» ثورية»، تقدم الأمور وكأن القارة الإفريقية قد اصطفت وراء الرئيس الجزائري تبون، ورئيس الانفصاليين الغالي…
ما نشرته الوكالة يقول بأن اجتماع مجلس السلم والأمن للاتحاد الإفريقي المنعقد على مستوى رؤساء الدول والحكومات، عن طريق التحاضر عن بعد يوم الثلاثاء، «اتخذ» عدة تدابير لتسريع حل النزاع في الصحراء، والتي من شأنها إضفاء ديناميكية وإعطاء نفس جديدة لجهود الاتحاد الإفريقي لتسوية النزاع…
وعددت في سياق الانتشاء المتسرع:
– «الطلب من طرفي النزاع العودة السريعة إلى طاولة المفاوضات.
– التأكيد على ضرورة تصفية الاستعمار في الصحراء عبر تمكين الشعب الصحراوي من ممارسة حقه غير القابل للتصرف في تقرير المصير والاستقلال.
– عقد قمتين، على الأقل، سنويا لمجلس السلم والأمن الإفريقي في متابعة لقضية الصحراء.
– اعادة تفعيل دور الممثل السامي للاتحاد الإفريقي المكلف بالقضية وتكليفه بالبدء في عقد اتصالات مع طرفي النزاع.
– تفعيل دور اللجنة رفيعة المستوى لرؤساء الدول والحكومات حول قضية الصحراء.
– طلب رأي قانوني من المستشار القانوني للاتحاد الإفريقي حول “القنصليات” التي تم افتتاحها…
– اتخاذ الإجراءات المناسبة لإعادة فتح مكتب الاتحاد الإفريقي بمدينة العيون لتمكين الاتحاد الإفريقي من القيام بدوره.
– طلب الإسراع في تعيين الممثل الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة.»
لكن ما هي حقيقة ما جرى يوم أول أمس الثلاثاء؟
أولا: قمة فاشلة
كانت مناورة الرئيس الجزائري، للمجلس الإفريقي للسلم والأمن موشكة على الانتهاء، وبالضبط كانت ولايته منذورة لاستكمال دورتها يوم 12 مارس الجاري، وأراد، هو والعاصمة الجزائر، بمناورة عرف بها الجميع، عقد قمة لدول المجلس إياه، والتي تضم عادة 15 دولة.
الهدف من هذا التمرين الديماغوجي، كان محاولة ترك بصمة لا تنمحي، في تقديره، وإرث سياسي للقارة في القضية التي تحرك ،بعدوانية، دولته الشقيقة.
والذي حصل أن الأغلبية الساحقة لم تحضر على مستوى رئاسة الدول، ولم تحضر سوى بتمثيلية أقل رتبة، باستثناء الجزائر طبعا، وجنوب إفريقيا والموزمبيق، وكينيا من خلال رئيسها أوهورو كينياتا ، بصفته رئيس مجلس السلم والأمن للاتحاد الإفريقي لهذا الشهر الحالي…
مجلس الأمن والسلم هو الجهاز التقريري في الاتحاد الإفريقي، ولهذا يعتبر الخصوم أن الفوز فيه فوز يستحق التطبيل.
وهو ما ضاع في القمة الحالية، حيث غابت رئاسات مصر، الكونغو، ،زامبيا، نيجيريا، ملاوي، جيبوتي، السينغال، أثيوبيا، بينين، والمغرب….
فمن حيث الشكل لم يتوفر للاجتماع ما يجعله بالفعل قمة للدول، ولكنه كان مناسبة للرئيس تبون لكي يكشف عن عدائه وعن قاموسه العدواني ضد بلادنا، والتي جعلها في مستوى الدول الاستعمارية ودولة الابرتهايد، وجنوب إفريقيا التي ما زالت تحلم بدور دولي ضيعت فرصته عندما كانت عضوا في مجلس الأمن!
ثانيا: مضامين النقاش…
يظهر من المداخلات التي عرفتها المداولات الإفريقية في المجلس، أن المستوى العام أكد على المرجعيات، والتي وردت في قرار قمة نواكشوط في أبريل 2018، من خلال القرار 693، وهو الذي وضع مرجعيات ثابتة للاتحاد الإفريقي بخصوص القضية الوطنية، وعلى أساس:
– حصرية الحل الأممي.
– لعب دور مساعدة مجلس الأمن في العمل على دعم جهود الأمم المتحدة.
– تنشيط «الترويكا»، التي تضم الرئيس السابق للاتحاد الإفريقي، والحالي ورئيس الدولة التي تحتضن القمة في المرة القادمة…
وبحسب التدخلات، كانت المفاجأة من الموزمبيق. وصفته مصادرنا الديبلوماسية بأنه كان رائعا (مْخيَّر) باللغة الدارجة، حيث فاجأ الجميع، بدعم قرارات الأمم المتحدة، وإحياء وتنشيط الترويكا ومساعدة الأمين العام للأمم المتحدة ودعوته إلى تعيين ممثله الشخصي في الملف…
أما الدول الأخرى فقد مالت إلى مواقفها المعتادة، بتفاوت بين التدخلات، كما هو حال غانا التي وصفت مصادرنا موقفها بأنه جيد، والملاوي الذي؛ كان أكثر جودة، إضافة إلى بوروندي التي أكدت بالأساس على حصرية الملف بين يدي الأمم المتحدة، ودعم الحكم الذاتي المقترح من طرف المغرب.
ثالثا: محاولات النصب القاري…
لماذا نشرت الوكالة الجزائرية ما نشرته بالرغم مما تقدم من معطيات إذن؟
لقد تم تدبيج مشروع بيان من طرف الرئيس اسماعيل أشرقي، قدم إلى الكيني أوهورو كينياتا، بصفته رئيس مجلس السلم والأمن للاتحاد الإفريقي لهذا الشهر، وقد شرع بالفعل في قراءته، بما أوردته الوكالة الجزائرية. هذا المشروع سرعان ما تم تفنيده من طرف الدول الحاضرة وممثليها الذين طعنوا في خلاصات الرئيس، باعتبار أنها ليست الخلاصات التي نجمت عن التدخلات التي أعلنوها.
وهنا وقع ارتباك رئيس القمة، الذي أوقف قراءة الخلاصات، ثم قرر بأن تقوم سكرتارية القمة، ممثلة في جيبوتي ومصر وغانا بإعادة صياغة ما تم الاتفاق عليه…
ومن الأشياء التي حدثت في سياق محاولة التلبيس والاحتيال، رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي موسى فقي محمد استنكر ما قام به سلفه في منصب مفوض السلم والأمن بالاتحاد الإفريقي، الجزائري إسماعيل شرقي، وتقول مصادرنا إن الفقي واجه الجزائري بالقول»» ليس من حقك أن تنشر شيئا لم أطلع عليه»»، وهو التدخل الذي أخذه الرئيس الكيني رئيس القمة بعين الاعتبار…
وعلى كل، فإن إسماعيل شرقي، هو نفسه نشر على تويتره الخاص أن من خلاصات الاجتماع: دعوة إلى العودة إلى وقف إطلاق النار، والحال أن البوليساريو التي تحضنها بلاده هي المعنية بالعودة إليه، مع ادعاءاتها الحربية التي لا تنتهي.
ودعمها أيضا إلى تنشيط وإحياء الترويكا، كمقترح ألحت عليه التدخلات المساندة للموقف المغربي، ولا يضر المغرب أن يتم التنصيص عليه.. كما يهدف إلى دعم مسلسل الأمم المتحدة، ومجهودات أمينها العام، وضرورة تعيينه ممثلا شخصيا.
قالت مصادر متطابقة إن هذا «التويتر »نفسه سيؤلم الجزائري إسماعيل شرقي، وأكثر من ذلك، فهو يناقض ما نشرته وكالة بلاده الرسمية؟
السؤال الأخير:
من سنصدق في النهاية، هل المفوض السابق للسلم والأمن إسماعيل شرقي، الناطق الرسمي باسم سياسة بلاده وسياسة جنوب إفريقيا، في الاتحاد، أم نصدق وكالة الأنباء، الناطقة الرسمية باسم بلادها في قضايا العدوان على البلاد؟
لا شك بأنه سيحدث لها ما حدث مع تقارير المينورسو وتصريحات الناطق الرسمي باسم أنطونيو غوتيريس، الفرنسي دوجاريك بخصوص «الحرب الكبرى« في الذهن الانفصالي، وقتها احتفلت به قبل أن تعيد قراءته وتكتشف بأنها سبقت الفرح بليلة كاملة، كما يقول المثل المغربي…
الواقع الآن، هو أن القمة لم تصدر بعد توصياتها وخلاصاتها النهائية، ومن المنتظر أن تصوغ السكرتارية الثلاثية تلك المقترحات التي تعبر عن مواقف الدول، ثم تعرضها على الأعضاء، الـ15، للمصادقة والتبني، ومن المحقق بأنها لن تكون هي خلاصات ما نشرته الوكالة وما أرادته فتحا حققه السيد عبد المجيد تبون في القمة!
الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr - بتاريخ : 11/03/2021