حنين إلى الصراع الطبقي

عبد الحميد جماهري
لا أحد يذكر الصراع الطبقي
لا أحد يتكلم عن المحرك المادي للتاريخ
وللصناعات
والثورات الحديثة
لا أحد تقريبا من أنصاره السابقين-وقد أكون منهم إذا شاء - يذكره بخير
أو حتى بشر..
الصراع الطبقي وُضع في الرف
في القبو
ضمن المتلاشيات المفاهيمية التي تخبئها العائلات الفكرية عن أعين المتلصصين الحداثيين الجدد، مثل كل التهم أو مثل كل الأشياء العتيقة المترهلة التي نهيئها عن جسارة للباحثين عن التحف والعيوب..
لكن مع ذلك، تتفاجأ بأن الذين مازالوا يعتقدون بأنه موجود،
ولو تحت أسماء مستعارة حينا ومستحدثة حينا آخر، هم غير الذين تتوقعهم:
نزار بركة مثلا ، يعرف بأن الصراع الطبقي موجود ومازال يحرك التاريخ الحديث، ويكفي أن تقرأ التقرير الأخير للمجلس الاستشاري والاجتماعي والاقتصادي والبيئي، لكي تتعرف على صديقنا القديم
في علب السكن الهش
وفي الاقتصاد غير المهيكل
وفي الفوارق الرتيبة في المغرب
بين من يملك ومن لا يملك
الفوارق التي لم يعد أحد يفكر فيها
أو بها.
أحمد لحليمي بدوره يتعرف عليه،
ويكفي أن تتأمل أرقامه
وتوزيعها الترابي
والطبقي
لكي تعود إليك ملامح الطبقات بحذافيرها:
الفقراء
والعمال
و«الهشاشون
والمهششون«
والأغنياء
والذين لا تلتقطهم رادارات التوزيع الجديد للعمل.
المجتمع ذاب وصار سائلا، والمجتمعات السائلة تختلط فيها الطبقات وتذوب البروليتاريا القديمة في «أكواريوم» الحداثة وتختلط العطور بالعرق. ولا أحد يستطيع أن يتهم المجتمع بالتوحش:هناك سلام كينيزي رائع استطاع أن يوحد البروليتاريين والرأسماليين، كما أنه أشعر الجميع بأنه في طبقة متوسطة لا توجد، بعد أن ذاب المجتمع وذابت الخطوط بين طبقاته.…
لم يعد العمل ضرورة حربية بل التضحم هو الأهم، والعولمة أهم من الثروة العادلة، والنمو أفضل بكثير من التقسيم العادل لمستحضراته..
لا بأس، قد يكون عبد اللطيف الجواهري شاهدا ماديا على استمرار الصراع الطبقي، لكن الأهم من ذلك هو تحويل الصراع إلى مأدبة عمل من أجل أن ينتج الجميع الثروة وينسى الحرب:
الحرب الطبقية موجودة، يقول الثري العولمي
لكن انتصر فيها الأثرياء
وربحتها الطبقات الكبرى
وانتهت جيوش العمال
والفلاحين
والطلبة في قواميس نظرية تفتتح بمناسبة الذكريات الحميمة للأفراد لا العائلات..
الصراع الطبقي قد يكون دخل الأحزاب الثورية نفسها
والاشتراكية وترك المجتمع بلا حروب
ولا طبول
ولا أناشيد ولا مارش عسكري..
الصراع ، أصبح مناوشات طبقية، تنتهي مع أول كاميرا حول حوار شامل..
في مجتمع تحول فيه الناس إلى مستهلكين لا وجود للحرب فيه
هناك اللذة والاستعمال الجيد للجسد،
في هذا المجتمع تنتصر اللوبيات..للذين اعتقدوا بأن الصراع الطبقي قد مات، الخبر الأخير هو أنه ما زال على قيد الحياة..
والأثرياء هم الذين يعرفون تفاصيل تشريحه الطبي جيدا..
وأن المؤسسات الرسمية، هي التي تحييه بقوة الواقع
وباللغة نفسها التي تحدث بها الماركسيون القدامى،هي لغة مديرية الدراسات والتوقعات المالية، وهي تتحدث عن» استفحال الفوارق الاجتماعية والمجالية.«وتقرير بركة الذي أشار إلى أن محاربة التفاوتات في المغرب تتطلب تحسين أوضاع الفئات المعوزة…
الكاتب : عبد الحميد جماهري - بتاريخ : 13/11/2018