خمس زوايا لقراءة بلاغ الديوان الملكي

عبد الحميد جماهري

يمنحنا البلاغ الصادر عن الديوان الملكي خمس زوايا لقراءة الحدث النيجيري المغربي…
أولاها أن الأمر يتعلق بمكالمة هاتفية بين ملك البلاد ورئيس جمهورية نيجيريا الذي وصل حديثا إلى السلطة، أي بالضبط بعد سنة من انتخابات رئاسية أوصلته إلى سدة الحكم، وهو في تقدير القراءة السياسية رجل معجب بالنموذج المغربي…
لقد صرح في الانتخابات أن» «بإمكاننا أن نبني وطنا مثل المغرب»، وما يتفرع عن هذا العنوان هو أن ما بدأه مع المغرب سلفه السيد محمد بوهاري، سيتواصل مع أحمد تينوبو، بما أنه اختيار دولة…
العنوان الثاني هو ما ورد في البلاغ من حديث عن »الدينامية الإيجابية في السنوات الأخيرة، وهو إيحاء بليغ للغاية باعتبار أن الفترة المعنية هي فترة ثماني سنوات بدأت هنا في مراكش على هامش قمة المناخ الكوب 22، والتي تميزت باللقاء بين قائدي البلدين، تلت ذلك زيارة ملك البلاد إلى نيجيريا …
وعندما نضع الزيارة في دلالاتها سنكتشف ذكاء استراتيجيا عند ملك البلاد، فاللقاء تم ونيجيريا وقتها هي واسطة العقد في المحور الثلاثي المناهض لبلادنا، طرفاه الجزائر وجنوب إفريقيا، هذا الذكاء الذي رافقته جدية في تفعيل الالتزامات بالرغم من وجود مشروع منافس…
العنوان الثالث متمثلا في موضوع المكالمة، وقد «تناولت مشروع خط أنبوب الغاز الإفريقي-الأطلسي نيجيريا-المغرب؛ وهو المشروع المهيكل الذي سيشكل رافعة استراتيجية للاندماج الإقليمي والتنمية الاقتصادية والاجتماعية لمجموع بلدان غرب إفريقيا«، وقد وضع له الملك عنوانا معلنا عن كونه المشروع الإفريقي-الأطلسي، وبالتالي تعدى العلاقة الثنائية إلى علاقة متعددة الأطراف بمضمون جيوستراتيجي هو الأفروأطلسي، الذي يمتد على7000 كلم، ومردوديته في صالح 11 دولة، إضافة إلى أخرى ستكون من الرابحين، والدلالة الثانية هو أثره على دول غرب إفريقيا…
البلدان معا، أو لنقل العملاقان معا، في وسط إفريقيا أو في شمالها، يعرفان منذ التوقيع في 2016 ثم بعد دراسة الجدوى في 2018 أن السنة الحالية، بعد المونتاج أو التركيبة المالية بمساهمة أبناك أساسية منها الإسلامي والأسيوي والأوبيب، منظمة الدول المصدرة للنفط ودول أخرى أبدت اهتمامها، يعرفان أن المشروع قد وصل سنة التنزيل، وهي السنة الجارية، ويدرك البلدان ومعهما العالم أنه أكبر مشروع استراتيجي بالنسبة للقارة، لكن سيكون له أثر جيوسياسي طاقي في العالم، بما يعني ذلك من ضمانة للأمن الطاقي من خلال ضخ 3 مليارات قدم مكعبة من الغاز يوميا ….
العنصر الرابع هو بتسمية الأنبوب كإنجاز أفروأطلسي، يعني ذلك بأن نيجيريا ستكون معنية بمبادرة الملك حول الواجهة الأفروأطلسية التي تضم 23 دولة، كما ستكون معنية، ولا شك، بما يريده المغرب إزاء دول الساحل، حيث أن لها حدودا مع ثلاث دول هي النيجر وتشاد وغير بعيد عنها بوركينا فاسو…
وبالتالي فإن علاقات المغرب ونيجيريا في صميم التوجه الجيوستراتيجي سواء من خلال الدول المتشاطئة مع الأطلسي أو الدول البعيدة عنه، دول الساحل، وللمغرب في كلتا الدائرتين مشاريع جيوستراتيجية وسياسة واضحة…
الزاوية الأخيرة هي دعوة أحمد بولا تينوبو لزيارة المغرب، حيث سيتم استحضار كل هذه العناصر، ونحن نعرف، كما تأكد ذلك خلال العديد من المناسبات، أنها إحدى ميزات الديبلوماسية الملكية حيث يكون البلاغ إخباريا، وفي الوقت نفسه إعلانا عن جدول أعمال الزيارات أو اللقاءات مع رؤساء الدول والحكومات…

الكاتب : عبد الحميد جماهري - بتاريخ : 25/01/2024