رئيس الحكومة: أَراني في الثلاثَةِ مِن سُجوني 2-1
عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr
يشبه وضع السيد رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، وضعية وظفها الشاعر أبو العلاء المعري بمطلع القول، في سياق مغاير طبعا:
«أَراني في الثَلاثَةِ مِن سُجوني ……. فَلا تَسأَل عَنِ الخَبَرِ النَبيثِ…».
هناك فارق يساوقه ثابت في الإحالة، والوصف الذي يلخص وضعية رئيس الحكومة، باعتباره سلطة دستورية ومؤسسة لا باعتبار شخصه، هو وضعية من يوجد في استحالة ثلاثية.
الوضع الحالي للحكومة هو وضع أزمة، لا جدال في ذلك….
البرلمان، في شق أغلبيته عاجز عن الخروج من التقاطب الحاد حول لغات التدريس، وتم تعليق اجتماعات اللجنة الخاصة بالموضوع مرات عديدة، ومرتين بعد التوافق بين مكونات الأغلبية…، والطرف الذي انفجرت فيه أزمة التصويت، هو بالذات الحزب الذي يقود الحكومة، والمشهد اليوم الذي يوجد فيه سعد الدين العثماني، لا يمكن وصفه إلا بالعزلة المثلثة أو السجون الثلاثة:
أولا، داخل أغلبيته، والأخبار التي وردت عن اجتماع الحكومة، تكشف أن الوزراء كانوا حادين في التدخلات الخاصة باحترام التوافقات التي تمت برعاية من رئيسهم، وهو ما ينم عن تجاذب داخل الفريق الحكومي لم تعد تخفيه التفاهمات حول مواضيع أخرى..تماما كما كانت مواقف الأغلبية في اجتماع رؤسائها غير لينة في مواضيع محكومة بأخلاقيات المسؤولية، القائمة على احترام الاتفاقيات..
– ثانيا، داخل البرلمان حدث التراجع الكبير عن التصويت بعد وصول فرق الأغلبية إلى اتفاق يتم بموجبه التصويت على الصيغة النهائية للمادة المتعلقة بلغات التدريس، داخل مشروع القانون الإطار المتعلق بالتكوين والتعليم، وقد تراجع فريق الحزب الذي يقود الحكومة، عن الصيغة المتفق عليها، بعد أن تم توجيه رسالة من الأمين العام السابق، إلى الفريق حول اللغة المعتمدة بالتدريس، بل سارع الأمين العام السابق إلى اقتراح الاستقالة من الحكومة، أي إسقاطها إذا ما طُلب منه احترام اتفاقه مع الأغلبية والتصويت على المادة موضوع الخلاف..
وقد تبين بالفعل أن عزلة الرئيس واقعة داخل البرلمان…
ثالثا، داخل الحزب، لا يمكن أن يحدث كل هذا الزلزال حول السيد العثماني، في الحكومة وبالبرلمان، دون أن يكون له أصل ومرجع في الهيئات الحزبية التي يتواجد فيها، أو يكون له على الأقل تداخل،
والسيد العثماني، هو أيضا الأمين العام للحزب الذي يقود الحكومة،
والواضح أن أثر موجة الرفض للتعديل المتفق عليه، نوقش داخل الأمانة العامة، باعتبار أن جزءا منها هو في دفة التسيير والجزء الآخر في دفة التشريع، إضافة إلى مكونات أخرى داخل الحزب، كما أن البرلمانيين داخل الفريق كانوا مجمعين على مسايرة الموقف الذي عبر عنه الأمين العام السابق، وأقل ميلا إلى اتفاقات الأمين العام الحالي، وهو ما يكشف أن الوضع صعب على الدكتور ويلزمه تمرينات صعبة وشبه مستحيلة للذهاب والإياب بين هذه الفضاءات الثلاثة التي يتحرك فيها، فهو ضمن أغلبية لا يمكنه التأثير فيها كما تشاء توازناته الحزبية، وداخل فضاء حزبي لا يمكنه التأثير فيه كما تشاء توازناته الحكومية، وهو في هذا وذاك تحت سلطة معنوية ومادية للأمين العام السابق، الذي يقوم بدور الموجِّه، وقاضي الاستيناف على كل خطوة سياسية….لرئيس الحكومة.
والسؤال هو:إلى أي حد ستصمد الحكومة الحالية، بكل تناقضاتها، منها الموروثة عن «البلوكاج» الأول ثم الناجمة عن «البلوكاج» الثاني؟
وفي حالة لم تصمد، ما هي رهانات سقوط الحكومة أو إسقاطها؟ مع ما يرافق الوضع الحالي، إقليميا وداخليا؟
(يتبع)
الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr - بتاريخ : 06/04/2019