رسالة إلى صديق يساري يراني راحلا!

عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr

– حالة شخصية محضة –
سلامات صديقي اليساري الجميل:
وصلتني رسالتك و سأعممها قريبا..
أنت تذكر أنك جئتني منذ قرابة ثمانية عشر سنة برسالة مماثلة لكي تنصحنا جميعا بالخروج من جلباب عبد الرحمان اليوسفي
لأن المرحلة كانت تقول بعهد جديد
وأن فشل التناوب مسؤوليته وعليه أن يغير عمره إذا اراد أن يرافق المرحلة!
ها أنت ترى
لقد رحل اليوسفي بتقدير كبير من العهدِ الجديد وبُناتِه
شامخا
ومن حسن الحظ أنني مزقت الرسالة!
واليوم يا صديقي الجميل
أنت تراني بعين زرقاء اليمامة
وترى أنني سحابة نفسي
وضباب المرحلة
ولا أشك بأنك تحبني أيضا بقلب رفيق طيب وصادق
لهذا تخاف علي من حريتي في تحديد البوصلة !..
وتخاف ألا أحسن حريتي في اختيار مستقبلي
وتنصحني كما تفعل بأن أخرج مِنّي
الىما تفتي به من دروب
ومن حلول
للمسألة..!
نيتك طيبة أليس كذلك عندما تنوي أن تنقذني من مغامرة بقائي في َّ
سأقول لك صديقي :
يُسلم الاتحاديون بأن حزبهم تراث مغربي
وملك جماهيري مفتوح
للتأمل
للنقد، للمديح وحتى
للطعنات
لكنهم لا يُسلمون بأنه مختبر لتجريب الوصفات
واختبار النوايا
وامتحان الجوارح القاتلة..
وليس زخرفا إبداعيا
لمن يريد أن يستريح من ارتقاء الطبقات
ويتفرغ ليقضي فيه وبه قسطا من البطولة!!!
نحن الذين نخوض الحرب الطبقية
بما تبقى لنا من طلقات
ومن صفوف
ومن ذكريات
ونحن الذين نحرس دم الشهداء
ونحرس تعبهم لم نطلب أتعابا عن هذا الوفاء
ولا عن بقائنا عرضة لكل الحروب والمعارك والضربات
ولا فرطنا في »غبائنا« النضالي حين استرحت في ظلال البرج العاجي،
لا نحرص يا رفيقي على الاخطاء اذا ارتكبناها: بل نعرف أن علينا تقديم النقد الذاتي الضروي
لأهلنا
ورفاقنا
لشعبنا
ولشهدائنا الابرار (أما زلت تحسبني عليهم أم أنقذتني من هذا الشرف يا رفيقي؟)
ونواصل صراعنا من أجل الوجود..
اسمع يا صديقي اليساري الجميل
أنت الذي تكتب لتفتي لي بقوانين العشق الاتحادي الواجبة
وتري بعينيك اليساريتين الجميلتين
ما لا أراه من مستقبلي، انت تعرف ان
الاتحاد ملك وتراث تاريخي وايديولوجي وسياسي
ولكنه أيضا تراث عاطفي
ووجداني
وبيت لنا فيه غرف رمزية وعتبات ونوافذ وشراشف وبئر وشجيرات وأبواب وصور علىجدران القلب
وعلىكل جدار
ولنا دولاب ملابس
ببدلة واحدة فقط
لم نغيرها ولم تتآكل!
فَأَنْ تنصحني بأن أسلم المفاتيح
كما لو أنني مجرد عساس
أو بوابا
فلست «كونسييرج» الاديولوجيا
وهي تقترب من التقاعد
فأنا الباب
والعتبة
والنافذة
وانا الذين يرقبون الأفق منها مشرعة
وانا الواحد المتعدد في الجبة
أنا المصلوب طوال الوقت
وأنا الجلجلة…
وحين ينصحك غيرك بأن تغادر البيت فهو
لا يحب من البيت سوى…رحيلك
وظهرك يغيب بعيدا عن حضن الوالدة!
الاتحاد يا رفيقي اليساري الجميل
بيت العناق والمكاشفة
عتبة الرجوع الى الماضي
وعودة الابناء الى حضن حنينهم
و ليس متحفا لكتابة الانطباعات السريعة
ورمي الأمنيات ..
إنه مكابدة السراء والضراء وحين البأس..
فلا تصرخ فينا
يا مسيح النصيحة
:»يا آل البيت كنتم علىخطإ
فهاكم وحي الزلزلة!«
يتبع

الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr - بتاريخ : 27/09/2021