زلزال الحوز.. ووسواس «الحوزة» الحزبية عند بنكيران
عبد الحميد جماهري
استهلال لا بد منه:
لن أزكي على لله أحدا، لكني أكاد أجزم بأن الذين دفنوا تحت الدمار بعد زلزال الحوز، وهو يعانقون الأرض بعد موتهم، عادوا إلى أصلهم وهم كادوا لم يغادروا فطرة الطين الأولى.
أكاد أجزم بأن في أجسادهم، ما زال بعض قطع فخار وحفنات الطين الأول، ذلك الذي خلق منه آدم، وذلك الذي سجدت له الملائكة بأمر من رب قدير..
أطفال لم يكبر سر الحياة فيهم بعد..
شيوخ ظلوا قريبين من طفولة البشرية الأولى، ذات أصيل في الجنة، لحظة خلق آدم.. من عدم وطين .
أكاد أجزم، أن أرواحهم عادت كما يعود سرب طيور إلى غديره…
كما يعود سائح انتهت سفرته فوق أرض جديدة..
-1 زلزال يخفي آخر
عندما كانت العائلات المكلومة تبحث عمن تبقى منها بعد زلزال 8 شتنبر2023، والدولة تشحذ أذرعها لتوقف الخسارات، كانت زعامة عبد الإله بنكيران تبحث عن رابط بين درجة الكحول في البيرة ودرجات الدمار على سلم رايشتر، وتفسر بنزوات عابرة في الملاهي قساوة الفاجعة التي أودت بحياة 3 آلاف روح مسلمة، وخلفت آلاف المعطوبين والجرحى ومكفولي الأمة…
في البيانات السياسية وحدها يعاقَب البسطاء بذنوب مفترضة في مكان بعيد..
أما في القرآن الكريم، وهو بيان لله في الناس، «فلا تزر وازرة وزر أخرى»…
ويتضح أن الرئيس لم يحصن نفسه من نهم الصدفة، حيث أن زلزال 8 شتنبر2023 ذكره بزلزال سياسي مرت عليه سنتان، هو زلزال 8 شتنبر 2021، وفي تلافيف التفسير ما يفيد بأن لله سبحانه وتعالى تعقَّبنا مدة حولين كاملين قبل أن يعاقبنا بما فعلناه في عبد الإله بنكيران…
عوقبنا لأننا في تفسير المنام عند الأستاذ عبد الإله أحرقنا قديسا…
الأحزاب التي خسرت قبله لا إله لها لينتقم لها من بعد، فيا للكبرياء المذنبة والمارقة !
وما اقترفه البيان، ليس هروبا إلى الأمام، ولا حتى هروبا إلى الوراء، كما قد يوحي بذلك تحيين الخيبة السياسية مما وقع في الزلزال السياسي، بل هو هروب إلى … الخطيئة، في تحميل العلي القدير مستتبعات السياسة والأخطار والخطايا التي يكون عباده الضعفاء قد ارتكبوها…
من زاوية عقدية فإن ابن كيران يجزم بأن لله تعالى عما يصفون، عاقبنا، نحن الأمة المسلمة، لا بسبب الكفر ولا بعبادة آخرين بدله، بل لأن بارا يفتح أبوابه في شارع خلفي بالعاصمة، يستوجب سقوط ثلاثة آلاف قتيل ودمار 60 ألف بيت..وسقوط حزب من الطابق الأول إلى الطابق الثامن …
والحال أنه لا يخامرني أدنى شك أن لله يذكر في تلك البيوت، وفي التي ستبنى بدلها يذكر كل دقيقة ويعبد فيها مع كل صلاة وتسكن فيها الملائكة على طول العام، وطول السريرة…
2 – وسواس الحوزة الحزبية…
بغض النظر عما يمكن أن يكون في ردود بعض من قيادات الحزب من حسابات داخلية أو في المشهد العام لموقع الحزب في حقلنا الوطني، فإن موقف اعمارة وافتاتي ويتيم لا بد من أن يسجل باحترام، بعد أن أعلنوا عدم موافقتهم على التأويل الذي ذهب إليه بيان القيادة التي تتولى الأمور…
التبرؤ من تزوير إرادة لله في البلاغ، يحسب لمن دعا صراحة إلى إبعاد الناس البسطاء في الحوزة الترابية عن منطق يتحكم في الحوزة الإيديولوجية التي تلهم عتاة الشيعة..
أولا، في هذا المسعى ومحاولة جعل الحزب في واجهة تفسير الإرادة الإلهية، تجديف يسوِّغ العقيدة لفائدة السياسة في حرمان العلم من القداسة، لكنه في الوقت ذاته يبحث في الخراب عن متسع إرادة لله للعقاب.
ومن المثير أن بعض السياسيين من عتاة الشيعة أو بعض علمائهم من مناضلي السياسة كما هو حال الصدر ومن معه في العراق، يذهب إلى ما يذهب إليه بنكيران، من اعتبار» الزلزال في المغرب كان بسبب التطبيع»، وهو شيء مضمر أيضا في مقولة بنكيران عند الحديث عن السياسات العامة، ولكنه يعجز تماما عن البرهنة بنوايا لله سبحانه وتعالى على ما تحدثه الغازات والكسور واحتكاك الطبقات التكتونية في الأرض.. في إيران.
ونفس الشيء وقع عندنا، حيث ذكَّر المغاربة عبد الإله ابن كيران بما وقع في تركيا في بلاغ التعزية الصادر عنه، والذي يبدو أنه أسقط الغضب الرباني على أسباب الهزات الأرضية…
وإذا كان الشيعة يجدون في «الحوزة العلمية الدينية أنها هي التي تخرّج المراجع والمجتهدين والمبلغين ليحملوا الإسلام إلى كل بقاع العالم لهداية الناس وإرشادهم وإنقاذهم من طرق الفساد والكفر والانحراف«، فإننا نرى أن الأستاذ عبد الإله بنكيران يميل بالحزب ميلا صفويا شيعيا في استخلاص دروس الزلزال، وهو ما لا ينبغي له، بعد عقد من السياسة وتدبير الحكم، قريبا بعيدا، عن قوانين الشيعة والشريعة…
لا نريد دق الإسفين، حاشا ولله، بين الأمين العام ودولة الإسلام في المغرب، لكن المعروف أن الأمين العام ظل يردد بلا كلل أن البلاد فيها إمارة للمؤمنين، وهي بذلك حامية الملة والدين، وظل يردد بلا انقطاع أن ما يبرر وجوده بمرجعية دينية هو الشعب المسلم…
فكيف يكون الشعب المسلم، المستظل بمظلة إمارة المؤمنين، مبرر وجود تيار ديني سياسي، وهو في الوقت ذاته عرضة لغضب لله سبحانه جل وعلا!؟
( يتبع )
الكاتب : عبد الحميد جماهري - بتاريخ : 28/09/2023