زوليخة، القلب مخطوطة شمسية…

عبد الحميد جماهري

هذا ما يأْمَلُه غروري:أن أمر من قلبك، قبل عدسة الكاميرا،
وأن تمسح العين اللامعة على رأسي
وابتسامتي
مثل قلب أليف، ثم تخلدني في اللقطة الموالية..
فأنا عندما أنظر إلى سيرة زوليخة، يبدو لي أن الصورة، الصور، ترتسم أولا في قلبها، ثم تجد طريقها إلى العدسة، ثم إلى …الرائي!
فهي تصور أولا بقناعة العاطفة، ثم تنتقل بما تفاعلت معه إلى احترافية الفن الفوتوغرافي.. وتحتفل كثيرا بمن تلتقط صورهم: فهي تخاطبك بحماس الطفلة التي اكتشفت أن في علبتها السوداء بشرا يبتسمون
أو ساهمون..
نساء ورجال يخطون بتؤدة الواثقين إلى لحظة خلود في الصورة..
يدخلون التاريخ من لحظة عابرة، بعد أن يمروا بالقلب
ثم العدسة
ثم المشهد العام …
فيا حب، يا صاحب الرمح الذهبي الصغير
والقوس الذهبي الراجح دوما للانطلاقة، متى علمتها أن تتجول، هي أيضا، بعدسة من ذهب
وأقواس من نضارة؟ ..
لست هنا لكي أقول حرفيتها في مشهد استطال بعدسات الذكور حتى لم تعد فيه سوى برودة التقنيات، بل لكي أقول كم يكون دوما لذيذا ورائعا ورومانسيا، أن تتحدث عنها لأصدقائك ولأصدقائها، وتدرك الانفعال الصادق والغضب الريفي الذي تحمل معها دوما، كنكهة وجودية لا بد منها في تجوالها عبر الزمان والمكان.. والعواطف الإنسانية، اليومي منها والدائم..
وأيضا، باعتزازها بما تملكه من صرامة …
كأي سيدة من ذهب، هي لا تخاف اللوم: كم مرة تقول كلاما صريحا
عنفوانيا
ثم تليه:»ماشي سوقي، اللي بغا بغا واللي كره كره«…
وهي في الواقع لا تملك سوى الذهب، حتى وهو حاد أحيانا
كقوس الحب
أو كرمح العاطفة…
زوليخة، أيضا هي تلك المغامرة عندما يلمسها يقين المودة،
أكانت مغامرة صغيرة في الحياة أو كبيرة في المهنة..تنقل الصورة المهنية، الحديثة، إلى مصاف اللمسة الفنية، تريد بالفعل أن تحول عدستها إلى حجر الفلاسفة، الذي يترك بصمة الذهب على كل شيء يلمسه:تصر أن تكون في محطات الذين تحبهم، وتغضب منا إذا لم نخبرها أوتجاهلنا اسمها عندما يكون الحدث مناسبة للقاء الذين تحترمهم..لها بالفعل يقين عاطفي بأن الذين يستحقون العدسة هم الذين يرون الأشياء الجميلة فقط.
صور كثيرة ترتقي إلى مصاف شاعرية
وتصير قصيدة العين عندما تلمسها بروحها
بتوزيع الضوء والعتمة بفراسة المرأة التي ترتب الطبيعة عبر ألوانها، أو عبر غياب الألوان على حد سواء..
في عينيها تاريخ سياسي كامل
وتاريخ عائلي
وتاريخ شخصي للكثير من القادة أمثال اليوسفي
أو أمثال الفنانين والمثقفين الذين تخلدهم، كما يشاء انعكاس الضوء، لا فقط كما تشاء إرادة الشهرة.…
صديقتي ورفيقتي التي لا تطلب من الله سوى أن يحبب خلقه فينا وفيها
يحبها الخلق الكثير
وعادة ما يحرسها المحبات والمحبون كتعويذة شاعرية ضد الأشياء السيئة..
هي أيضا تعويذة فنية ضد الرداءة
سحر خاص، يسكنك دوما ولا يفارقك أبدا، أبدا…
كما يسكن الضوء كل صورة شمسية…
كما يكون القلب وهو يحمل اسمك، زوليخة، مخطوطة شمسية……

الكاتب : عبد الحميد جماهري - بتاريخ : 03/12/2018