سؤال في الجوهر: ماذا تنتظر السلطة الفلسطينية لتلتحق بالإجماع العربي في دعم المغرب؟

عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr

ماذا لو أن السلطة الفلسطينية التحقت، بالواضح، بالإجماع العربي، واعترفت للمغرب بحقه في وطنه، واستكمال تحرير أرضه؟
بالنسبة للقطاعات الشعبية، والنخب التقدمية والقومية والتحررية، هذا السؤال المضمر إلى حد الآن يعني الكثير للغاية، بحيث يستكمل الوجدان المغربي نصفه الفلسطيني، في معادلاته الوطنية…
وفي قلب المعادلة هناك الانتظار المشروع بأن تنحاز السلطة الفلسطينية والتيارات الوطنية إلى قدسية التراب المغربي، في وجدان المغاربة وأحرار العالم، كجزء من قدسية معركة التحرير التي يخوضها الشعبان الفلسطيني والمغربي، من أجل الأرض.
أعتقد، بدون كثير رومانسية، أن المغاربة سيطربون ويرقصون للموقف الفلسطيني الواضح من حرية ترابهم أكثر بكثير من طربهم لمواقف الدول الأخرى في شرق العالم وغربه، في شماله وجنوبه، وهو حق مغربي عند الفلسطينيين، عوض الحياد الذي يميل دوما لمن يملك أكثر في حسابه التكتيكي، وبلاغة الشعار الذي لا يمطر على الأرض؟
عندما سألني الصحافي: ماذا سيكون تأثير اعتراف إسرائيل بمغربية الصحراء على القضية الفلسطينية؟ أجبته بمشاعر العفوية، التي جعلتني في مرحلة من حياتي أدخل السجن مناهضة للحسن الثاني في تبخيس الفلسطينيين عندما استضاف الشهيد ياسر عرفات زعيم الانفصاليين في مجلس فلسطين الوطني بالجزائر ذات ثمانينيات من القرن الماضي:
لماذا لم تسألني ما الذي عطل أصحاب المعركة من أجل التحرير الوطني الفلسطيني عن دعم شعب عربي في استكمال تحريره؟
هو الحياد الاستراتيجي بعدم التدخل في شؤون العرب، حتى ولو كان العرب يقتلون العرب.
وبغير قليل من السيريالية قلت له، اطمأن سأذهب للدفاع عن الصحراء، وإذا لم يقتلني الجنود الأشقاء الجزائريون أعد بأنني سأنضم إلى الفريق الذي سيقاتل من أجل القدس، هل تضمن لي رصاصة الإخوة كي أضمن لك رصاصة الأعداء…؟
قلت له لبناء التحليل من أصله:
لا شيء يخجلني في وطنيتي، عندما أجمع، كما دعاني إلى ذلك الشاعر محمود درويش، الملاك والشيطان من أجل جملة، ولو جملة واحدة.. لأجل الوطن؟
ولعلنا الشعب الوحيد الذي مازال يقاوم من أجل أن يستكمل أطرافه في هذا الوطن العربي الواسع …
في ارتباط مع الذي وقع، قلت لصديقي، الذي يحرص دوما على أن يمتحنني ليطمئن بأن الشرق العربي ما زال سليما معافى في وجداني: أنت تعرف بأن إسرائيل التي اعترفت بمغربية الصحراء، هي ذاتها التي تعرف بأن المغرب يعطي القدسية ذاتها، بالتساوي، لفلسطين والصحراء، وأن الذي إئْتمنوه على مغربيتهم في الصحراء هو محمد السادس الذي يأتمنونه على عروبة القدس وحرية الأرض كلها؟
قلت له، بغير قليل من العبوس: أتراني مطالب كل دقيقة أن أشرح دمي، وأن أثبت بأن قلبي الفلسطيني لم يتغير بعد نصف قرن من عمري وعمر بلادي؟
قلت أيضا: هل تعرف بأن المغاربة أسسوا الجمعية المغربية لمساندة الشعب الفلسطيني، بعد أن كانوا أسسوها في الأصل لتحرير الشقيقة الجزائر، وأن ذلك التاريخ كله يدوسه العسكر اليوم كما لو أننا المحتل السابق؟
يا صديقي، إسرائيل تعرف وهي تعترف، بأن الذي أرسلت له الرسالة هو الوحيد الذي ما زال واقفا في هذا الخراب العربي الشامل، وحده، بعد الشعب الفلسطيني المستضعف، ما زال يتخذ مواقف لصالح بلاده بعد أن يخبر الفلسطينيين كواجب ذاتي منه، وكواجب قومي وديني وإنساني بعد كل شيء..؟
قلت له يا صديقي: بعد الاتفاق الثلاثي كنت من الذين أعلنت كفرك بنا، ولكنك رأيت أن البلد الوحيد الذي كان ينتفض، في أحداث القدس، وفي معبر رفح وفي أحداث جنين، يقول لشريكه أنت قوة احتلال يجب أن تفسح مجالا للحرية كي تدخل التاريخ من باب دولة فلسطين الحرة وعاصمتها القدس، والتي ما زالت أحمل اسمها منذ خرج آلاف المغاربة راجلين¡ وعلى كل «سافن «لنصرة صلاح الدين؟
أنا يا صديقي لا أصدق أحبابي في السلطة برام الله أو غزة عندما يتحدثون إلي من منبر في قصر المرادية، وأشعر بغير قليل من الغضب لأنهم يحدثونني من عاصمة طالما أعطت الأمر لقتل إخوتي طوال حرب عمرت 15 سنة( من 1976إلى 1991، سنة وقف إطلاق النار )، وزحفت على قرون من أعمار الأسرى في تندوف، وخربت شباب الكثير من أهلي؟
ليس هناك شعب عربي واحد، خارج الشعبين الفلسطيني والمغربي، يواجه مؤامرة عمرها نصف قرن، وموضوعها التراب !
الفرق الوحيد بينهما هو أن قابيل هو الذي يقتل هابيل في غرب الأمة!
الإجماع العربي الوحيد الموجود حاليا، يوجد حول فلسطين وحول الصحراء.. والاستثناء العربي الوحيد يتم في هذا الموضوع بذاته لاغير..
هل تعتقد يا صديقي حقا أن الذي يقتل شقيقك المغربي يهمه فعلا أن يقتل آخرون شقيقه الفلسطيني؟
ننتظر على (أحر ـ حرية..) من الجمر أن تنتصر فلسطين للتراب المغربي المحرر!
أشقاؤنا في رام الله، مثل محمد السادس، لهم نظارة واحدة ينظرون بها إلى العالم، هي نظارة الأرض، وهم أيضا ينظرون بها، ولطالما اكتشفوا أن من نظروا إليه بلا نظارات كان شقيقا، وعندما وضعوها تبين لهم أنه ألد الخصوم..وهم أكثر من يفهمون ملكا وشعبه عندما يقول: الأرض هي نظارتنا التي نرى بها، وبها نعرف الصديق الصادق من غيره…

الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr - بتاريخ : 20/07/2023