سانشيز على توقيت المغرب: الإفطار والبلد!

عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr

في الصورة التي ستتناقلها وسائل الإعلام الوطنية والدولية، عن وجبة الفطور التي ستجمع جلالة الملك محمد السادس، ورئيس الحكومة الإسبانية «بيدرو سانشيز» هذا المساء، سيقرأ المحللون الأبعاد كما تراكمت لديهم من زوايا النظر المختلفة.
ستكون أولا صورة عن استعادة جو شبه عائلي، بعد أزمة أدخلت الجارين في أتون مرحلة صعبة، انتصرا عليها بالواقعية السياسية والرزانة وبُعد النظر.
هذه أشياء لا تحتفظ بها الصورة من بعدُ، بل تحتفظ بها التعاليق المرافقة لها في أرشيف وذاكرة الذين عاشوها، وينقلونها عبر الكلمات المرافقة، لمن سيأتون من بعدهم.
كثيرون، من الذين يعرفون الطقوس المغربية، لا سيما طقوس الملكية في رمضان، سيسلطون أضواء الكاميرا والقراءة على الأهمية القصوى للضيف. وحضوره مائدة الفطور أو الإفطار.
وعندما يكون الضيف من تربة روحية وثقافية مغايرة ستكون الرسالة أوضح وأكثر مدعاة للتأمل.
وعليه يصبح المغرب في الصورة هو زمان الإفطار بشحناته الروحية، وهو الزيارة وتوقيتها السياسي، وهو في الوقت نفسه المكان مجسدا في بلاد المغرب الأقصى بجواره الشمالي، إسبانيا..
في الصورة رسالة أخرى لعالم متوتر، رسالة إيجابية يرى سياسيون كثيرون أنها تقول للعالم: ممكن أن نجلس، حتى وكل مشاكل القرب بيننا تؤجج التوتر، على مائدة هادئة والتفكير في المستقبل، وفي حقيقة المشاكل التي تنتظرنا.
في الصورة مقدمة لما سيأتي، بالرغم من تكثيف سياسي وجيوـ استراتيجي يرافقها.
تكثيف يجعل التوتر الشديد في المنطقة التي تحتضن الحوار دليلا على سلك سبل بديلة، أكثر نجاعة في صناعة السلام..
هناك ترقب، مشوب بالكثير من التفاؤل والدخول في منطقة بلا زوابع، لا تلغي قوة النقط الكبيرة التي تجمع البلدين على مائدة تعقدها!
هي صورة للانطلاق إلى بوابة جديدة تليق بالقرن الواحد والعشرين
قرن محرر من عقد القرن الذي سبقه..
وربما من مخلفات ترابية قادمة من قرون سبقته، وهذه النزاعات، يمكن أن تشمل البر والبحر..
والتردد في النزول إلى عمق المياه الجامدة منذ قرون، وفي الجزر التي تستعصي على المستقبل، مكلف جدا إذا لم يجد البلدان طريقا إلى التدرج في مناقشتها.
هي صورة أيضا، تطمئن الشعوب في المنطقة على نضج القيادات وحرصها ألا يكون المتوسط بحيرة للحروب، ولجياد الهجرة التي تصهل في كل الحدود المتوسطية والبرية والأطلسية!
في الصورة يرى إسبانيون كثر دليلا على ما اعتبروه تقديرا خاصا تغيرت فيه مقومات البروتوكول التقليدي في هذه المناسبات.. بعد أن توقع كثيرون أيضا بأن الزيارة قد تؤجل إلى ما بعد رمضان..
وربما رأى فيها آخرون صورة لم تتم، عندما دعا ملك المغرب رئيس الجيران الشرقيين إلى يد ممدودة كان من الممكن أن تنتهي كما انتهت اليد الممدودة إلى الجيران الشماليين..
الصورة لنجاح يتجه شمالا، ودليلا على أن ملك المغرب أعطى، بسخاء مغربي، للنجاح الديبلوماسي، كل الحظوظ…
الصورة تقول بأنه لا وسيط بين الضيف ومضيفه!
صورة بين عهدين
ما بين مرحلتين..
صورة لاحترام السيادة
والاحترام المتبادل
والحوار المنتج..
صورة تقول إن الملك مهد لتجاوز الأزمة، وأن المتابعين ينتظرون من بيدرو سانشيز أن يقْرِن الشجاعة التي أبداها قبل الصورة بالأفكار الملموسة حول علاقات غير مسبوقة، بعد الصورة..
هي صورة كذلك للجوار الذي يليق بالقرن الواحد والعشرين ويليق بمائدة فطور خاصة للغاية…

الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr - بتاريخ : 07/04/2022