سرح مخزونك. ماذا عن المخزون الاستراتيجي السيد رئيس الحكومة؟

عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr

وقف رئيس الحكومة ليقدم حصيلته في السياسة العمومية كما يراها، ومن خلال مساءلة البرلمانيين له في هذا الموضوع.
وتحدث الرئيس عن كل شىء، ولكنه لم يتكلم عن أهم شيء، على الأقل ما اعتبرته كذلك، شخصيا، ومعي ربما بعض المسكونين بضرورة وجود استمرارية في الأفكار التي تخص البلاد.
انتظرت أن يحدثنا السيد الرئيس عن المخزون الاستراتيجي وعمَّ تم بشأنه، منذ أن كان جلالة الملك قد دعا إلى منظومة متكاملة بهذا الخصوص، لمواجهة عوادي الوباء والحروب والشهوات الجيو ـ استراتيجية للدول العظمى…
وانتظرنا من السيد رئيس الحكومة أن يهتبل (وهي كلمة عربية فصحى موجودة، وتستعمل بدون سوء نية) المناسبة لكي يعطينا جوابا شافيا…
لاعتبارات منها أن السيد الرئيس قد وقف في القبة نفسها التي خاطب منها ملك البلاد عموم البرلمانيين والوزراء وكل المغاربة، في أكتوبر الماضي، عن شيء مهم للغاية اسمه «المخزون الاستراتيجي»، وصنوته «السيادة الوطنية».
وأعترف أن الواحد منا لا يحتاج أن يكون ضالعا في المعارضة، لكي يدرك بأن رئيس الحكومة أخطأ، عند إغفال الحديث في الموضوع، أهم مقطع في أهم مرحلة، وهو يغفل قضية استراتيجية في المجالات الطاقية والغذائية والدوائية.
ولا يحتاج الإنسان منا أن يكون ضليعا في تفكيك الخطاب الحكومي، لكي يلتقط من خلال مرافعته عن سياسته، يوم الاثنين، أنه اختار أرقاما مجتزأة، وميلا شديدا إلى محاورة شبح لا يرى في القبة!
نحن الذين نعتقد بأن السياسة يجب أن تبنى على استمرارية في الأفكار، وأن تستند على مشاريع يتم الإعلان عنها من طرف السلطات العليا في البلاد لضرورات استراتيجية وأخرى من صميم الحياة السلمية والكريمة، كان بين أيدينا خطاب الملك منذ 6 أشهر خلت، وهو مرجعنا في تحديد زاوية النظر إلى مرافعة رئيس الحكومة أمام القبة البرلمانية…
فماذا قال الملك للمغاربة وأولهم رئيس الحكومة؟
قال بضرورة «إحداث منظومة وطنية متكاملة، تتعلق بالمخزون الاستراتيجي للمواد الأساسية، لاسيما الغذائية والصحية والطاقية، والعمل على التحيين المستمر للحاجيات الوطنية، بما يعزز الأمن الاستراتيجي للبلاد».. وهنا يبدو السؤال المنطقي هو:
وماذا فعلت الحكومة بهذا الخصوص؟
للحقيقة والنزاهة يجدر بنا أن نسجل ما يلي:
أولا، خرج الوزراء المعنيون بهذه القضايا المطروحة في خطاب الملك، فرادى، وتقدموا كل واحد من منصته، في متوالية زمنية متقاربة، 11‪.‬12‪.‬13 أبريل أمام البرلمان بغرفتيه.
وقدم كل واحد منهم مقاربته التي يرى أنها تفحم المعارضة وتقنع الساكنة وتطوي الملف!
المحترم خالد آيت طالب، اكتفى بالقول أمام مجلس المستشارين إنه يحترم احتراما دقيقا وصارما القانون المنظم للمخزون الدوائي المعروف بقانون 263 ـ 02 وعليه يستحق حسن جدا  مرفوعة على موجة من التصفيق.
وزير الفلاحة المحترم محمد الصديقي أعلن أنه «في طور وضع تصور»، وفي «مرحلة تشكيل فريق عمل»، وأن الوزارة استطاعت أن تحدد مسلكين لمعالجة القضية، من خلال إقامة الفرق بين أنواع المواد الفلاحية التي لا نحقق فيها التغطية كاملة وبين تلك التي يجب أن نستوردها كلها.
وعلينا أن ننتظر نتائج عمل الفريق واكتمال التصور وتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود في أنواع الأغذية والمواد الفلاحية حتى نبدأ في التخزين.
وزيرة الانتقال الطاقي المحترمة، ليلى بنعلي بدورها، اجتازت الامتحان البرلماني، الذي تأجل مرارا، بغير قليل من الغبار والزوابع، وتركت خلفها أسئلة معلقة وأخرى ملغزة، كما في قضية «لاسامير» التي تحولت إلى أحجية من القرن الماضي، الكل يعرف كيف يقتلها ولا أحد في الحكومة يعرف كيف يحييها!
اعتقدنا بنوع من اليقين الديكارتي الذي يسبق الشك المنهجي، أن الجواب الجماعي والمعالجة الاستراتيجية ستكون من نصيب رئيس الحكومة، فهو المنسق والرئيس والمخاطب والفاعل الاستراتيجي المخول لهذا الدور…
كان لنا الأمل، بغير قليل من الشك، في أن يأتي رئيس الحكومة بالتصور الوافي في المخزون الكافي لمواجهة الوضع الحالي وما قد يترتب عن الأوضاع الجيواستراتيجية والحربية وتقلبات الأسواق من وقائع وخيمة.
لا شيء من ذلك كان، بل تحدث رئيس الحكومة وكأن الوضع عادي ولا منطقة ظل فيه، كما لو أننا نعيش ما قبل الوباء …وما بعد الحرب!
وبذلك لا يمكن أن نعفي الرئيس من سؤال مقلق: في شراكة دستورية يحترمها ملك البلاد احترما تاما، ما هي المساهمة الحكومية في وضع التصور الشامل والشروع في التنفيذ حتى بعد أن مر نصف عام على دعوة الملك؟

الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr - بتاريخ : 21/04/2022