شيء ما غير مفهوم في دولة كينيا…

عبد الحميد جماهري
بعد أقل من أسبوع على دعوة المغرب لكينيا العودة إلى جادة الصواب، جاء موقف نائب الرئيس الكيني ليعلن مساندة واضحة ولا لف ولا دوران فيها للحكم الذاتي تحت السيادة المغربية…
نذكر أن المغرب، كان قد رفض القرار الأخير لقمة مجلس الأمن والسلم الذي تترأسه كينيا في شخص رئيسها…
وكان بيان الخارجية المغربية قد عبر عن أسف المغرب « للتصرف غير الودي الصادر من جانب كينيا، الدولة التي لم تحترم تاريخها الذائع الصيت والقيم الأصيلة للشعب الكيني الشقيق”، معبرا عن أمله في أن تعود حكومة هذا البلد إلى “جادة الصواب وتكون جديرة بتاريخ وعراقة وأصالة بلد مثل كينيا”.
وهكذا صرح نائب الرئيس الكيني أن “مخطط الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية هو أفضل حل لقضية الصحراء “.
نحن أمام مطبات جيو استراتيجية في أعلى هرم الدولة الكينية بسبب الموقف التحايلي للرئيس من القضية المغربية.
ففي الوقت الذي تحايل فيه الرئيس على المغرب في قمة مجلس السلم والأمن، وساير أطروحة الجزائر، يعلن نائبه موقفا مغايرا تماما…
وحسب قصاصة لوكالة “لاماب”، فإن نائب الرئيس الكيني، ويليام روتو، قال خلال استقباله من طرف سفير المغرب في كينيا، المختار غامبو، مساء الثلاثاء الماضي بمقر إقامته بنيروبي، “أعلن بصفتي نائبا لرئيس كينيا أن مخطط الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية هو أفضل حل لقضية الصحراء.”
كما أكد نائب رئيس كينيا، وهو مرشح لرئاسيات عام 2022 في هذا البلد، أن “تمثيلية البوليساريو في نيروبي ليس لها أي معنى”.
والواضح، أن التصريح لم يكتف بتعبير يعارض سلوك الرئيس، بل توجه بالنقد إلى دولة الجزائر، حيث قال في هذا الصدد إن “النزاع حول الصحراء ليس سوى ذريعة للسماح للجزائر بمواصلة تبديد ثروات شعبها في قضايا خاسرة”، مضيفا أن “خلق دولة انفصالية في جنوب المغرب ليس سوى وهم يغذيه أولئك الذين لا يحبون السلام ولا الوحدة ولا الازدهار للبلدان الإفريقية”.
السفير المغربي أعاد التذكير بموقف المغرب وخيبة أمله من سلوك كينيا، وأكد أن المغرب شعر بخيبة أمل إزاء الموقف الذي اتخذته كينيا في الاجتماع الأخير لمجلس السلم والأمن للاتحاد الإفريقي، مضيفا أن موقف الحكومة المركزية هذا “يتعارض مع الموقف الذي عبر عنه العديد من ولاة المقاطعات وبعض كبار المسؤولين في كينيا”. وأضاف أن هؤلاء أعربوا عن استغرابهم من هذا الدعم غير المشروط من كينيا للجزائر، داعين الحكومة إلى “دعم عملية السلام التي تتم تحت إشراف منظمة الأمم المتحدة لإيجاد حل لقضية الصحراء”.
بين البلدين أكثر من سبب لتوطيد التعاون، وفي لائحة المشترك الاقتصادي هذا، وأشار السفير إلى المشاريع التي تم البدء في إنجازها أو تلك الجاري التفاوض بشأنها بين البلدين، ولاسيما التزام مجموعة المجمع الشريف للفوسفاط بدعم القطاع الفلاحي في كينيا، وعزم وكالة “مارشيكا ميد” على الاستثمار في جزيرة لامو، والشراكات السياسية والاقتصادية بين جهات المغرب والمقاطعات الكينية، من قبيل الشراكة الجارية بين جهة طنجة-تطوان-الحسيمة ومقاطعة مومباسا، والجهة الشرقية ومقاطعة لامو.
ومن الأشياء التي لا يمكن إغفالها، كون كينيا ليست فقط من دبر رئيسها بِليلٍ القرار الصادر عن مجلس الأمن والسلم الذي ترأسه في تاسع وعاشر مارس، بل هي اليوم، من الدول الإفريقية الممثلة في مجلس الأمن الدولي…
وقد كان القرار الذي نحن بصدده، والذي اعتبره المغرب غير ذي شأن ولا يعنيه، قد دعا دولة كينيا، إلى جانب النيجر وتونس، باعتبارها عضوا في مجلس الأمن الأممي الى التحرك من أجل تزكية القرار دوليا
ويسعى أصحاب القرار المرفوض إلى جعل كينيا رأس الحربة والجسر في ما يتمنوه، من قبيل «العمل على الدفاع عن هذا الموقف المشترك في مجلس الأمن. وبتسهيل التنسيق بين مجلس السلم والأمن الإفريقي ومجلس الأمن للأمم المتحدة». في ما يعني نسف حصرية الأمم المتحدة في ملف الصحراء، وإشراك هيئات دولية أخرى..
وهو ما لا يقبله المغرب، ولا الأمم المتحدة …
لم تكن لزيارة سفارة مغربية الأهمية التي كانت لزيارة نائب الرئيس الكيني، وهو أمر بالغ الأهمية،لا بد من تتبعه، وانتظار تفاعلاته، داخل كينيا وفي العلاقة مع الاتحاد الإفريقي، وفي التحركات داخل مجلس الأمن الموسع…
الكاتب : عبد الحميد جماهري - بتاريخ : 25/03/2021