ضربة‮ «‬لمعلم‮»‬،‮ ‬في‮ ‬آلية التشاور‮.. ‬ 2/2

عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr

تبقى‭ ‬الدعوة‭ ‬الملكية‭ ‬إلى‭ ‬إنشاء‭ ‬آلية‭ ‬تشاور‭ ‬وحوار‭ ‬مغربية‭ ‬جزائرية،‭ ‬محاولة‭ ‬جادة‭ ‬للخروج‭ ‬من‭ ‬التضاد‭ ‬القاسي‭ ‬الذي‭ ‬فرضته‭ ‬سياسة‭ ‬الدولة‭ ‬الشقيقة‭ ‬في‭ ‬العلاقة‭ ‬البينية‮..‬

ما‭ ‬كان‭ ‬لهذه‭ ‬الدعوة‭ ‬أن‭ ‬تطرح‭ ‬‮…‬قبل‭ ‬انعقاد‭ ‬المجلس‭ ‬الأممي،‮ ‬أي‮ ‬مجلس‭ ‬الأمن‮:‬
‭ ‬لا‭ ‬عندما‭ ‬كان‭ ‬يناقش‭ ‬نقطة‭ ‬البعثات‭ ‬الأممية،‭ ‬حول‭ ‬حفظ‭ ‬السلام،‭ ‬التي‭ ‬طرحتها‭ ‬أمريكا‭ ‬كنقطة‭ ‬حيوية‭ ‬ولا‭ ‬عندما‭ ‬خصصت‭ ‬جلسة‭ ‬للمينورسو،‭ ‬في‭ ‬ذات‭ ‬السياق‭ ‬مع‭ ‬متابعة‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬«الـغوطا‮»‬، الجزائرية‭ ‬في‭ ‬السياسة‭ ‬والإعلام،‭ ‬غير‭ ‬محايدة‭ ‬بالمرة‮.‬
كما‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬طرح‭ ‬المبادرة،‭ ‬قبل‭ ‬قرار‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬2440،‭ ‬والمجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬يناقش‭ ‬مآل‭ ‬بعثة‭ ‬المينورسو‭ ‬ومهام‮ ‬السيد‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬ومبعوثه‭ ‬الخاص‭ ‬الرئيس‭ ‬الألماني‭ ‬الأسبق كوهلر،‭ ‬ولا‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬أن‭ ‬تطرح‭ ‬المبادرة،‭ ‬والمجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬يناقش‭ ‬حيثيات‭ ‬إنجاح‭ ‬اللقاء‭ ‬الأول‭ ‬في‭ ‬جنيف‭ ‬حول‭ ‬الصحراء‭ ‬في‭ ‬الأسبوع‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬دجنبر‭ ‬‮..‬لأن‭ ‬ذلك‭ ‬كان‭ ‬معناه‭ ‬‮:‬
‭-‬ قبل‭ ‬جلسة‭ ‬مناقشة‭ ‬البعثات‭ ‬الأممية‭ ‬لحفظ‭ ‬السلام،‭‬‮«‬‭ ‬استمالة‮»‬ الطرف‭ ‬الرئيسي‭ ‬في‭ ‬مزاولة‭ ‬مهامها،‭ ‬بما‭ ‬يعطي‭ ‬الانطباع‭ ‬باستباق‭ ‬الموقف‭ ‬من‭ ‬موضع‭ ‬ضعف،‭ ‬والتسليم‭ ‬بأن‭ ‬الموقف‭ ‬من‭ ‬المبادرة‭ ‬المغربية‭ ‬يحدد‭ ‬المبادرة‭ ‬الدولية‮.‬
– ‬قبل‭ ‬قرار‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن،‭ ‬سيفسر‭ ‬الموقف‭ ‬كما‭ ‬لو‭ ‬أنه‭ ‬لجوء‭ ‬مغربي‭ ‬نحو‭ ‬استبدال‭ ‬المجتمع الأممي‭ ‬بالحل‭ ‬الثنائي،‭ ‬والتلويح‭ ‬بأن‭ ‬الموقف‭ ‬المسبق‭ ‬للجزائر هو‭ ‬الحاسم‭ ‬والأفضل،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬مبادرة‭ ‬المغرب‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬المرحلة،‭ ‬كانت‭ ‬ستعني،‭ ‬ولله‭ ‬أعلم،‭ ‬بأن‭ ‬المغرب،‭ ‬الذي‭ ‬يعتبر‭ ‬بأن‭ ‬من‭ ‬شروط‭ ‬المرجعية‭ ‬في‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬حل‭ ‬هو‭ ‬بقاء‭ ‬الملف،‭ ‬حصريا،‭ ‬بين‭ ‬يدي‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن،‭ ‬ربما‭ ‬يريد‭ ‬التنازل‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬المرجعية،‭ ‬والتي‭ ‬ركز‭ ‬عليها‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬في‭ ‬خطاب‭.‬2017 ‬
وقد‭ ‬ورد‭ ‬في‭ ‬خطاب‭ ‬السنة‭ ‬الماضية‭ ‬بالواضح‭‬‮: «‬‭‬الالتزام‭ ‬التام‭ ‬بالمرجعيات‭ ‬التي‭ ‬اعتمدها‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬الدولي،‭ ‬لمعالجة‭ ‬هذا‭ ‬النزاع‭ ‬الإقليمي‭ ‬المفتعل،‭ ‬باعتباره‭ ‬الهيئة‭ ‬الدولية‭ ‬الوحيدة‭ ‬المكلفة‭ ‬برعاية‭ ‬مسار‭ ‬التسوية‮».‬
‭ ‬ومن‭ ‬ضمن‭ ‬هذه‭ ‬المرجعيات‭ ‬الأربع‭ ‬نجد‭ ‬التنصيص‭ ‬أيضا‭ ‬على‭ ‬اشتراط‭ ‬جوهري‭ ‬وأساسي‭ ‬عبر‭ ‬عنه‭ ‬جلالة‭ ‬الملك،‭ ‬بالقول‭ ‬وقتها‭‬‮: «‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬الدروس‭ ‬التي‭ ‬أبانت‭ ‬عنها‭ ‬التجارب‭ ‬السابقة،‭ ‬بأن‭ ‬المشكل‭ ‬لا‭ ‬يكمن‭ ‬في‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬حل،‭ ‬وإنما‭ ‬في‭ ‬المسار‭ ‬الذي‭ ‬يؤدي‭ ‬إليه‮.‬ لذا،‭ ‬يتعين‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬الأطراف،‭ ‬التي‭ ‬بادرت‭ ‬إلى‭ ‬اختلاق‭ ‬هذا‭ ‬النزاع،‭ ‬أن‭ ‬تتحمل‭ ‬مسؤوليتها‭ ‬كاملة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إيجاد‭ ‬حل‭ ‬نهائي‭ ‬له»‮.
‭ ‬ونحن‭ ‬هنا‭ ‬أمام‭ ‬بندين‭ ‬اثنين‭ ‬ضمن‭ ‬المرجعية‭ ‬المتحدث‭ ‬عنها‭ ‬‮:‬
– ‬مشكلة‭ ‬المسار‭ ‬الذي‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬الحل‭ ‬وليس‭ ‬الحل‭.‬
‮- ‬‭ ‬دعوة‭ ‬جميع‭ ‬الأطراف‭ ‬التي‭ ‬اختلقت‭ ‬هذه‭ ‬المشكلة‭ ‬إلى‭ ‬تحمل‭ ‬مسؤوليتها‭ ‬كاملة‭.‬
‭ ‬ويتضح‭ ‬أن‭ ‬المغرب،‭ ‬في‭ ‬دعوته‭ ‬إلى‭ ‬الجارة‭ ‬الجزائرية،‭ ‬يدرك‭:‬
‮-‬‭ ‬ أولا،‭ ‬أن‭ ‬عليه‭ ‬أن‭ ‬يسهل‭ ‬المسار،‭ ‬ويسعف‭ ‬على‭ ‬خلق‭ ‬شروط‭ ‬المسار،‭ ‬الذي‭ ‬يعتبر‭ ‬صعبا‭ ‬في‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬حل‭ ‬ويساهم‭ ‬في‭ ‬خلق‭ ‬شروط‭ ‬التعاون‭ ‬الأعلى‭ ‬والأسمى‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬هدف‭ ‬نبيل‭ ‬وربط‭ ‬الجو‭ ‬الأخوي‭ ‬بالجو‭ ‬العام‭ ‬الذي‭ ‬يرهن‭ ‬المنطقة‮.‬
وسندرك‭ ‬أن‭ ‬القرار‭ ‬الأممي،‭ ‬وتقارير‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬منذ‭ ‬توليه‭ ‬التدبير،‭ ‬يركز‭ ‬على‭:‬
‮- ‬‭ ‬أسبقية‭ ‬المقترح‭ ‬حول‭ ‬الحكم‭ ‬الذاتي‭.‬
‮-‬ مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬الهيئة‭ ‬الوحيدة‭ ‬للحل‭.‬
‮-‬ الرفض‭ ‬لانحراف‭ ‬مسارات‭ ‬التسوية‭.‬
ويبقى‭ ‬أن‭ ‬الاشتراط‭ ‬الرابع‭ ‬والسياسي،‭ ‬هو‭ ‬دعوة‭ ‬الأطراف‭ ‬المعنية‭ ‬بالمشكل‭ ‬إلى‭ ‬المساهمة‭ ‬في‭ ‬الحل‭ ‬وإنضاج‭ ‬مساراته،‭ ‬أما‭ ‬الحل في‮ ‬حد ذاته،‮ ‬فهو‭ ‬مقترح‭ ‬المغرب للحكم الذاتي،‮ ‬ضمن‮ ‬سيادته‭. ‬
ويمكن‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الزاوية‭ ‬أن‭ ‬نضيف‭ ‬أن‭ ‬مضمون‭ ‬الإنجاز‭ ‬المغربي‭ ‬في‭ ‬الصحراء،‭ ‬قد‭ ‬أصبح‭ ‬يحتمل‭ ‬مبادرة‭ ‬سياسية‭ ‬جديدة،‭ ‬ترسمل‮ ‬ما‭ ‬تحقق،‭ ‬ثم‭ ‬تفتح‭ ‬الباب‭ ‬لإنضاج‭ ‬شروط‭ ‬الجوار‭ ‬الجديد،‭ ‬كما‭ ‬تحقق‭ ‬ما‭ ‬خلص‭ ‬إليه‭ ‬قرار‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬الأخير‭ ‬أي‮: ‬‭ ‬دخول‭ ‬المنطقة‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬جديد‭ ‬من‭ ‬التكامل‭ ‬والتنمية‭ ‬المشتركة،‭ ‬وبناء‭ ‬التكتل‭ ‬المغاربي‭ ‬كحاضنة‭ ‬للحل‭ ‬النهائي‭ ‬وللسلام‮.‬
‭‬وعليه،‭ ‬وبناء‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬سبق،‭ ‬فإن‭ ‬التوقيت‭ ‬المغربي‭ ‬مدروس‭ ‬جيدا،‭ ‬وهذه‭ ‬المهارة‭ ‬في‭ ‬ضبط‭ ‬المبادرة،‭ ‬بما‭ ‬تكتسيه،لا‭ ‬تفقد‭ ‬بتاتا‭ ‬من‭ ‬عمقها‭ ‬الصادق‭ ‬والدائم،‭ ‬ولا‭ ‬من‭ ‬روحها‭ ‬الجماعية‭ ‬التي‭ ‬تطالب‭ ‬بها‭ ‬الشعوب‭ ‬المغاربية‭ ‬قاطبة‭ ‬والنخب‭ ‬النظيفة‭ ‬والعاملة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬هذا‭ ‬الفضاء‭ ‬الذي‭ ‬يكلفنا‭ ‬غيابه‭ ‬ما‭ ‬يقارب‭ ‬3‭ ‬٪‭ ‬من‭ ‬الناتج‭ ‬الوطني‭ ‬الخام‮…‬‭.‬
الجزائر‭ ‬إذن‭ ‬أمام‭ ‬دعوة‭ ‬لمرافقة‭ ‬روح‭ ‬السلام،‭ ‬ليس‭ ‬في‭ ‬حدود ‭‬‮«‬لقاء‭ ‬جنيف‭ ‬بل‭ ‬في‭ ‬مسلسل‭ ‬الحل‭ ‬إلى‭ ‬نهايته‮»‬،‭ ‬وهذا‭ ‬له‭ ‬معناه‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يخفى‭ ‬على‭ ‬المتتبعين‭.‬‮…
تبقى‭ ‬إشارة‭ ‬عميقة‭ ‬هي‭ ‬أن‭ ‬المغرب‭ ‬رسم‭ ‬الإطار‭ ‬الأخوي‭ ‬للمبادرة‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬مضامينها‭ ‬وآفاقها‭ ‬من‭ ‬صنع‭ ‬مشترك‭ ‬بأولوية‭ ‬للجارة‭ ‬في‭ ‬الاقتراح‭ ‬‮..‬

الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr - بتاريخ : 09/11/2018