عبد الله الستوكي: يا خريج المغرب، لا تنس أن تعود إلينا دوما!

عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr
بعض الغياب يعطي معنى للحضور، هو الغياب الذي يشكله عبد لله الستوكي في رحيله، ويشمل المهنة التي ارتبطت باسمه، بعد رحيله.
بعض الغياب، غيمة
بعض الغياب أغنية
والحرب تدور أوزارها في ما بين الأحياء الذين دون المهنة..
لم يكن خريج معهد
ولا خريج جامعة
كان خريج المغرب.. وقضاياه وطبقاته السفلى ثم طبقات الهواء النقي في أعالي البلاد..
لم يكن عبد لله الستوكي إعلاميا منذورا للصور
ولا اسم علم يمكن أن يدخل الرتابة ككل الأسماء،
كان رجلا مخصصا للتأسيس، منذورا للبقاء والجدية.
بالرغم من سخريته الحادة كان رجلا يقدر كثيرا على الجدية التي تزعج العابرين
الخفيفين
والمهرولين ..
لم أعش جيله لكنني عشت معه بعضا من حياته النهائية.
بفضل السي محمد عبد الرحمان برادة اقتربت منه. وتجرأت على الفرنسية بحضرته.
كان ذلك في ربيع 2011 بباريس
في ليلة الوزراء..
بمقهى ـ فندق باريسي..
أسعفتني الكأس والعبارة
وقتها..
واستقيت بإحساس عميق بالندم:هل فعلا تجرأت على الفرنسية
وعبد لله الستوكي حاضر؟
أقول تجرأت لأنني كنت أشرب كلماته المكتوبة بعناية أدبية فائقة، في أي موضوع كان، وأتصور أنني لن أستطيع أبدا أن أحصل على العتبة اللغوية بحضوره.
سمعت منه قصصا
وسمعت عنه قصصا أخرى..
ما بين قادة اليسار التقدمي الشيعي وبين القصر وفكاهات الراحلين من الزوار والأدباء والمسرحيين، كان يقيم نبيلا قاسي الملامح واللدغات..
وحضرت معه تجرية الرحيل الواقف على صاحبه مثل دين، عشت معه كيف يمكن للحدس الحيوي أن يفوق الكهانة الطبية: قال الطبيب منذ عشر سنين إنه سيموت..
مات الطبيب وظل عبد الله الستوكي حيا
كما لو أن الحياة طريقته في السخرية من كل أبناء الطب الحديث..
كان عليه أن يجرب بطولة أخيل في حياة أعدته كثيرا للبقاء ..
لم يحب التظاهر لكنه كان ظاهرة لمن عاش بقربه..
لاذع في وصف اليساريين الجدد
ولاذع في تجاهل اليمين
وأحيانا بدا لي كما لو أنه كان يحب أفكار اليسار .. وأناس اليمين..
أي رواية دخلها سيجعلها متميزة وفارقة
وواصفة لجيلين على الأقل من جيل المغرب الحديث..
عبد لله من القلائل الذين جاوروا الدولة، ولِنقُلْ بالسياسة الدارجة المخزن، ولم يتغير
ليس كالكثيرين من أهل اليسار…
ولا كالكثيرين من أهل المعارضة..
اقترب كثيرا من الراحل الحسن الثاني ولم يحترق..
مات بكامل أطراف مبادئه…
بيته، مكتبه
يشهد الذين زاروه على ذلك ويكمل هو الحديث: ببعض الكتب قرأتها مرات عديدة..
نهم في الحياة لأنه نهم في الأدب والمرح والتشكيل والقراءة .. والنقد اللاذع الضاحك..
هو التقدمي الوطني الكوني المحلي الراهب في ثقافة مترامية الأطراف ..
لطالما اتصل بي وهو قيد انشغالاته بخصوص عمود عن موقف أو اتصل بحسن نرايس أو تحدث إلى السي محمد برادة، ولطالما حذرني من بعضهم، ثبت من بعد أنهم يساريون في خدمة النميمة أو الحياة..
فرنسية قاسية!
قاسية الجمال..
كانت حروبه الكبيرة من أجل غنيمة
وأغنية للمهنة وللمغرب..
وككل تقدمي لم يكن وجوده، في سيرته، ما يجعل الكثيرين يشعرون بالخجل: المعرفي والثقافي والسياسي. ومع ذلك كان يحب التنكيت الفني على التبكيت الأيديولوجي
.. سعدت به يناديني «اعزيزي»… سعدت به يطري علي وأشعر بالخجل وسعدت به يحذرني وسعدت به يغريني بهذه الأكلة أو تلك عندما يجمعنا الأحبة على مائدة الحوار والغذاء، من أمثال خليل الهاشمي أو برادة..
واضح في رؤياه وفي رأيه، قدريٌّ مثل فكرة عند باسكال..أو مثل بيت شعر قديم !
أحسنت الحياة عزيزي، لا تنس أن تعود إليها وإلينا دوما!
الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr - بتاريخ : 14/07/2022