عشرون عاما من العهد الجديد

عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr

1 – في معنى تخليد المناسبة بطريقة عادية

كانت الرسالة مقتضبة، حادة ومباشرة، في ذلك اليوم القائظ من يونيو الماضي، حيث أفاد بلاغ لوزارة القصور الملكية والتشريفات والأوسمة، «أن مختلف المؤسسات والهيئات والفعاليات الوطنية، مدعوة لتخليد هذه المناسبة السعيدة بطريقة عادية، ودون أي مظاهر إضافية أو خاصة»…
لماذا وضع البلاغ الطريقة التي يجب أن تتم بها الاحتفالات والهدف منها هذه السنة، بهذه الطريقة المتقشفة، بالرغم من أن عشرين سنة في العمر، تكون ذات إغراء كبير بالاحتفال، حتى بالنسبة لحياة الأفراد البسطاء، فما بالك بعشرين سنة من حكم ملكي أحدث رجة تاريخية في بلاده؟
يبدو أن القصد من وراء ذلك، ألا يكون للناس حجة بإفراغ أسلوب الحكم وطريقة تدبيره السلسة، من كل رمزياته المؤسسة، وأولها البساطة والجدية، والابتعاد عن كل ما غير عاد أوهو في حكم المظاهر الإضافية أو الخاصة..
لم يتم التركيز على هذا الخبر الصغير والبسيط ولكنه فارق ومفارق..
وقد يكون عنوانه، هو عنوان المعنى المراد من عقدين من الحكم الملكي للملك محمد السادس.
ولعل جزءا من الجواب أيضا يكمن في أنه كانت هناك نزعة احتفالية مفاجئة، قد تملكت جزءا من صناع القرار الترابي – ويسهل هنا التحدث عن معرفة بالموضوع –
فأوقف الديوان الملكي كل مبالغة في الاحتفال، أو تفاخر وتفخيم، قد لا يعكس المعنى الذي يريده ملك البلاد من معنى الاحتفال بالذكرى العشرين.
أي فرصة للحصيلة والقراءة المتأنية، والفاحصة، التي تلتزم الخيط الناظم الذي سبق أن كشف بعضه ملك البلاد في ذكرى سابقة، عندما تحدث بلغة قاسية وصريحة عن المؤشرات الاجتماعية…
تلك بصمته منذ اعتلى العرش….
زاوية أخرى تفتح نفسها لقراءة العشرين سنة الماضية.
وقد أعطى جلالته قبسا مما يجب أن تكون عليه لغة ملك البلاد في الذكرى 18 من عيد العرش.
كانت اللغة لا تفسح المجال للاحتفالية المبالغ فيها، وإن كانت تفتح الأمل والتفاؤل على مصراعيهما..
قال الملك:
«إني أعتز بخدمتك حتى آخر رمق، لأنني تربيت على حب الوطن، وعلى خدمة أبنائه.
وأعاهدك لله، على مواصلة العمل الصادق، وعلى التجاوب مع مطالبك، ولتحقيق تطلعاتك.
واسمح لي أن أعبر لك عن صادق شعوري، وكل ما يخالج صدري، بعد ثماني عشرة سنة، من تحمل أمانة قيادتك. لأنه لا يمكن لي أن أخفي عنك بعض المسائل، التي تعرفها حق المعرفة . ومن واجبي أن أقول لك الحقيقة، وإلا سأكون مخطئا في حقك».
وأضاف الملك :«أنا لا أريد، شعبي العزيز، أن تظن بعد الاستماع إلى هذا الخطاب أني متشائم،
أبدا… فأنت تعرف أني واقعي، وأقول الحقيقة، ولو كانت قاسية. والتشاؤم هو انعدام الإرادة، وغياب الآفاق والنظرة الحقيقية للواقع».
إن خطابا بهذه الحمولة الصادقة والقوية، لا يمكن أن ننتظر منه المصادقة على ما نبه إليه بلاغ الديوان، أي «مظاهر إضافية أو خاصة…».

الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr - بتاريخ : 19/07/2019