عندما تحلم الجزائر بإعادة إسبانيا إلى المنطق الاستعماري!!! 2/1

عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr

اختارت دولة الجزائر أن تستعد لشهر أبريل، المعروف سنويا بأنه شهر الصحراء في مجلس الأمن، بحوار رئيسها عبد المجيد تبون لقناة «الجزيرة». وإذا كان الرئيس لم يأت بجديد في ما يخص العلاقة العدائية مع المغرب، فقد أذهل المتتبعين، ومنهم الإسبانيين بالتحديد بما صرح به حول الموقف الإسباني الأخير للجارة الشمالية، والتي انحازت فيه إلى الحق المغربي.
لم يجد رئيس دولة الجزائر فعليا، والمبعوث الأممي «استفان دي ميتسورا» يتصل بأطراف الملف بُغيةَ تحرير تقريره إلى مجلس الأمن، ما يقدمه من جديد في القضية، بعد الانحسار الكبير الذي عرفته أطروحته وتحركات ديبلوماسيته، مقابل ما يتجدد ويتدعَّم في مواقف المغرب، أوروبيا وعربيا وأمريكيا وفي قارات العالم، فاختار أن يستظل بالتاريخ كما يسوغه له فهمه العجيب.
لقد تحدث الرئيس الجزائري عن الدولة الإسبانية، كما لو كان يعرفها أكثر من الإسبانيين أنفسهم، ومدعيا أن الموقف المعرب عنه في رسالة بيدرو سانشيز كان موقفا فرديا، ولا يلزم الدولة ولا الملك فيليبي ولا الحزب الاشتراكي ولا غيرهم من المؤسسات! كما لو أن إسبانيا جمهورية كما جمهوريات الموز التي لم يعد لها من مثيل في العالم (إذا استثنينا جارتنا الشرقية طبعا!).
ويبدو أن هذا الجنوح الرئاسي الجزائري قد أصبح سنويا، مرتبطا بشهور مارس وأبريل وماي.. على شكل حساسية موسمية، لا تخلو من خطورة على الصحة الديبلوماسية للدولة وللرئيس معا.
فقد سبق لنفس تبون أن جمع حوله إعلام بلاده، في شهر أبريل سنة 2022 وتفوه بنفس الكلام تقريبا. ووقتها لقي الرد من وزير الخارجية الإسباني خوصي ألباريس، الذي وصف كلامه بـ”البوليميك العقيم”، مضيفا “أن القرار الخاص بالصحراء قرار سيادي، ويدخل في صميم القانون الدولي..”.
وفي المناسبة الحالية، كان الرد من… أمريكا اللاتينية التي تم فيها رفض قبول البوليزاريو بصفة ملاحظ في القمة الإيبيرية الأمريكية، وهو الرفض الذي كان بحضور العاهل الإسباني ورئيس الحكومة بيدرو سانشيز!
وما يثير الشفقة السياسية والإنسانية هو هذا الإصرار الجزائري على العودة إلى منطق الاستعمار، لعل المغرب يخسر في قضية الصحراء المسترجعة، وهو ما يظهر جليا من إصرار النظام الجزائري على «منح» إسبانيا صفة القوة المديرة في الصحراء بالرغم من أنفها، وبالرغم من الأمم المتحدة، حتى يجد مخاطبا «استعماريا» في قضية حسمت بالنسبة للمغرب..
فالنظام العسكري وواجهته المدنية في الجزائر يسعيان إلى العودة بإسبانيا إلى منطق الاستعمار وإحياء نزعتها في التحكم في مستقبل مستعمرتها السابقة كي تنتصر مجموعة تبون في معركة الصحراء!!!.
لقد كرر تبون فعلا ما قاله منذ سنة بخصوص أسطوانة «الأمم المتحدة، تعتبر أن إسبانيا القوة المديرة للإقليم، طالما لم يتم التوصل لحل»… ولا يمكننا، بدورنا سوى أن نكرر التعليق الذي قلناه منذ سنة مرت: إن الرئيس الجزائري يثبت هنا قدرة رهيبة على… العماء التاريخي والجهل الجغرافي والتزوير العمدي للحقيقة، كما تعرفها الأمم المتحدة، وتعرفها إسبانيا ويعرفها تابعوه في مخيمات العار والسراب. ويطرح أيضا بالنسبة للمتتبعين بعض التوضيحات:
أ ـ أولا في توضيح مفهوم القوة المديرة: من الواضح أن المفاهيم الضابطة للقانون الدولي، قد اختلطت في ذهن الرئيس عبد المجيد تبون بين «القوة المحتلة سابقا» للصحراء و«القوة المديرة للإقليم» كما يسميها.
فهو لا يريد أن يعرف بأن “القوة المديرة” مفهوم مؤطر دوليا بالقانون، وبأدبيات الأمم المتحدة، كما هو متعارف عليها دوليا، ولا يخضع، كما يتوهم، إلى رغبات باثولوجية يريدها أن تصبح حقائق دولية..

الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr - بتاريخ : 31/03/2023