عندما تنبأ الملك بأزمة الخليج منذ سنة!
عبد الحميد جماهري
لا يمكن أن نقرأ الموقف المغربي الحالي، بدون استحضار البعد التنبؤي، الذي طبع خطاب ملك البلاد في قمة الرياض في ربيع السنة الماضية.
فلعل الزاوية التي تحدث منها ملك المغرب، في ارتباط بتطورات الوضع الإقليمي لدول الشرق الأوسط وغربه، هي زاوية الاستقرار والتوقعات الكارثية بالنسبة لها في هذه القمة الأولى من نوعها في تاريخ المنطقة وتاريخ العلاقة مع المغرب:
* وجود تحالفات جديدة، قد يؤدي إلى التفرقة، وإلى إعادة ترتيب الأوراق في المنطقة«.
وهي تحالفات تمس إقليميا، التواجد الإيراني في القرار الخليجي، ودوليا، العودة القوية لأمريكا على أساس ضرب التماسك المحلي..
* التحالفات المذكورة حرفيا، عرّفها الملك بكونها» في الحقيقة، محاولات لإشعال الفتنة، وخلق فوضى جديدة، لن تستثني أي بلد. وستكون لها تداعيات خطيرة على المنطقة «.
وربما لن تقل هذه التداعيات عما جرى في حرب الخليج الأولى، وبعدها الثانية ثم تزامن الحرب الثالثة ومخلفاتها مع تفكيك الدول عقب الربيع العربي …
* التحذير الملكي من اقتراب وقوع »خريف كارثي«، يستهدف وضع اليد على خيرات باقي البلدان العربية، بعد تفكيك سوريا والعراق وليبيا ومحاولة ضرب التجارب الناجحة لدول أخرى… ومنها المغرب. وقد يعني ذلك أن زرع الكارثة في الخليج، يفتح الباب إلى زرعها في المغرب الكبير، والمغرب عبر ضرب نموذجه..
الخليج فضاء لشراكة استراتيجية، منذ ميلاد مجلس التعاون في 1981، على إيقاع حرب الخليج الأولى بين عراق صدام حسين وإيران الخميني..
وهو عنوان للتعاون الإقليمي الناجح الذي يسعى إليه المغرب، وبالتالي فالمس به، من زاوية الديبلوماسية المغربية كما يبدو للمتتبع يعد مسا بالنموذج الذي يسعى المغرب إلى تقويته..
* المجلس عرض على المغرب شراكة استراتيجية على ضوء الربيع العربي، والذي كان وقتها قد بدأ في تقويض العديد من الأنظمة وتفكيك العديد من الشعوب ..
وهو ما شكل محور خطاب الرياض في 20 أبريل 2016.
وفي خطاب الملك تساؤل محوري:
ماذا يريدون منا؟
بجواب محوري لا يقل جرأة:» نحن أمام مؤامرات تستهدف المس بأمننا الجماعي. فالأمر واضح، ولا يحتاج إلى تحليل . إنهم يريدون المس بما تبقى من بلداننا، التي استطاعت الحفاظ على أمنها واستقرارها، وعلى استمرار أنظمتها السياسية . وأقصد هنا دول الخليج العربي والمغرب والأردن، التي تشكل واحة أمن وسلام لمواطنيها، وعنصر استقرار في محيطها« .
* السيادة في القرار أمام أي تحالفات ممكنة، قد كان منذ سنة يتوجه بالنقد إلى دول القوى العظمى، لكنه ينسحب أيضا على القوى الإقليمية، في السياق الحالي :»المغرب حر في قراراته واختياراته وليس محمية تابعة لأي بلد . وسيظل وفيا بالتزاماته تجاه شركائه ، الذين لا ينبغي أن يروا في ذلك أي مس بمصالحهم..».
وهو ما يعني أن القرار لا يمكن أن يكون تابعا بدون أفق سيادي..
* المغرب اصطف مع القوى الداعية إلى العمل السلمي والديبلوماسي …ومنها القوى الأوروبية الأساسية..ألمانيا وفرنسا، مع ما نعرف منذ مدة من مواقف حذرة إن لم نقل محتاطة من التوجه الأمريكي الجديد الذي يقوده دونالد ترامب، ومن المنتظر أن يكون على جدول مباحثات ماكرون مع العاهل المغربي الأزمة في الخليج التي يرغب كل منهما في توحيد جهودهما للوساطة.
وأعلن قصر الاليزيه أن “الرئيس ماكرون تحدث مع كل قادة دول المنطقة ودعا إلى التهدئة. هذه الجهود يمكن أن تُضم إلى دور الوساطة الذي يريد المغرب القيام به” مضيفا أن الرئيس والعاهل المغربي “يريدان تنسيق تحركاتهما لكي تكون فعالة بأكبر قدر ممكن”.
* جدول أعمال المصالحة في الوساطة التي يقودها المغرب واقعي، و بعيدا عن النوايا الحسنة، فهو يضم ثلاث نقط:
على أساس حوار صريح وشامل مضامينه تتمثل في :
– عدم التدخل في الشؤون الداخلية..
– محاربة التطرف الديني
-الوضوح في المواقف والوفاء بالالتزامات.
وقد سبق للملك أن أعلن، مرة أخرى، عن وحدة الموضوع ووضوح المواقف، وهو يختم الكلمة التحذيرية القوية في القمة المذكورة عندما ربط بين هذه المواقف وصعوبة المرحلة بالقول » إننا نعيش مرحلة فاصلة، بين ماذا نريد، و كيف يريد الآخرون أن نكون .
إننا اليوم، أكثر حاجة لوحدة المواقف ووضوحها، بين كل الدول العربية. فإما أن نكون جميعا كالجسد الواحد والبنيان المرصوص، يشد بعضه بعضا، أو أن نكون كما لا نريد«… .
الكاتب : عبد الحميد جماهري - بتاريخ : 15/06/2017