عندما صار الإلحاد في صلب الدولة!

عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr

لا يحق لأحد، ومنهم العبد الفقير لرحمة ربه أن يقترح على شبيبة وطنية، اختارت الإسلام السياسي كمذهب ، اختيار فقهائها..

ومنظريها..
وإيديولوجييها..
ولا يحق لأحد، بالأحرى إذا كان »فارقا« سياسيا أن يملي عليها سلوكها، لكن قد يقتضي الدين النصيحة أن نقول بأن الفقيه الريسوني، ليس هو أحسن من يشحذ الهمة، لدى الشباب، ويرفع القامة في ظرف سياسي وتنظيمي جدير بالتريث والقراءة..
قبل الجامعة، كان الفقيه الريسوني قد كفّر الدولة!
لم تمض سوى سنوات قليلة ( 2012/2013) على تكفير الدولة برمتها
حتى عاد إلى الجامعة واليسار..
في الموضوع رابط تيماتيكي، لا يخفى ..
الجامعة قبل الفتح..
والدولة إلى ما بعد الفتح..
**
مرت ست سنوات على اتهام الدولة بالكفر
ولم تجب..
هل عليها أن تجيب؟
لست أدري، لكن تهمة مثل هاته، ربما كانت تستوجب توضيحا لعموم المومنين والمسلمين الذين يعتبرون أن إسلام الدولة شرطُ امتثال لها..
وباسم هذا التدين، كانت الدولة تقيم ملكية الفصل 19..
على أي، سنقول ما علينا أن نقوله كمواطنين مسلمين في دولة نطالبها بالأمن الروحي صباح مساء..
**
منذ خمس سنوات خلت، أعاد الفقيه أحمد الريسوني ساعة المغرب إلى دورتها الأولى، عندما اتهم طاقما من الدولة بأنه ملحد، وينشر الإلحاد.. ولم يحدد من هو هذا العنصر الملحد في دولة يقول دستورها إنها دولة الإسلام، ولكن هذا يعني أن هذه الدولة، في موقف يناقض دستورها من جهة، كما أنها في موقف تناقض به مجتمعا برمته من جهة ثانية… لأن ما يلحد نصفه، أو بعضه أو أغلبه لا يمكن أن يغفل كله!
(…) بالنسبة للفقيه «تغلغل الملحدون في الدولة»، وهو ما لا يقابله سوى القول بأنهم السلطة الأساسية فيها، وفي توجيهاتها!
(..) إن التغلغل يعني الاختراق الأكبر، والاستقرار في الدولة والقدرة على توجيه دفتها، وإمكانية استصدار القرارات والتعليمات باسمها، وكذا القدرة على توظيف الموارد البشرية، والمشاريع التي تساير الطرح الإلحادي في هذه الدولة.
إن التصريح يعني أننا عدنا إلى لحظة الفتح الأولى.. وقد صار لزاما على «أبناء الأمة» إسقاط الملحدين وتحرير الدولة منهم!
إني أرى عقبة بن نافع على صهوة جواده يخوض حرب التحرير اللاهوتية، مع فرق بسيط هو أن المجتمع مسلم،
لكن ، يريد الريسوني (…) أن يقيم الحجة على إلحاد الدولة وإلحاد جزء من المجتمع، ولكي يبرر، ولله أعلم، حقبة الفتح الإسلامي الجديدة.. إن السؤال الذي يعقب هذا الكلام هو: متى يعلن الفقيه لائحة الملحدين في الدولة؟..
لم يسبق للفقيه الريسوني أن كان أحد رجالات الدولة، ولا من أعوانها و خدامها الكبار، ويمكن أن نجزم بأن الرجل لم تكن له كثير اتصالات بصناع القرارات فيها، ولهذا نجد أن من المشروع أن نطرح السؤال: من أين جاء بهذا اليقين؟
من أين له بالتأكيد أن التيار الإلحادي مقيم في الدولة، وفي صلبها، وفي أطرافها؟
ظاهريا، لا أحد ولا شيء يبين له بالحجة ذلك، لكن المؤكد هو أن فكرته عن الدولة سابقة عن الخبر أو المعلومة. فكرته عن الدولة هي الفكرة التي يؤمن بها جزء من الذين يعتبرون أننا محكومون بالملاحدة منذ موت عثمان بن عفان رضي لله عنه ونهاية دولة الخلافة والراشدين…!
كما رددنا في مقالة أخرى: أريد أن أضع لائحة للمتغلغلين؟ هل هم الذين ينشرون، بين الفينة والأخرى، دعوات يعتبرها غالبية الناس استفزازية، أكثر منها دعوات ذات مستقبل أو تأثير في المزاج العام؟
أبدا، هؤلاء لا هم متغلغلون في الدولة ولا هم متغلغلون في المجتمع، ولا يدعون ذلك أبدا؟ ..
الدولة حسب التعريف المتداول، وبلا لف ولا دوران، هي أولا أجهزة الجيش والأمن، البرلمان، القصر، المخابرات، الحكومة، والشروط المكملة لها، التنفيذ والتشريع والقضاء، والإدارة، … الدولة هي مؤسسة المؤسسات … وعلى أنصاره أن يحرروها وإمارة المؤمنين من «وضعية الرهائن»…
الفقيه الريسوني، ليس خطيبا عابرا، بل هو أحد أقطاب التفكير الأصولي ومرجعية من مرجعياته التي تعتبر، بدون مبالغة، سلطة
لها من يحبها ومن يطبق ما تقول ..
وعندما يعود المشروع التعبوي ليدور حول الإلحاد في الجامعة والمجتمع والدولة، هناك ما يجعل الأمر مثيرا للنقاش..
من جديد..

الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr - بتاريخ : 08/08/2017