عن إرث اليوسفي 1/2

عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr

أتريدون أن تحرجونا بأجمل ما فينا؟

 

كثيرون يلوحون في البراري باسم وسيرة اليوسفي،
خلقا عاليا
اعترافا بالرجل، وبوطنيته وصرامته الأخلاقية
ومثاليته السياسية..
الأغلبية من القاعدة إلى القمة، تعرف أنها تحيي إرث وطني ومناضل وحقوقي وسياسي رفيع الطراز، أحد العابرين الكبار لقرن من الثورات والحروب والنضالات والمواقف والمجازر والإغراءات
ومع ذلك ظل حيا،
بعد الحياة أكثر..هؤلاء الذين يرفعون قبعاتهم عاليا لتصل قامته
لهم الحب كله
والتقدير كله..
لكل الذين قرأوا سيرة الرجل بالقلوب الصافية
والذين يعتبرون أن جزءا من حياتهم مدين لحجياته ولصواب مواقفه وصرامته الأخلاقية.
كل الذين وجدوا في مظلته الواسعة سقفا يقي من ضربات السياسة الغادرة ومن أمطار السوء ومن الإغراءات
لكل الذين لم يسقطوا في الفخ الفرودي الحاجة إلى قتله، في أوديبية نكوصية دفع اليسار ثمنها غاليا..
لكل هؤلاء الحق في أن يمدحوا دروس الغياب،
ودروس الحضور،
وخلود الرجل وخلود السلوك.
البعض الذي يجعل منه قميص عثمان، في حرب ليس له فيها ولاية ولا راية..
هؤلاء الذين يريدونه أن يستل أخلاقه لكي يقتل أبناءه،
أولائك الذين لم يجدوا من سيرته إلا ما يعتقدون أنه إرث سيحرج الورثة،
وبعض يريد أن يجد في اسمه ورايته ما يبدو له محرجا للاتحاديين
وللاتحاديات .
نقول : أهلا، ونحن نسأل هذا البعض:
أتريدون أن تحرجونا بأجمل ما فينا؟
شكرا لكم..
أحرجونا بمن شئتم منا، أحرجونا زيادة،
بأجمل ما فينا..
وإذا توقعتم أننا سنغضب عندما يرفعون راية السي عبد الرحمان، انتظروا قليلا حتى تسمع آذانكم ما تقوله أفواهكم..
أبدا، فهذا الإرث لم تسبقه أية وصية سوى ما تركه الشهداء والوطنيون الشجعان..
منكم من كان يكيل له الصاعات بلا حد،
عندما تولى الرسالة التوافقية في أيام التناوب.
ومنكم من رأى فيه مقايضا،
لم ننتظر رحيل اليوسفي رحمه الله لكي نتمثل إرثه،
ولا لكي نفتخر بصرامته المثالية في الوطنية،
ولم ننتظر أن يرحل لنذهل به في المباهلات، ولا لكي ننتظر كم اقتربنا منه
وكم ابتعدنا..
لهذا عندما يرفع ، كثيرون إرث اليوسفي من خارج أبناء اليوسفي، يسرنا ذلك كثيرا،
لا لأنه اعتراف بقيمته، بل تلك قيمة وطنية، بل لأنه، كما أراد في حياته ودوما ، صارت للمغاربة ذاكرة موحدة يكون الجميل فيها والقوي والشجاع إرثا وطنيا مشتركا
..
نحن نسأل البعض أعلاه:
الذي منكم يرفع الإرث في المنهجية الديموقراطية، ألا يحسن بكم أن تنسوها
وصراحة أن تنسوها بالمرة، لأنكم كنتم من أدوات قصفها وضربها وتعطيلها وخدمة أعدائها..
أو أن تعترفوا بأنكم كنتم فرسان الهيكل القديم،
الذي نخرج منه بقوة الإجماع حول المشروع العام للديموقراطية والتحديث والمصلحة الوطنية..؟
ومن يرفع في وجهنا مواقف الفقيد من السيرة السياسية في الانتخابات:
نقول بلا مواربة:
ألم يكن المجد كله يعني لكم أن تهدموا تجربته وتجربة حزبه، وأن يكون الإرث الوحيد هو … موتهما؟
الذين يتحسرون على إرث اليوسفي في السياسة والتدبير العالي لمسار الدولة والاقتراعات،
ألم تجدوا في وصية الإرث ولو بندا واحدا يطلب منكم أن تتعففوا من ريع الانتخابات والتعويضات؟
فلماذا ترون اللائحة ولا ترون التعفف؟

الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr - بتاريخ : 22/10/2020