فضيحة البرلمان الأوروبي: إصدار الحكم قبل انتهاء التحقيق!!!!

عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr

سيسجل في صحيفة التاريخ أن البرلمان الأوروبي قد أصدر توصية ضد المغرب، في قضية ما زالت قيد التحقيق بخصوص استعمالات برمجية «بيغاسوس» للتجسس قبل أن تقول لجنة مخصصة لهذا الغرض كلمتها.
سيسجل التاريخ للديموقراطية البرلمانية الأوروبية (ذات نموذج كوني) أن البرلمانيين أصدروا الحكم ضد المغرب، ثم ناقشوا القضية من خلال لجنة برلمانية…
سيسجل تاريخ البرلمان للخضر واليسار الراديكالي وملف اليمين المتطرف أنهم أدخلوا الكافكوية في الديموقراطية الغربية، بطريقة تحيل على الحكم الشمولي في جزء من القارة إبان جزء من تاريخها:
لقد أصدروا الحكم، ثم طلبوا من المغرب أن يبحث عن… التهمة!
بدأت القضية في البرلمان الأوروبي بتشكل لجنة للتحقيق في المزاعم التي أطلقتها «فوربيدن ستوريز» و«أمنستي» وغيرهما من مفازات اليسار الطفولي، حول استعمالات المغرب لبيغاسوس التجسسي…
هذه اللجنة الموسعة، بحيث ضمت 38 عضوا، تشكلت في مارس من سنة 2022، في عز الحملة ضد المغرب، واشتغلت لمدة ثمانية أشهر، وخلصت إلى أن المغرب فوق الشبهة، رغم وضعه تحت المجهر.
وتحدى المغرب المناوئين له، فطلب أولا من «أمنستي» ورفاقها تقديم دليل ملموس على ما زعمته في تقاريرها، ثم تحدى الأوربيين كلهم عندما توجه إلى اللقاء الفرنسي في القضية ذاتها، ورفع دعوى ضد متهميه، وعوض أن تكون الفرصة للقضاء لإثبات مزاعم دولته العميقة، فقد رفض بحجة أن الدول لا ترفع دعاوي في المواضيع المشابهة.
وبعد ذلك جاء القرار التوصية في 19 يناير الذي ودعناه، وتضمن اتهام المغرب باستعمالات «بيغاسوس»، بناء لليقين السياسي الذي يحرك الإرادة المناوئة للمغرب وقضاياه..
وبعد أن صدر القرار، تقرر عقد اللجنة الخاصة بما سماه ذات البرلمان الجيوبوليتيك بيغاسوس!!!
بمعنى أوضح أن القرار صدر قبل أن تعقد اللجنة الثانية اجتماعها المقرر يوم غد الخميس 9 فبراير، الذي وضع المغرب في جدول أعماله!!
الواضح أن هذا التعامل الذي يليق بجمهوريات الموز، يأتي في إطار تصعيد وضغط على المفوضية الأوروبية التي لم تساير البرلمانيين في حركتهم ضد المغرب!
طبعا، كل الذين وردت أسماؤهم من رؤساء الدول ورؤساء الحكومات الغربيين، لا سيما بيدرو سانشيز ومجموعته برأوا المغرب، والفرنسيون الذين كان من ضمنهم ايمانويل ماكرون يدركون خلفية اللعبة ولم يطالبوا المغرب بأي تفسير..
بطبيعة الحال احتفلت الوكالة الرسمية في الجزائر ودروعها الإعلامية، بالاجتماع ليوم غد الخميس، وأعربت بأنه نصر لها ولسادتها العسكريين، ولا أحد شعر بالخجل من الأوروبيين أن تتم الأشياء بهذا الشكل في مؤسسة ترمز إلى نضج أوروبا وقيمها الكونية في الديموقراطية والعقل والعدالة…
لم تعتذر «لوموند» الذي رفع المغرب ضدها الدعوى القضائية، وبالرغم من عدم تثبت ادعاءاتها
كما لم تعتذر «فوربيدن ستوريز»، بالرغم من اشتراكها مع «لوموند» في الخطأ وفي الهجمات وفي المعاكسة العلنية للحقيقة..
ومع ذلك نعتبر بأنهم أقل من أن يشعروا بالخجل، أما البرلمان الأوروبي فالفضيحة أكبر حيث أثخن الحقيقة بالطعنات، وذهب بعيدا في استعمال الزور والعمل بالزور!
أخلاقيا، هل يمكن للبرلمان الأوروبي أن يصبح نموذجا؟
هل يمكنه أن يقدم الدروس، بعد الإخلال بأبجديات التحقيق البرلماني وألف باء العمل التشريعي؟
ثم لماذا سكت البرلمان الأوروبي عن 22 دولة من دوله متهمة بذاتها باستعمالات «بيغاسوس» الإسرائيلي؟
هل أكلت اللجنة لسانها مثل القطط، لأن الإسرائيليين أخبروهم بأن دولهم هي المعنية الأولى بالبرنامج التجسسي، في حين كانوا يبحثون عن «الدول المتخلفة وغير الديموقراطية» كبش فداء، بل كعروس فداء معدة للذبح على عتبات التدخل الأوروبي؟
هل حقوق المواطنين الأوروبيين أقل شأنا من المواطنين في الجنوب وفي المغرب؟
كجواب نقول إن الحقيقة يجب البحث عنها في… الكذب!
نعم في الكذب الأوروبي على الدول التي تريد أن تستقل بقراراتها ولا تخضع لحراسة المستعمر السابق…
إننا أمام محاكمة كافكاوية بكل المقاييس، يكون فيه المغرب الطرف الذي يجب أن يحاكم قضاؤه وديبلوماسيته وأمنه، في مسلسل يمكنه أن ينتهي ويبدأ بمعاقبة البلاد بدون الحاجة إلى منطق وقناعات ودلائل ولا مسار. نحن أمام محاكمة تذكرنا بالخلفية الستالينية التي تتحكم في جزء من نخبة اليسار الأوروبي، وتحكمت في عمليات التطهير purges على طريقة أب الشعوب جوزيف ستالين!

الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr - بتاريخ : 08/02/2023