فوز الاشتراكيين انتصار للمغرب..
عبد الحميد جماهري
يمكن للرأي العام المغربي أن يعتبر، بدون مخافة الخطأ، فوز الاشتراكيين الإسبانيين، انتصارا للمغرب في الدائرة الشرق متوسطية.
أولا، في شخص القائد الاشتراكي الجديد نفسه، والذي قاد حزبه إلى انتصار فريد منذ قرابة عقد من الزمن، أي من خلفه وأستاذه لويس ثباتيرو في 2008، باعتبار أن انحيازه والتزامه بالمغرب، لا شبهة فيه، ولا تضمينات غير قابلة للقراءة..
ينطلق الفائز الجديد في الانتخابات الاسبانية، من أن المغرب يشكل «المفتاح» لبلاده وحكومته، كما أنه يعد بلدا محوريا في استقرار المنطقة المتوسطية بكاملها..
ومن علامات ذلك، ما كتبه في عز الحملة الانتخابية، إذ نشر في مجلة «السياسة الخارجية»، العدد رقم 188 الصادر في ماي/ يونيو، مقالا بعنوان «السياسة الخارجية كما تلتزم بها اسبانيا”، ورد فيه أن “الحوض المتوسط والمغرب الكبير، يشكلان منطقة ذات قرب استثنائي مع اسبانيا، وليس قربا فيزيقيا فقط. وأريد أن أخص بالذكر بلدا من هذه المنطقة، وهو المغرب، كمفتاح لاسبانيا ولحكومتي. فعلاقتنا تمتلك بعدا إنسانيا واستراتيجيا كبلدين جارين وصديقين، يتعاونان تعاونا لصيقا، في مجالات ذات أولوية، أحدهما كما أسلفت الذكر، يتعلق بتدبير موجات الهجرة»
يعتبر بابلو سانشيز أن «تقدم المغرب ورخاءه يشكلان عنصرا حاسما في استقرار شرق المتوسط، وبشكل ملموس بالنسبة لاسبانيا».
وقد أشار الرئيس الجديد للحكومة الإسبانية إلى زيارته السابقة، عند تعيينه، بعد سقوط حكومة راخوي اليمينية، والتي التقى بها جلالة الملك ورئيس الحكومة سعد الدين العثماني..
ولابد من التذكير هنا، بأنه أصر على أن تكون أول زيارة له إلى الخارج، هي زيارته لبلادنا، في سلوك أسسه القادة الاشتراكيون في تقاليدهم السياسية الخارجية..
عنصر الانتصارالذي يرتبط بمصلحة بلادنا، يوجد في هزيمة اليمين التقليدي، الذي أصيب باندحار حقيقي وغير مسبوق في تاريخه أيضا..
وقد ظل هذا اليمين المنحدر من بقايا العهد الفرانكي، متقلبا في أحسن الحالات، وثابتا في عداوته لبلادنا في أغلبها. ولعل التوترات الكبرى التي عرفتها بلادنا في العقد الأخير كانت بسببه، ويكفي التذكير بفصل جزيرة ليلى، وبالمواقف المعادية التي خرج المغاربة للتنديد بها في مسيرة غير مسبوقة ضد حزب سياسي مناوئ، وغير مسبوق في النهر البشري الهادر الذي خرج وقتها..
كما أن الفوز الاشتراكي، شكل سدا في وجه النزعات الأكثر تطرفا في اليمين الاسباني، ممثلا في حركة «بوكس»، والتي يشكل الفرانكويون العتاة عمودها الفقري. وهي تعلن بوضوح لا مواربة فيه، عداءها للمغاربة والمغرب، كبلد وكمهاجرين وكأرض..
وبهذا الخصوص، كان لافتا في مقالة الإعلان عن السياسة الخارجية للقائد الاشتراكي، أنه خص المغرب بالإسم، حين الحديث عن الاتحاد الأوروبي وأشكال الهجرة واللجوء.
وقد أفاد في فقرة طويلة حول الموضوع، مرافعة عن المغرب، حيث دافع بالقول: «لسنا في حاجة إلى اختلافات غير ضرورية ، بل إلى سياسات مندمجة وفعالة تطبق بتشاور مع شركائنا، بُلْدان الأصل والعبور. وهذا ما دافعت عنه في المجلس الأوروبي الأول الذي حضرته، والذي التزمت فيه أوروبا بمساعدة اسبانيا واعترفت فيه بدور المغرب، الشريك الأساسي في هذا المضمار. وقتها التزمنا بـ 140 مليون يورو لمساعدة المغرب لمواجهة ضغط الهجرة المتزايدة في الآونة الأخيرة. وهو مجهود مهم، لا بد من تقويته ودعمه على المديين المتوسط والبعيد، عبر شراكة استراتيجية حقيقية بين الاتحاد الأوروبي والمغرب»..
عبارة ليست في حاجة إلى الشرح أو التعقيب، بفعل قوتها وبفضل وضوحها الإنساني والاستراتيجي…
الكاتب : عبد الحميد جماهري - بتاريخ : 01/05/2019